الحاج أحمد أمين علي سالم من أقدم الفلاحين بقرية بني قريش مركز منيا القمح شرقية من مواليد 1934 يجيد القراءة والكتابة، فصيح اللسان لديه حمية ونخوة وكرامة الفلاح المصري الأصيل محبا لأرضه كعرضه وهو محبوب من أبناء قريته ولذلك نسب إليه الرئاسة الشرفية للجمعية الزراعية، يذكرك بالفلاح الفصيح في العهد الفرعوني 2200ق. م الذي احتج بالشعر أمام وزير ضد من ظلمه عندما قال ' أقم العدل أنت يامن مدحت وارفع الظلم عني ثم وصولا إلي حطم الظلم ورسخ الحق فإنه إرادة الإله وحقق العدالة لأنها خالدة الذكر فهي تنزل مع من يقيمها إلي قبره حين يصبح وحيدا ' بسبب دوره في القرية وسعيه إلي التنبيه والتوعية من أجل مصالح القرية بالمساجد والأماكن العامة وقيامه بعمل الشكاوي والتلغرافات المتعلقة بالزراعة، وجرأته بملامح وجهه ولفة الشال علي رأسه وشاربه وتجاعيد وجهه التي تعكس السنين تذكرك بالفلاح الثوري 'محمد أبوسويلم ' في فيلم الأرض الذي أداه محمود المليجي الذي حاكي معاناة الفلاح المصري ووقوفه ضد الإقطاع في فترة الثلاثينات من القرن الماضي وتشبسه أثناء سحله بجذور الأرض التي تختلط بدمائه. وعندما قابلنا عم أحمد وسألناه عن رحلته الطويلة وعم شاهده من أحداث وعن تعليقه علي حال الزراعة والفلاحين وعن رأيه في ثورة يناير التي توجت بالنجاح في ثورة الثلاثين من يونيو وعن حال مصر الآن فبدأحديثه عن كفاحه ومعاناته في الحياة فقال أولا نحمد الله علي إزاحة الإخوان ورئيسهم عن مصر ودي كانت غمة ربنا شالها عنا والشعب الآن عرف عدوه من حبيبه ونشكر جيشنا العظيم اللي عمره ما خيب ظننا فيه لأنه سيف الشعب الحامي وحامي الوطن، أما عن حياتي وكفاحي كفلاح ومواطن مصري أصيل فأنا عشت فترة الملك فاروق ثم ثورة يوليو مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ونصر أكتوبر مع الرئيس السادات وعهد حسني مبارك ثم ثورة يناير وانتخاب محمد مرسي للأسف ثم يوم 30 يونيو اللي باعتبره عيد كل ثوراتنا لأن الشعب خرج كله وشفناه بالتلفزيون كتلة بشرية خوفت العالم ودي حاجة تفرح دا هنا في قريتنا بني قريش بمركز منيا القمح خرج شباب وأطفال البلد يلفوا الشوارع والناس ترمي عليهم كرملة عشان طردنا الإخوان قبل رمضان السنة إللي فاتت ، وأما عن الحياة زمان قبل ثورة 1952 وعهد الملك فاروق كانت حياة صعبة قوي علي أهل القري والعزب وتقدر تقول كانت الحياة ضنك لأن أراضينا كانت صغيرة وبالإيجار ومتكفيش حاجتنا ، ومكنش قدمنا أي عمل غير الفلاحة ومعظمنا كان بيروح الوسية عند أراضي الأباظية والمعاملة كانت صعبة واليوم طويل والأجر زهيد ومفيش أي خدمات بالقرية لاعلاج ولاصحة ولا تفكير في تعليم، وكنا بنروح الغيطان والوسية وناخد معنا منديل محلاوي فيه رغفين ناشفين ولفت ومخلل مش وبصلة وهناك نجيب ساعة الغدا حبة سريس وجعضيض ونشرب مية من الترعة صحيح كان في بيوتنا لبن وجبنة وطيور وبيض بس كنا بنحوشها عشان حريمنا يبعها في السوق كل أسبوع ونشتري بها لوازم البيت، ومعظمنا كان حافي وكنا بنام علي الأرض أو علي حصيرة تعلم في جتتنا ونستغطي بشوال أو حمل أيام الشتاء وكنا بنام كلنا في أوضة واحدة وكان الطبيخ علي الكانون اللي كان بيسود الحلل وحيطان البيت، وكنا ساعات نشوف عساكر إنجليز مع مصريين ينزلوا للعمدة عشان مصالحهم لتوفير عمال للسخرة والتراحيل والفحت والجهادية وكانت في أمراض خطيرة زي الكولرا والبلهاريسيا ومكنش في اهتمام بنا خالص رغم إن الفلاحين في مصر هم اللي رووا الأرض بعروقهم وحافظوا عليها سنين طويلة وأنتجوا الخير كله، ولما جت ثورة يوليو وجاء عبد الناصر رجعت لنا كرامتنا وادتنا الأمل في بكرة و خلت عيال كتير من بلدنا اتعلموا، وأمنا علي أراضينا اللي كانت بالإيجار ومنع الإستغلال والإستبداد وحارب الاستعمار وساعد الدول العربية والأفريقية علشان تاخد استقلالها وعمل السد العالي غصب عن عين أمريكا عشان ينظم لنا الميه طول السنة للأرض ويدخل الكهرباء في بر مصر وأمم قناة السويس والفرحة ملت قلوبنا وعودنا كل يوم بسماع خبر حلو وسمع صوت مصر وعلاه في كل بلاد العالم أنا عمري مانسي خطاباته والأغاني الوطنية في الإذاعة، دا الدم المصري الحامي جري في عروقنا والكل عايز يشتغل ليل ونهار علشان مصر، واهتم قوي بالفلاح وبالزراعة وبالأخص زراعة القطن وأنشأ لنا الجمعيات التعاونية الزراعية التي كانت بتساعدنا بالأسمدة الحلوة المدعمة وتمدنابعلف الكسب للبهايم وأحسن تقاوي وكان فيه تطهير سنوي للترع ورش الزراعية ومتابعات من مهندسين الجمعية الزراعية ووزع الأراضي علي الفلاحين، كانت أجمل أيامنا اللي فيها رواج هي أيام زراعة القطن لأنه كان بيبدأ بالغني وينتهي بعمل الأفراح لأن الزواج كان مرتبط به وأحسن رغيف قمح كلناه وحسينا ببلدنا كان في عهد عبد الناصر، وأنا عملت مع فلاحتي لأرضي ' خولي ' يعني متابع الأنفار من أولاد وبنات القرية لمكافحة دودة القطن وكان العمل يسمي الدودة وكنا بنقبض كل أسبوع حاجات بسيطة وكان فيها بركة، ومهما أقول لك عن عبد الناصر مش هاوفيه حقه لأنه علم عيلنا بالمجان وعمل لنا وحدات صحية وكان فيه إرشاد قومي عن الصحة ومكافحة الأمراض والآفات الزراعية وكان بينزل لنا العرض في القرية زي السيما دلوقتي علشان توعينا وكمان كان فيه متابعات من الطب البيطري لمعالجة بهايمنا، تخيل كانت قريتنا بها راديوا فيلبس واحد كان يملكه المرحوم الحاج سليم رخا في دكانه بوسط القرية وكنا بنسمع عليه الأخبار بالليل بعد تعب الشغل سمعنا منه تنحي الملك فاروق من سكات وسمعنا أخبار الثورة وسمعنا أغاني أم كلثوم والأغاني الوطنية، وكنا بنسمع منه ميلاد الشهور العربية وبخاصة رمضان والأعياد ونهلل بالفرحة، وسمعنا منه الأخبار الحزينة عن هزيمة 1967 ولكننا تمسكنا بعبد الناصر بعد خطاب التنحي وحزنا بخبر موته ولكن في عهد عبد الناصر عشنا أحسن أيامنا وأنا تعلمت منه الإرادة والحفاظ علي الكرامة وأنا طول حياتي زيه صوتي عالي وبدافع عن الحق وبدافع دايما عن الأرض ومشاكل الفلاحين وبالذات المية والكيماوي، وعبد الناصر نمي عندنا حب الوطن والإنتاج زاد في عهده الجميل واللي استمر معانا في عهد المرحوم أنور السادات اللي جاب لنا نصر أكتوبر 73 وفي عهده مفيش حاجة اتغيرت لأنه حافظ علي زراعة القطن وجاب لنا الطيارات علشان ترشه، وعملنا معاش السادات ومنهم لله اللي قتلوه يوم عيده ويوم عيد الأضحي وعلي المنصة، والله يابني دي عيبة كبيرة قوي وعار في حقنا وأقولك بكل صراحة طول عمر الإخوان دول من قبل الملك فاروق وهما بيكرهوا ويخططوا لمصر ويعادوها ويعادوا رؤسائها ويكفروا انتصاراتها وطول عمرهم بيكذبوا علينا باسم الدين وهما لا أهل دين ولا أهل سياسة ولا لهم عهد ولا ذمة، والثورة رغم إنهم سرقوها وخدوا الحكم إلا إن ربنا كشفهم للشعب وكشف لنا كرههم لمصر وتخابرهم مع دول كانت بتكره عبد الناصر والآن هما عبرة بعد ما رفعوا السلاح في وش الشعب دي مصر بريئة منهم، دول حرمونا من انجازات السادات وقيادته لمصر اللي ماتتعوضش وتقدر تقول إن السادات مشي علي عهد عبد الناصر والقرش جري مع الناس في عهده والكهرباء دخلت بلدنا والأجهزة الكهربائية ملت البلد اللي مكنش فيها غير راديو ولا أتنين. ولما جه حسني مبارك كان كويس في الأول وبعد كده التفت عليه الحاشية اللي خسرته ونسي الشعب ونسي الفلاح وبدأ يبيع مصانع عبد الناصر ويبيع الأراضي وخرب مؤسسات الدولة وطلع في التسعينات قانون غلي إيجار الأرض ورجع الأراضي للأغنياء تاني والجمعية الزراعية باظت وبنك التسليف اللي كان معمول علشان يساعدنا بقي بنك يدينا قروض بفوايد كبيرة ونرهن له أرضنا وبهايمنا ومعتش اهتمام بالزراعة زي زمان وناس كتير بنت علي الأرض الزراعية وده كان بسبب فساد المجالس المحلية اللي خسرت البلد وكلتها في بطنها، دول هما اللي شجعوا علي الرشوة والفساد وشوارعنا في الريف الناس بنوا فيها وخربوها حتي الترع اللي انحط فيها مواسير واتغطت الناس بنواعليها وضيقوا الشوارع والمداخل ولا عاد في لا طرق واهتمام بالري زي زمان ومشاكل المية كتير لأن الحصة صغيرة والمية كمان ما بتوصلشي لنهاية الترع إلا بكترة الشكاوي ومعتش تطهير ولا فحت للترع زي الأول، والناس بترمي الزبالة في ميتنا الحلوة اللي كنا بنتوضي ونشرب ونزرع منها وكمان أنا لسه شاكي للعمدة في المسجد عن قيام ناس في قرية جبنا برمي مية المجاري في ترعتنا، إحنا عانينا كتير في آخر عهد حسني مبارك وحكومة نظيف أفندي، واللي بنصرفه علي الأرض أكتر من اللي بننتجه ولا يراعينا أحد دا إحنا بنعمل لصالح الوطن لأن الدهب لو راح يتعوض إنما الوطن لو راح ميتعوضش. وعن وضع ومعاناة الفلاح الآن يقول عم أحمد : عانينا الأمرين في الكام سنة الأخيرة لأن جت لنا تقاوي وبذور خايبة و رش ومبيدات مغشوشة وبتكلفنا كتير والأسمدة قلت حصتها بالجمعية الزراعية والشكارة في السوق السودا زاذت من 37 جنيه إلي 200 جنيه الآن والسولار بتاع مكن المية غلي ومش موجود والأمراض الخطيرة انتشرت وأهمها التهاب الكبد اللي موت فلاحين كتير في سن صغير واتيتمت عيالهم بدري وكان عندهم خبرة في الفلاحة أحسن من مهندسين الزراعة الآن، إحنا عندنا مشاكل كتيرة مع بنك التسليف وكلنا بنندم ونتحصر علي أيام عبد الناصر والسادات. وعن ثورة يناير يقول عم أحمد : الثورة كانت حلم حققه شباب مصر واحنا الفلاحين حلمنا إن حالنا هيتغير زي كل الناس لأن احنا أساس المعايش كلها في مصر، واحنا اللي كنا شغالين طول الثورة علشان نأكل أهل بلدنا والأرض كانت خضرة علي طول رغم إن حاجات كتير كانت متعطلة لكن الفلاح رغم مشاكله كان مهتم بأرضه وملبي حاجة الشعب من كل حاجة وانتخبنا محمد مرسي علشان نبعد عن النظام القديم اللي تعبنا وقولنا إنه من الشرقية وفلاح ابن فلاح زيينا وهو اللي هيحس بنا وبمشاكلنا في الريف ولكن للأسف من يوم ما مسك مصر بدأنا نخاف عليها منه ومن الإخوان أهله وعشيرته وبعدها بانت لنا خيانتهم لمصر وشعبها وعشنا السنة اللي مسكها وإحنا في قلق وخوف علي مصر بسبب أفعاله وزعلنا قوي إن إحنا انتخبناه لأنه بدل ماجاي عشان يساعدنا وينقذ مصر عضنا عضة موت هو وجماعته اللي الواحد مش طايق يشوفهم بعد اللي عملوه فيها وقتلهم لرجالها وحرقهم لمؤسساتها للأسف، إحنا راح من عمرنا 30 سنة من الظلم والفساد ومعندناش استعداد نعيش زيهم تاني، ومعدش في أمن زي الأول رغم إن الظروف والحمد لله بتتحسن والأمن بيرجع لأننا منقدرش نسيب بهايمنا في الغيط زي زمان علشان البلطجة والسرقة اللي لسه منتشرة وعلشان كده البهايم بتنام زيي البني أدمين في البيوت وكلها أمراض خطيرة ومات منها كتير بسبب اهمال الدولة لنا لسنين طويلة وأما جه مرسي كدب علينا وكانت سنته أسود سنة في حياتنا وإحنا الفلاحين عندنا مشاكل كتير وان واثق إنها هنتحل علي أيد المخلصين من أبنائها ذي رئيسنا السيسي، أن عشت الزمن الجميل وإنشاء الله سوف يرجعه لنا الرئيس السيسي اللي ربنا بعته هديه لمصر ولنا إحنا الفلاحين والدليل هو احتفاله إمبارح بعيدنا وكمان اعترافه بحقنا وأهمية وجودنا وحبنا لمصر وعطائنا لها دائما ومشاركتنا في عصب اقتصادها, ودورنا في استصلاح ملايين الأفدنة من أراضينا ودي حاجه حلوة من الرئيس بعد تكريمه زملائنا وسوف نكون إحنا وأولادنا معه وربنا يحفظه لنا ولمصر لان الدول العظمي مش هتسيبه في حاله بعد حفره لقناة سويس جديدة والشعب معاه في كل اللي يطلبه وكان التاريخ ببعيد نفسه تاني لأني لن أنسي العدوان الثلاثي علي مصر وعلي الرئيس عبد الناصر لنفس الأسباب اللي بيخربوا بها الآن وأكثر بعد ما سلطوا علينا الإرهاب وخربوا بلادنا العربية, وأنا متأكد إن مصر سوف ترجع قوية ويرجع زمنها الجميل من تاني بفضل رئيسها السيسي وفضل جيشها وشعبها ومنهم الفلاحين اللي خرجوا لها العلماء والأبطال, وسوف يرجع لنا زمن القطن المصري والقمح والتقاوي المصرية الأصيلة اللي اختفت ذي البطاطا البيضة وشمام الإسماعيلية، ومية النيل الحلوة والسمك الحلو ذي زمن عبد الناصر اللي كان زمنه ذي الشهد وخيره اللي ملي بر مصر، وعشان حالنا ينعدل لازم تنشال المحليات ونحاسبهم بقانون من أين لك هذا أو يحصل تعديل في أحوالهم وأجهزة الرقابة ترجع تاني، لازم ترجع الجمعية الزراعية زي الأول لازم الدولة تدعم الفلاح في كل حاجة وتهتم بكل مشاكله وتساعده لأن مصر بلد زراعي والإنتاج الراعي هو اللي هيشغل المصانع ويقوي الاقتصاد اللي الرئيس بيسعي له، عايزين تقاوي كويسة ورش مش مغشوش وطب بيطري ممتاز زي زمان يعالج البهايم والثروة الحيوانية، ودكاترة تهتم بصحتنا عايزين مصر يمسكها ناس مخلصة يساندوا الرئيس السيسي بعد ما ربنا خلصها من أيد مرسي وأعوانه وخلصها من شرهم وخلص الإسلام منهم. هكذا حكي عم أحمد أبو أمين عن حياته وعن آماله وتطلعاته في يوم عيد الفلاح رقم 62 ومعبرا عن معاناة الفلاح في مصر وثقته القوية في عهد الرئيس السيسي الآن, وكشف لنا بسجيته وفطرته أن السياسة الزراعية في مصر تحتاج إلي إعادة النظر لمعالجة ما لحق بها من أضرار عبر السنوات الماضية ويري أنها بحاجة إلي دعم كبير من الدولة ورئيسها البطل السيسي لأن الفلاح والزراعة معا يشكلان العمود الفقري لاقتصاد مصر وعصبها الرئيسي الذي يعتمد عليه الشعب المصري كله كما يري منذ القدم.