لغة الوثائق هي لغة الحقائق. والكتاب الذي سأحدثك عنه اليوم تشكل بنيته الأساسية مجموعة من الوثائق، عالية التصنيف، بالغة السرية والخطورة، لأنها تفضح علاقة جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، وجهاز الاستخبارات البريطانية MI6 وجهاز الاستخبارات الألمانية وجهاز الموساد الإسرائيلي. الكتاب هو: 'مؤامرات الإخوان من واقع ملفات CIA وملفات MI6 منتهي السرية' الصادر عن دار أخبار اليوم 2014 للكاتب الصحفي توحيد مجدي. غطت مجموعة الوثائق، التي حصل عليها الكاتب بشكل حصري، مساحة زمنية عريضة امتدت من أربعينيات القرن العشرين، وحتي عام 2013. ويشكل الإخوان المسلمون محورها الرئيسي الذي يتقاطع ويتصادم مع المحاور المناوئة الأخري، التي تعترض طموحه اللامحدود إلي السلطة والحكم. والنظرة الأولي إلي عناوين فصول الكتاب تشي بخطورة المؤامرات، والتفاصيل بالغة الحساسية، والمعلومات غير المسبوقة، التي تضيء زوايا كانت معتمة في مشهد الإسلام السياسي، أو توثق لأدبيات كانت تتردد علي الساحة السياسية من قبل بغير دليل، وإليك فصول الكتاب الصادم: 'خريف الإخوان.. اتفاقية سرية بين أدولف هتلر وحسن البنا'، 'عملية الملاءة الرطبة'، 'صفقة الطلبات السبعة.. شروط الإخوان السرية لحكم مصر'، 'الإخوان عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA'، 'الطلبة الطيبون عملاءالاستخبارات الأمريكية في الثورة المصرية'، 'أسرار سيد الجواسيس الصندوق الأسود.. عمر سليمان والإخوان'، 'طريق الجنرال إلي عالم الاستخبارات'، 'فرع لجماعة الإخوان المسلمين في إسرائيل'، 'شهادة ضابط موساد منشق تكشف تمويل الموساد للجماعة'، 'خطة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA الإطاحة باللواء عمر سليمان'، 'أسرار المواجهة الأخيرة بين اللواء عمر سليمان وجماعة الإخوان'، 'الساعات الأخيرة في حياة سيد الجواسيس'، 'عملية درة التاج الإخوانية جيش الإخوان والسلفيين في ليبيا'، 'أسرار معسكرات جماعة الإخوان المسلمين المصرية في ليبيا'، 'أسرار التحقيق مع قيادات التنظيم الدولي في CIA'، 'العلاقة بين الإخوان والموساد.. محمد مرسي قابل جهاز الموساد الإسرائيلي سرًا في القاهرة يوم 15 يونيو 2012'. وقبل أن نمضي مع الوثائق الألمانية التي تكشف كيف جند هتلر رأس جماعة الإخوان المسلمين الإمام حسن البنا، يجب أن نتوقف طويلا أمام رأي هتلر في الإسلام السياسي، بعد أن تعرف علي أفكار جماعة الإخوان المسلمين من أمين الحسيني سنة 1941. قال أدولف هتلر: 'أجد نفسي بعد كل ما سمعته من أفكار الشيخ البنا في مصر لا أخشي الشيوعية الدولية ولا الإمبريالية الأمريكية، والاستعمارية البريطانية ولا حتي الصهيونية نفسها، ولكني أخشي من ذلك الإسلام السياسي الذي شرحته لي للتو عند جماعة الإخوان المسلمين ومع ذلك حسنا ستتعاون ألمانيا معكما'. كشفت إحدي الوثائق الألمانية السرية للغاية أن تاريخ 15 أكتوبر 1941 كان بداية تجنيد أدولف هتلر لحسن البنا للعمل لصالح المخابرات الألمانية ضد بريطانيا في الحرب العالمية الثانية 'وأن الشيخ أمين الحسيني لعب دور همزة الوصل في عملية تجنيد الشيخ حسن البنا حيث أرسل إليه الحسيني مع رفقاء بالدعوة يعرفهم البنا شخصيا وسبق له التعامل معهم مباشرة خطاب الفوهرر الذي صاحبه ضباط كبار من الاستخبارات الألمانية. وصلوا القاهرة سرًا مفوضين رسميا من الزعيم هتلر التقوا الشيخ حسن البنا عدة مرات داخل شقة مؤمنة وفرها لهم البنا بمنطقة وسط القاهرة حتي اكتمل تجنيده في 30 أكتوبر 1941'. كما كشف جهاز الاستخبارات البريطانية MI6 عن وثيقة إخوانية 'سرية للغاية'، صدرت عام 2013، بعد الأحداث العاصفة التي اقتلعت الإخوان المسلمين من الحكم في مصر، بعنوان 'عملية خريف الإخوان' وقد انطوت الوثيقة علي تهديد مرعب للدول الأوربية إذ حددت استراتيجية الإخوان الأساسية في الفترة القادمة، وهي علي هذا النحو: 'إن عملية توطين الجماعة الآن خارج مصر عملية جهادية حضارية بما تحمله الكلمة ولابد أن يستوعب الإخوان أن عملهم في أوربا وأمريكا نوع من أنواع الجهاد الأعظم من أجل إزالة وهدم المدنية وفي النهاية الحضارة الغربية من داخلها و'تخريب' بيوتها الشقية بأيدي المؤمنين ليتم جلاؤهم حتي يظهر دين الله علي الدين كله ودون هذا المستوي من الاستيعاب فإننا سنظل دون التحدي فقدر المسلم أن يجاهد حتي قيام الساعة ولا مفر من ذلك القدر إلا لمن اختار القعود وهل يستوي القاعدون والمجاهدون؟'. وذلك ما يفسر الإجراءات الصارمة التي اتخذها العديد من الدول الأوروبية ضد الإخوان المسلمين بموازاة أو عقب الحزم والحسم اللذين عوملوا بهما في مصر عقب ثورة 30 يونيو، مثل اللجوء إلي تحقيقات صريحة في أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا، ثم عملية إعادة تقييم شاملة لأفكارهم في كندا، ونهاية بالتحقيقات التي يجريها مجلس الشيوخ في واشنطن في كشف مدي تورط الإدارة الأمريكية مع جماعة الإخوان المسلمين هذا بالطبع إلي جانب الضغوط التي بدأت تمارسها بعض دول الخليج للتعامل مع الإخوان المسلمين بالحزم المطلوب، الذي يتوازي ودرجة خطرهم. وفي إطار الحرب الإعلامية الشرسة المعلنة التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها الدولي وحلفاؤها الإقليميون تركياوقطر والدوليون، ضد الدولة المصرية ومحاولة تقويض دعائمها، كشفت خطة 'عملية خريف الإخوان' 2013 التي حصل عليها جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية MI6 من الأدوات الفاعلة التي ستدعم بها الجماعة آلتها الإعلامية وهي 'أن الجماعة نجحت مؤخرا في شراء ثلاثة مطابع حديثة لطباعة الكتب في اسطنبولبتركيا ولندن في بريطانيا ونيويورك في أمريكا كما أتمت في ذات التوقيت صفقات اشترت خلالها عشرات الآلاف من أسهم كبري شركات الإعلام والصحافة والطباعة في أوروبا بما فيها ثلاث محطات تليفزيونية شهيرة لم تذكرها البيانات بالاسم'. وهو ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا في اجتماعه برؤساء تحرير الصحف القومية والحزبية والمستقلة، محذرًا من أن الحرب القادمة بين الدولة المصرية وأعدائها الذين حددهم بالاسم وهم دولتا قطروتركيا والجماعة الوظيفية، جماعة الإخوان المسلمين، ستكون حربا إعلامية بامتياز، وهو ما يتطلب من الإعلام المصري أن يكون أكثر يقظة واستعدادًا واحتشادًا، لأنها ستكون علي ما يبدو، معركة الإسلام السياسي الأخيرة، أو معركة النفس الأخير. وفي الأسبوع القادم إن شاء الله أحدثك عن محور آخر من المحاور التي تكونت من الوثائق المهمة التي ضمها كتاب 'مؤامرات الإخوان' للكاتب الصحفي توحيد مجدي