عادت قضية التطبيع إلي الواجهة مرة أخري في المغرب العربي علي الرغم من تجاهل هذا الأمر في معظم الدول العربية لاسيما بعد الاختراق الإسرائيلي الفاضح لها علي اختلاف مستوياتها.. ففي الأسابيع الماضية حدثت مفارقتين غاية في التناقض أولاهما تمثل في إقامة القنصل العام للعدو الإسرائيلي في لوس أنجلوس حفل استقبال للقنصل العام المصري بعد نقل القنصلية المصرية من سان فرانسيسكو إلي لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا. وعلي أنغام أغنية أنت عمري لأم كلثوم التي أدتها المغنية الإسرائيلية ميسر ميسيكا، وعلي أوتار لاعب العود المصري حسام إبراهيم، احتفلت قنصلية العدو الاسرائيلي - ان كان لا يزال لهذه العبارة من معني في مصر- بالسفير هشام النقيب في الثامن من أكتوبر الماضي. قنصل إسرائيل جاكوب ديان، اعتبر أن حفل الاستقبال للترحيب بالقنصل والقنصلية المصرية طبعا يمثل خطوة أولي نحو التطبيع، الذي يبدأ من لوس انجلوس وتمني أن ينتشر ليصل إلي القدس والقاهرة. واعتبرأن السلام علي مستوي شخص لأخر يحمل وزنا اكبر، وهو ما "نريد أن ننشره وسط شعوبنا". سفيرينا النقيب قال أنه يمثل "شعبا محبا للسلام"، وعبر عن رغبته في تحقيق السلام للعدو الاسرائيلي وللدولة الفلسطينية!! ولكل الشرق الأوسط". وشكر النقيب قنصل إسرائيل والعاملين بالقنصلية الإسرائيلية علي الترحيب الحار ووصف قنصل إسرائيل بأنه "صديق عزيز" ونادي بروابط ثقافية أكثر قوة بين مصر وإسرائيل، تركز علي "تشابه الدولتين"، وأضاف النقيب "نحن مثل بعضنا، نحن من نفس المنطقة". وتمني النقيب أن يكون "الجميع في منطقتنا يشاهدوننا الآن"! في الجانب الآخر أثارت مشاركة رئيس الكنيست الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، في اجتماع الجمعية البرلمانية المتوسطية بالرباط يومي الجمعة والسبت الماضيين، احتجاج أوساط وطنية مناهضة للتطبيع بالمغرب، في وقت تبرأت فيه مصادر رسمية من توجيه دعوة للمسئول الإسرائيلي. ومقابل مقر البرلمان المغربي في قلب العاصمة، رفع المنتمون الي مجموعة العمل القومية لمساندة العراق وفلسطين، شعارات منددة باستضافة البرلمان المغربي لرئيس الكنيست الإسرائيلي ضمن الوفود المشاركة في الدورة الخامسة للمؤتمر. وبينما لم يتم الكشف عن أي لقاءات خاصة للمسئول الإسرائيلي علي هامش المؤتمر، أكد مسئول بمجلس النواب المغربي أن هذا الأخير لم يوجه أي دعوة لرئيس الكنيست لزيارة المغرب، موضحا أن دعوات المشاركة في المؤتمر تصدر عن رئاسة الجمعية البرلمانية المتوسطية. وتعقب زيارة ريفلين أخري سابقة قام بها زعيم حزب كاديما عمير بيريز قبل أيام لمدينة مراكش حيث شارك في مؤتمر السياسة العالمية، وهي المناسبة التي كان سيحضرها رئيس إسرائيل شمعون بيريز قبل أن يتراجع عن الحضور بسبب رفض العاهل المغربي استقباله، الأمر الذي اعتبره مناهضو التطبيع رسالة إلي باقي المسئولين في المملكة لرفض الانخراط في مبادرات التطبيع. وهكذا تتوه قضية التطبيع في قلب العروبة النابض ، ثم نعود ونتباكي علي موت الدور المصري وانسحابه لصالح ادوار أخري صغيرة ، وتضيع النخبة الحية في مصر في صراعاتها الهامشية التي لا طائل منها. [email protected]