كما كان متوقعًا وإن كان محتواه لا يرقي لسقف توقعاتنا، أرسل السفير هشام النقيب قنصل مصر العام في سان فرانسيسكو ردًا حول ما نشرته «روزاليوسف» الأسبوع الماضي عن واقعة تكريم من قبل القنصل الإسرائيلي وما صاحب هذا التكريم من مظاهر غريبة علي الدبلوماسية المصرية، منها قيام مغنية إسرائيلية بصحبة عازف عود مصري بغناء أغنية أنت عمري «لأم كلثوم»، فضلاً عن تصريحات خارج السياق المعهود نسبتها الجريدة اليهودية في لوس انجلوس للسفير النقيب. الرد وجهه السفير النقيب لمكتب وزير الخارجية أحمد أبوالغيط وتنشره «روزاليوسف» دون حذف مع الاحتفاظ بحقنا في التعقيب علي واقعة أثارت جدلاً مهولاً في الرأي العام المصري والعربي، وكان آخره ما نشره تقرير واشنطن تحت عنوان تطبيع مصري -إسرائيلي في لوس أنجلوس تناول الموضوع بعد نشره في «روزاليوسف» بيومين ساردًا تفاصيل الحفل ومضيفًا تصريحات جديدة قالها السفير النقيب منها تمنياته بأن يكون «الجميع يشاهدنا الآن» وإعلان القنصل الإسرائيلي جاكوب ديان أن حفل الاستقبال للترحيب بالقنصل المصري الجديد والقنصلية المصرية في لوس أنجلوس يمثل «خطوة أولي نحو التطبيع الذي يبدأ من لوس أنجلوس ونتمني أن ينتشر ليصل إلي القدس والقاهرة». وجاء نص ما أرسله السفير هشام النقيب الذي تنتظره جميع الدوائر التي أبدت اهتمامها المنزعج بالأمر علي النحو التالي: «ردًا علي ما نشر في جريدة روزاليوسف بتاريخ 20 أكتوبر 2010، كنت أتمني من الأستاذ أحمد الطاهري الذي يمثل أحد أهم المؤسسات الصحفية في مصر تحري الدقة فيما نشره من الأخبار نقلاً عن الجريدة اليهودية، وهو يعلم بحكم عمله وخبرته أن الجرائد اليهودية تميل إلي المبالغة والتأويل لخدمة أهداف خاصة، الأمر الذي دعاني إلي عدم الرد أو الالتفات إلي ما نشر معتمدًا علي انتقاء مصداقية مصدر المعلومة. إن الذي تقدم بالدعوة لحفل استقبال خاص بي هو عمدة مدينة لوس أنجلوس وذلك بمبني البلدية وضمن القنصل العام الإسرائيلي كداعي شرفي، حيث أشار العمدة إلي أن حفل الاستقبال سيؤكد الصورة المشرفة لمصر كرائدة للسلام في المنطقة أمام كلا من الجالية المصرية واليهودية اللتين تمثلان أحد أكبر الجاليات عددًا في المدينة من قيام العمدة ومجلس أمناء المدينة وأعضاء الكونجرس بولاية كاليفورنيا ورئيس شرطة لوس أنجلوس وكبار المسئولين بالمدينة من حضور حفل الاستقبال الذي أقامه العمدة وارتفع فيه علم مصر علي مبني البلدية ولأول مرة في تاريخ المدينة، وهو شرف لم يحظ به ممثل دولة قبل ذلك إلا مصر التي يحمل لها الجميع كل احترام وتقدير لرئيسها وشعبها وهو ما ذكره رئيس مجلس أمناء المدينة في الكلمة التي ألقاها أمام المجلس. وإن الكلمة التي القيتها أمام جموع الحاضرين أثارت اعجاب واحترام الجميع وعلي رأسهم الجالية المصرية والعربية حيث استمر التصفيق لفترات طويلة خاصة عندما استعرضت بصورة مفصلة الجهود التي قامت بها مصر منذ عهود طويلة لإقامة سلام شامل وعادل في المنطقة مبرزًا تعهد السيد الرئيس بإقامة دولة فلسطينية داخل حدودها الشرعية، كما ذكرت أن السلام لن يتحقق إلا من خلال انتشاره في ربوع منطقة الشرق الأوسط وقد تفهم الجميع أن المقصود هنا المسارات السورية واللبنانية إضافة إلي المسار الفلسطيني وقد كان ذلك واضحًا من الأحاديث المطولة التي تناولها الحاضرين بعد انتهائي من الكلمة والتي لم تستدعي إلي أي استفسارات أما فيما يتعلق بكوننا شعوبًا واحدة فقد جاء ذلك ردًا علي كلمة القنصل الإسرائيلي الذي دعا الشعوب العربية أن تكون شعوبا محبة للسلام كالشعب الإسرائيلي، وأشرت إلي أن خاصية الارتكان للسلام لا يختص بها شعب واحد بل هي خاصية تتمتع بها جميع الشعوب ونحن شعوبًا واحدة عندما نتحدث عن السلام. أما فيما يتعلق بالمطربة الإسرائيلية والعازف المصري فقد كانا ضمن المدعوين في حفل الاستقبال من جانب عمدة المدينة وهما متواجدان في لوس أنجلوس ضمن جولة يقومان بها في أرجاء الولاياتالمتحدة لعزف أغاني من التراث المصري وقد طلب منهما الحاضرون إلقاء مقطوعة غنائية لم تتجاوز الخمس دقائق أنهيتها بتحية الحاضرين لإنهاء الحفل حيث أوصلت الرسالة لجموع الحاضرين بصورة دبلوماسية فيها من اللياقة والحزم وكانت رسالتي أكثر وضوحًا عندما اعتذرت للقنصل العام الإسرائيلي أمام الجموع عن دعوته لي لحضور حفل المغنية الإسرائيلية في اليوم التالي في أكبر مسارح لوس أنجلوس، أود أن ألفت انتباه الأستاذ أحمد الطاهري، أن مدينة لوس أنجلوس تختلط فيها الجالية اليهودية والإسرائيلية بالجاليات العربية، وأن التعامل بشزوفرينا عدم الاقتراب من النشاط الدبلوماسي المختلط سواء علي المستوي الرسمي أو علي مستوي الجالية قد ينعكس سلبا علي صلب العلاقات الثنائية المصرية الأمريكية وذلك للتداخل الشديد بين مجموعات المصالح المختلفة وبالرغم من ذلك فنحن نلتزم دائمًا بثوابت السياسة الخارجية المصرية والتزامنا العربي والإقليمي فضلا عن أن التزامي هذا ينبع من اعتزازي وإيماني بمصريتي وعروبتي، وأنني علي ثقة تامة بأن الرد سينشر كاملا». و«روزاليوسف» تعقب: بداية.. نشكر السفير هشام النقيب علي الرد وتوضيح وجهة نظره ونشكر وزارة الخارجية علي تدعيمها للشفافية في التعامل مع الإعلام، لما في ذلك من خدمة المصلحة العامة التي يسعي إليها الإعلام والدبلوماسية، واستنادًا إلي رد السفير النقيب.. نعقب بأننا تناولنا المسألة مع واقع المسئولية الصحفية بوجهة نظر سليمة مهنيا ومدققة في مصادرها الخبرية، لقد أكد رد السفير أن الواقعة صحيحة.. ما عرضناه لم يكن محاسبة للسفير فالجهة المنوط بها هذه المحاسبة هي وزارة الخارجية التي تحدد أطر العمل لدبلوماسييها والضوابط التي تليق بهذه الأمور، خاصة أن تصرفات الدبلوماسيين لا تحسب علي أشخاصهم ولكن علي دولهم.. كما أننا لا نعاني من فصام ولا نعاني أيضا من فوبيا، وهو المصطلح الذي أعتقد أن السفير النقيب كان يود استخدامه في مسألة الاختلاط الدبلوماسي، ولكننا نتكلم عن الضوابط واللياقة التي عهدناها في الدبلوماسية المصرية واستوقفنا ما اعتبرناه خروجًا علي نهجها، وكان من الأفضل مثلاً أن يقدم السفير نفسه أو أن يحتفل بانتقاله إلي لوس أنجلوس مع القنصليات العربية أولا، وأن يراعي في ممارسته النشاط الدبلوماسي المختلط، أن تكون هذه الممارسة بعيدة عن شهر أكتوبر لما له من دلالة رمزية عظيمة لدي المصريين يحاول الإسرائيليون تشويهها وإفسادها كل عام، وكان تكريم القنصل علي هذا النحو بصحبة القنصل الإسرائيلي جزءًا من هذا الإفساد.