أوردت مؤسسة الأقصي حلقة جديدة من سلسلة حلقات تؤرخ لنكسة عام 67م، بشهاداتٍ حية من أهل المدينة المقدسة. وجاء في الحلقة الجديدة: عندما يُذكر الاحتلال عام 1967 يٌذكر حيّ المغاربة الذي هدم فوق رؤوس أصحابه، ومن اللمكن تخيُل ما عاناه مئات المقدسيين حين أجبروا علي مغادرة بيوتهم خلال ساعات قليلة، وكيف غدوا لاجئين مشتتين يتمنون العودة الي بيوتهم، بعد أن كانوا يقطنون في أطهر بقاع الأرض، في قلب القدس. عائشة المصلوحي 'أم سمير' ولدت في حيّ المغاربة سنة 1946 لوالد مغربيّ وأم فلسطينية رأت هي وأهلها ما حدث بالحيّ، وما تلاه من نكبات لحقت بالقدس والأقصي. تستذكر أم سمير طفولتها فتقول: 'لي عشرة أخوة، كلنا ولدنا في حيّ المغاربة، كنّا من أسعد الناس في الحيّ، جميعنا مثل أسرة واحدة، نتقاسم الأفراح والأتراح، كان المغاربة في الحي يشتهرون بطبخ 'الكسكس' كل يوم جمعة، أمي كانت تحب الأقصي كثيرا، وكانت تحضرنا لزيارته في كل حين، تربيّنا في الأقصي ورضعنا حبه'. يقع الحيّ جنوب شرق البلدة القديمة لمدينة القدس، مطلا علي الأقصي من باب المغاربة وملاصقا لحائط البراق، تعود نشأة الحي إلي استعانة صلاح الدين الأيوبي بملوك المغرب العربي لإرسال جنودهم لتحرير القدس، وفعلا لبوا النداء وقصدوا القدس أفواجا، وبعد فتح القدس أقطعهم صلاح الدين أراض في البلدة القديمة والقدس إكراما لجهادهم معه، ولما سئل عن سبب إقطاعه لهم الأراضي قال: 'أنهم أصحاب الثغور، وأنهم المجاهدون وأمناء الاقصي'. تروي 'أم سمير' ما حدث للحي آنذاك فتقول: 'بعد أن احتل اليهود القدس، أسرعوا إلي حائط البراق وعزموا علي هدم حيّ المغاربة، كي يوسعوا المكان لعبادة اليهود ويقيموا ساحة تستقبل مئات الآلاف منهم. فبدأوا ينادون بمكبرات الصوت: 'جيش الدفاع 'الاسرائيلي' يخطركم بالخروج من بيوتكم خلال 3 ساعات فقط'، بدأ السكان بالهرب، منهم من استطاع أن يأخذ البسيط من أغراضه، ومنهم من لم يأخذ شيئا، وبعد ثلاث ساعات بدأت الجرافات بالعمل وسوّت الحيّ بالأرض ما يقارب 135 بيتا سكنيّا.' تضيف أم سمير: 'بيتنا كان آخر ما هدم، فكان اخوتي يساعدون الجيران، ولجأنا مع بعضهم إلي زاوية 'تكيّة' في الحي بقيت إلي الآن ولم تهدم، ويعيش فيها اليوم 13 عائلة.' تقول عائشة المصلوحي: 'بعد ثلاثين عاما من هذه الذكري، نشرت تسريبات في جريدة هآرتس العبرية، كتب فيها أحد ضباط الاحتلال الذين أشرفوا علي الهدم أن سائق الجرافة تردد بهدم البيوت وأوقف الجرافة، ولكن أحد الضباط تولي قيادة الجرافة وبدأ بنفسه بتدمير الحيّ، وصرّح أنهم وجدوا تحت الأنقاض ثلاث جثث قضت حتفها'. والد أم سمير كان حارساٌ في الأقصي لمدة 42 عاما، أخوها أيضا حَرَس المسجد الأقصي وشاهد بعينه اليهود وهم يدخلون المسجد ويحتلونه، تذكر ما رواه أخوها لها فتقول: 'دخل اليهود الي الأقصي برفقة موشيه ديان، فاعتقد أحدهم أننا جنود أردنيون بسبب لباسنا المشابه لهم، لكن موشيه ديان ردّ عليهم وقال: 'لا، إنهم حراس الاقصي نحن نعرفهم'. 'سألهم أخي كيف تعرفوننا، فقال أننا كنا ندخل الأقصي بجوازات سفر غير 'إسرائيلية'، ما يعني أنهم دخلوا أكثر من مرة ولجولات عدة، وكل شيء كان مخططا له منذ زمن'. كلما تتذكر أم سمير أخواها الذي كان أحدهم من الفدائيين في الأردن والآخر نزح إلي المغرب ولم يتمكن من العودة حتي الآن، تجهش بالبكاء وتقول: 'أخي يتمني صلاة واحدة في المسجد الأقصي، أنا لا استوعب ماذا حصل إلي الآن، كلما أقف علي أطلال الحيّ أشرع بالبكاء، هم هدموا الحي لكي يصلوا، فهل يقبل الله صلاة من قتل نفوسا ليصلي؟. هم يعملون ليل نهار، ولو قدّر ل'هيرتسل' أن يخرج من قبره لخرج وشكرهم، أما آن للعرب أن يستيقظوا؟'.