بنبرته الهادئة وأسلوبه الذي يجمع بين البساطة و الجدية، واهتمامه بالحديث عن البسطاء Today at 7:14، وكلماته التي واصفها البعض بال 'عاطفية'.. استطاع أن يتقرب إلي قلوب الكثيرين, الذين اعتبروه بطل شعبي وعلقوا عليه أمالهم، واستجابوا له عند طلبه بالتفويض لمواجهة الارهاب، فانطلقت الأيادي المُصفقة وتعالت الهتافات المُرحبة و ملئ الملايين الميادين. في حي الجمالية بالقاهرة.. ولد 'السيسي' عام 1954 لأسرة متوسطة الحال، وتخرج من الكلية الحربية عام 1977، وأكمل دراساته العسكرية العليا بحصوله علي ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1987، وبعدها نال ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992، ثم حصل علي زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2006. وشغل وظائف عدة داخل الجيش، منها رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، قائد كتيبة مشاة ميكانيكي، وملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، ورئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، ثم أصبح قائدًا لتلك المنطقة، إلي أن عُين مديراً للمخابرات الحربية، وفي 12 أغسطس 2012 أصدر الرئيس المعزول محمد مرسي قراراً بترقية السيسي من رتبة لواء إلي فريق أول و تعينه وزيراً للدفاع خذلفاً للمشير حسين طنطاوي، وفي أقل من عامين تمت ترقيته لرتبه مشير بقرار من الرئيس المؤقت عدلي منصور، وخلال مشواره حصل علي العديد من الأنواط و الأوسمة، منها:ميدالية القدوة الحسنة عام 1998، ونوط الخدمة الممتازة 2007، وميدالية 25 يناير و نوط الواجب العسكري 2012. وفي أعقاب ثورة 25 يناير، أجري السيسي حوارات عديدة مع الأحزاب والحركات السياسية المختلفة والتقي مرات عدة قيادات الإخوان المسلمين، ولذلك أشيع عندما عينه محمد مرسي وزيرا للدفاع، بأن لديه ميول إخوانية، لكنه دائماً ما عرف نفسه علي أنه رجل مصري مسلم محب لدينه و ليس له إنتماء تجاه تيار معين. فلم يكن الرئيس المعزول محمد مرسي يتوقع عندما أصدر قرارًا بتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي في منصب وزير الدفاع، أن يتحرك و ينفجر هذا اللغم الصامت مع إنتهاء العام الأول لحكم أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، ويبلغه قرار عزله نزولا علي رغبة الملايين. و من يراقب لغة السيسي و تحديداً في خطاباته، يجد أنه دائم الاشارة إلي قرارات تصدر لاحقاً ولا يعلنها بشكل مباشر، فقبل قراره بعزل مرسي، أكد مراراً و تكراراً أن القوات المسلحة علي وعي كامل بما يدور في الشأن العام الداخلي وولاء رجالها لمصر وشعبها العظيم، وهناك رصد لوجود حالة من الإنقسام و الغضب داخل المجتمع وإستمرارها خطر علي الدولة المصرية ولابد من التوافق بين الجميع، ويخطئ من يعتقد أن القوات المسلحة في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية، فلن نظل صامتين أمام إنزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه, وعندما تمت مطالبته بالترشح.. كان رد 'المشير' من داخل الكلية الحربية مطلع 2014: 'إوعوا تفتكروا إن فيه حد بيحب بلده والمصريين بجد ممكن لما يلاقي رغبة من عدد كبير منهم إنه يدي ظهره لهم، ماحدش يقدر يعمل ده'. ومنح المجلس العسكري، في بيانه 'الضوء الأخضر' لقائده، آنذاك، فقرر أن للمشير عبد الفتاح السيسي الحق في أن يتصرف وفق ضميره الوطني ويتحمل مسؤولية الواجب، الذي نودي إليه، وخاصة أن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب في صناديق الاقتراع، وأن المجلس في كل الأحوال يعتبر أن الإرادة العليا لجماهير الشعب هي الأمر المطاع والواجب النفاذ في كل الظروف. وبعد فترة انتظار وترقب عاشها المصريون.. حسم السيسي أمره في 26 مارس الماضي، وظهر للمرة الأخيرة بالزي العسكري ليعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، وإستقالته من منصب وزير الدفاع، وسط ترحيب كبير من مؤيديه, و إنتقادات من آخرين تري أنه 'مرشح الدولة'، ولا مانع في أن يردد البعض أنه 'مدعوم من الجيش'، ويرد السيسي بأنه مدعوم من شعب مصر، الذي يحبه ويتمني خدمته في دولة تحقق الديمقراطية وسيادة القانون، كما يشدد بنبرات حاسمة علي أن الجيش 'أهل ثقة.. حامي لارادة الشعب.. سيبوه في حاله'. و خاض المشير الانتخابات بشعار 'تحيا مصر' ورمز 'النجمة'، التي اعتبرها علامة 'الهداية في الوقت الصعب'، وخلال فترة الدعاية الانتخابية لم يتحدث السيسي كثيراً، كما أن تحركاته كانت محدودة بعكس منافسه، حيث اكتفي المشير بمن ينوب عنه أو بتوجيه رسالة عبر الفيديو كونفرانس إلي مؤيديه، كما حدث في أسيوط، وهو أمر يرجعه البعض إلي صعوبة تأمينه في ظل الأحداث الراهنة. توجهت له سهام النقد لعدم تقديمه برنامج إنتخابي و تبريره لذلك بأن البرنامج يرتبط بالأمن القومي, ولكنه وضع ما اسماه ب 'ملامح المستقبل'، تضمنت عرضًا للمشروعات الاستثمارية والسياسات الاقتصادية والنقدية والقوانين، التي يمكن البدء بها خلال فترة ما بعد فوزه بالرئاسة، إضافة إلي رؤيته حول سياسة مصر الخارجية، ودورها الدولي والإقليمي. و بعد 'اكتساح ' السيسي للانتخابات التي أجريت علي مدار ثلاثة أيام، جاء اليوم لتعلنه اللجنة العليا للانتخابات رسمياً 'رئيساً لمصر'، فينتظر حلف اليمين في المحكمة الدستورية ليتسلم السلطة من الرئيس المؤقت عدلي منصور، في مشهد يحدث لأول مرة في مصر و العالم العربي، وهو يؤكد أنه سيعيد مصر إلي مكانتها وسيكون عند ثقة من اختاره مسترشداً بالحديث القدسي: 'وعزتي وجلالي لأرزقن من لا حيلة له حتي يتعجب أصحاب الحيل'.