اثار اعتقال السلطات السودانية، امام الانصار ورئيس حزب الامة الصادق المهدي، استياء الاحزاب والقوي السياسية السودانية التي اعتبرت، قرار الاعتقال تدميرا لفكرة الحوار التي دعا اليها الرئيس البشير بداية هذا العام وطالبت حركة العدل والمساواة التي تقود صراعا مسلحا ضد الحكومة بالافراج الفوري عن المهدي، وتوحيد الصف السوداني ضد النظام لاسقاطه. وكانت السلطات السودانية، قد اعتقلت المهدي من منزله بمنطقة الملازمين بالعاصمة الخرطوم مساء السبت الماضي ونقلته الي سجن كوبر الشهير بالعاصمة، وتوافد علي السجن منذ مساء السبت المئات من انصار المهدي، الذين تلقوا تاكيدات من سلطات السجن بحسن معاملته. ويواجه المهدي عقوبات قاسية بالسجن لمدد طويلة ، اذا ما تم اثبات التهم الموجهة اليه من قبل النيابة. وتم التحقيق مع المهدي، الخميس الماضي، في البلاغ الذي قدمه ضده جهاز الامن الوطني، الذي اتهمه بالتحريض ضد الجيش والقوات النظامية والدعوة الي العنف ومواجهة قوات الدعم السريع بالقوة، وتمسك المهدي باتهاماته لقوات الدعم السريع في دارفور بارتكاب جرائم قتل ونهب لاموال الموطنين، خارج القانون. وطالب المهدي بسرعة محاسبة قادة هذه القوات وملاحقتهم باعتبارهم مجرمين، كما رفض المهدي في التحقيقات التوقيع علي اقرار بعدم الاساءة للجيش والقوات النظامية، واصدر مكتبه بيانا اكد فيه ان حزب الامة اكبر احزاب السودان قد تاخر كثيرا في ادانة اعمال قوات الدعم السريع في دارفور، وقال البيان ان اطرافا اقليمية مثل تشاد ودولية مثل الاممالمتحدة ادانت الاعمال الاجرامية لهذه القوات في حضور الرئيس السوداني عمرالبشير، اثناء انعقاد مؤتمر ام جرس بتشاد الشهر الماضي. ويعد المهدي، اقوي سياسي سوداني، حيث يتزعم طائفة الانصار الصوفية الاوسع انتشارا في البلاد ويتراس حزب الامة اكبر الاحزاب السودانية الذي شكل الحومة قبل مجئ الانقاذ في 30يونيو 1989وتم اتقاله فور انقلاب البشير الترابي، ثم هرب الي ارتريا والقاهرة ويتخوف المراقبون من قيام السلطات السودانية بحملة اعتقالات موسعة ضد المعارضين، خاصة وان الاتهامات الموجهة ضد المهدي، يمكن اسنادها الي منسوبي احزاب الشيوعي والبعث والناصري وقوي المجتمع المدني، التي تتخذ موقفا معلنا بتاييد الحركات المسلحة ورفض الاعمال التي تقوم بها قوات الدعم السريع، كما شكلت هذه القوي مع الجبهة الثورية المسلحة في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان، تحالفا سياسيا لاسقاط النظام. وكان الصادق المهدي، قد رفض التحالف مع الحركات المسلحة قبل القاء السلاح، كما كان المهدي اول الموافقين علي المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس البشير، بداية هذا العام، وتم اتهامه من قبل بقية القوي السياسية بالتواطؤ مع النظام السوداني لتجديد وتمديد بقاء الانقاذ في الحكم عبر المشاركة في الحوار الوطني. وجاء موقف المهدي الاخير من قوات الدعم السريع، الاكثر عنفا في مواجه نظام يشارك ابنه عبد الرحمن فيه كمساعد للرئيس كما يشارك ابنه الصديق في قوات الامن. وتقول الحركات المسلحة في دارفور العدل والمساواة وحركتي تحرير السودان التي تقاتل الحكومة منذ عام 2003، ان قوات الدعم السريع التي تم تشكيلها بداية هذا العام، ليست قوات سودانية ولكنهم مرتزقة من دول النيجر وافريقيا الوسطي وتشاد والكونغو و تقوم بعمليات قتل وابادة لابناء دارفور كما تقوم بحرق القري ونهب الممتلكات وتدمير البنية الاساسية لدارفور، في الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة السودانية ان الهجوم علي قوات الدعم السريع هو تدمير لمعنويات القوات التي تواجه التمرد علي الدولة وتسليم الغرب حجج مغرضة حول انتهاكات حقوق الانسان، كلما اقترب الجيش السوداني من حسم النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. ورغم ارتفاع عدد النازحين وتوسع العمليات المسلحة منذ تاسيس الدعم السريع، الا ان الحكومة السودانية حققت انتصارات عسكرية مؤكدة وموسعة خلال هذه الفترة، خاصة بعد تشكيل دوريات سودانية تشادية مشتركة، تمكنت من اغلاق الحدود التشادية امام حركات التمرد.