أكدت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي أن كافة الأوراق وشهادات الشهود الذين استمعت لهم المحكمة، ثبوت صحة اتهام المحامي السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل بالتزوير في محرر رسمي، والذي يتمثل في الإقرار المقدم منه ضمن أوراق الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2012 والذي أثبت فيه خلافا للحقيقة والواقع، عدم حمل والدته لجنسية أي دولة أجنبية مع علمه بتجنس والدته بجنسية الولاياتالمتحدةالأمريكية. جاء ذلك في حيثيات الحكم الذي سبق وأن أصدرته المحكمة في 16 أبريل الماضي بمعاقبة حازم أبو إسماعيل بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات.. حيث أوضحت المحكمة في أسباب الحكم أن واقعة التزوير في محرر رسمي، ثابتة ثبوتا يقينيا بحق 'أبو إسماعيل' وذلك من واقع شهادة شاهدي الإثبات، والمستندات التي قدمتها وزارة الخارجية المصرية، والشهادة المقدمة من مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية. صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بعضوية المستشارين عبد الشافي السيد عثمان وحماده الصاوي. وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها أن المادة 26 من الإعلان الدستوري الصادرة في مارس 2011 نصت علي أنه 'يشترط فيمن ينتخب رئيسا للجمهورية أن يكون مصريا من أبوين مصريين وأن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وألا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية دولة اخري، وألا يكون متزوجا من غير مصري وألا تقل سنه عن 40 سنة ميلادية'.. علاوة علي أن المادة 13 من القانون رقم 174 لسنة 2005 بشأن تنظيم الانتخابات الرئاسية، قد حددت المستندات التي يتعين أن يقدمها طالب الترشيح الي رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية، ومن بينها إقرار من طالب الترشيح بأنه مصري من أبوين مصريين وبأنه لا يحمل جنسية اخري، واعتبرت أن الأوراق التي يقدمها طالب الترشيح - أوراقا رسمية في تطبيق أحكام قانون العقوبات، ومن ثم فقد أصبغ هذا القانون صفة المحرر الرسمي علي الاقرارات الفردية التي يتقدم بها طالب الترشيح. وأوضحت المحكمة أن حازم أبو إسماعيل كان قد تقدم بأوراق ترشيحه الي لجنة الانتخابات الرئاسية، وقدم إقرارا محررا بخط اليد ومذيل بتوقيع له أجراه أمام أمين عام لجنة الإنتخابات، بأن والده صلاح ابواسماعيل محمد عبد الرحيم ووالدته نوال عبد العزيز عبد العزيز نور مصريان الجنسية 'ولم يحملا جنسية اخري'. وأضافت المحكمة انه بالاستعلام بالوسائل الدبلوماسية عن طريق وزارة الخارجية المصرية، فقد أفادت وزارة الخارجية الامريكية بكتابها المؤرخ في 6 أبريل 2012 والمبصوم بالخاتم الضاغط والخاتم المائي، ومذيل بتوقيع حي للمختص والذي تطمئن المحكمة الي صحته، بأن المدعوة نوال عبد العزيز نور المولودة بتاريخ 3 نوفمبر 1946 'والدة المتهم' قد اكتسبت الجنسية الامريكية بتاريخ 25 أكتوبر 2006، وأنها حصلت علي جواز سفر أمريكي يحمل رقم 500611598، وأنها قامت بالتصويت في انتخابات الرئاسة الامريكية باعتبارها مواطنه امريكية في 15 يناير 2008. وذكرت المحكمة أن مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية أفادت بأن والدة المتهم، لها تحركات بذات جواز السفر المشار إليه، بالوصول الي مصر قادمة من الولاياتالمتحدةالامريكية بتاريخ 4 يوليو 2008 ثم سفر بتاريخ 6 نوفمبر 2008 الي المانيا، وعودة الي مصر بتاريخ 6 نوفمبر 2009 قادمة من المانيا. وأكدت المحكمة أنها تطمئن الي ما طالعته من المستندات المشار اليها، وتعول عليها في تكوين عقيدتها وتستخلص منها ما لابد مؤد اليها وهو أن والدة المتهم قد اكتسبت الجنسية الامريكية اعتبارا من 25 أكتوبر 2006. وقالت المحكمة إنها قد أطمأنت الي شهادة المقدم شريف ساري فؤاد وكيل إدارة مكافحة جرائم التزييف والتزوير بمباحث الأموال العامة، والذي توصلت تحرياته السرية إلي أن المتهم علي علم باكتساب والدته الجنسية الامريكية بتاريخ 25 أكتوبر 2006 وحصولها علي جواز سفر أمريكي باعتبارها مواطنة أمريكية تحمل الجنسية الامريكية، إذ أن والدة المتهم كانت تقيم معه في مسكنه بمنطقة الدقي باعتباره نجلها الاكبر، كما كانت تقيم في امريكا لدي كريمتها حنان صلاح ابو اسماعيل 'شقيقة المتهم' والمقيمة بولاية كاليفورنيا ولها عنوان بريدي رقم 90403 حيث كانت تتلقي المكاتبات الخاصة بها وبوالدتها وتعلم ايضا باكتساب والدتها الجنسية الامريكية. وذكرت المحكمة أن التحريات التي أجراها الشاهد وتطمئن إليها المحكمة، أكدت أن بعض المقربين لحازم صلاح أبو إسماعيل حذروه من احتمال اكتشاف جنسية والدته الأمريكية، ولكنه لم يعبأ بالنصيحة. واسترسلت المحكمة قائلة إنه قد جاء علي لسان المتهم ذاته علمه بكل تحركات والدته وحركة السفر والوصول الي مصر، ومغادرتها أرض الوطن للعلاج في الولاياتالمتحدةالامريكية وإجراءها عملية جراحية هناك، مما يفيد أن كثيرا من تحركات والدة المتهم كانت بجواز السفر الامريكي وهو ما يقتضي معه اجراءات خاصة للأجانب في المغادرة والوصول في المطارات وحجز تذاكر السفر وغيره، وهو أمر جلل يكون دائما ظاهر البيان في نطاق الأسرة الواحدة المترابطة، إلا إذا انفصم عري هذه الأسرة وهو ما لم يدعيه المتهم في دفاعه، الأمر الذي تستخلص معه المحكمة من جماع ما تقدم أن المتهم كان يعلم علما يقينيا لايساوره شك باكتساب والدته نوال عبد العزيز عبد العزيز نور الجنسية الامريكية وحصولها ايضا علي جواز السفر الامريكي. كما أكدت المحكمة أنه تطمئن إلي شهادة الشاهد الثاني محمد إبراهيم عبد الخالق الشناوي الدبلوماسي بمكتب وزير الخارجية، والذي أكد في شهادته أن مكتب وزير الخارجية تلقي خطابا من لجنة الانتخابات الرئاسية، للاستعلام من البعثات الدبلوماسية بالخارج عما إذا كان أي من المرشحين أو والديهم أو أزواجهم يحمل أو سبق أن حمل جنسية أخري بخلاف الجنسية المصرية، وذلك إعمالا لنص المادة 26 من الإعلان الدستوري الساري آنذاك، والتي حددت شروط تقدم المرشحين للرئاسة ومن بينها خلوهم أو ذويهم سالفي الذكر من حصولهم علي جنسية أجنبية أخري، فعمم الخطاب إلي جميع البعثات الدبلوماسية والقنصليات المصرية لمخاطبة السلطات المختصة في دول الاعتماد للحصول علي المعلومات التي طلبتها لجنة الانتخابات الرئاسية. وأشارت المحكمة إلي أن الشاهد 'الدبلوماسي' قرر أنه وبإجراء المراسلات الدبلوماسية اللازمة، ورد لمكتب وزير الخارجية المصرية بتاريخ 7 أبريل 2012 رسالة من سفارة مصر بواشنطن مرفق بها مذكره وزارة الخارجية الأمريكية المؤرخة في 6 أبريل 2012 والتي تضمنت أن مكتب الشئون القنصلية بالخارجية الأمريكية أكد علي أن السيدة نوال عبد العزيز نور قد حصلت علي الجنسية الأمريكية، وأنه أرسل بدوره تلك الأوراق إلي لجنة الانتخابات الرئاسية.. لافتا إلي أن هذه المعلومات وردت من وزارة الخارجية الامريكية مستندة الي السجلات والبيانات المثبتة لديهم، وأن تبادل هذه المذكرات بين وزارة الخارجية المصرية وقنصليتنا في الخارج تحيطها السرية التامة وإنها مؤمنة تماما لا تصل اليها يد الغير ولا يستطيع احد العبث بها. وردت المحكمة علي الدفع الذي أبداه حازم أبو إسماعيل في شأن 'بطلان قرار الإحالة لبطلان شغل النائب العام الحالي لمنصبه، للانعدام وبالتالي انعدام صفته وصفة تابعيه علي زعم من القول بأن رئيس الجمهورية الذي أصدر قرار تعيينه أقسم علي احترام الدستور والقانون في وقت لم يكن هناك دستور، فيضحي محل القسم معدوما، فضلا عن أن عبارات القسم لا تستند إلي نص قانوني لتعطيل دستور 2012 مما يؤدي إلي بطلان اتصال المحكمة بالدعوي'، حيث أكدت المحكمة أن كما هو مقرر دستوريا أن الشعب هو صاحب السيادة، ومصدر السلطات جميعا وأن له السلطة الشرعية الدائمة، فهو الذي ينشيء الدساتير ويعدلها ويسقطها ويختار الحكام ويعزلهم ويحاسبهم. وأوضحت المحكمة أن الشعب حين يختار رئيسا في انتخابات رئاسة الجمهورية، فهو يمنحه ثقته لكن لا يرهن لديه ارادته ولا يتخلي له عن سيادته، ولا يملك الرئيس الذي ينتخبه الشعب تفويضا مطلقا من الشعب، وإنما الرئيس وكيل عن أصيل في ممارسة الاختصاصات التي أسندها إليه الشعب بموجب الدستور، فإن استبد الرئيس أو طغي أو فرط في حقوق الشعب أو فشل في إدارة الدولة أو خان الحكم ولم تفلح آليات الديمقراطية المحددة في الدستور في رده إلي جادة الح```ق او في تغييره برئيس جديد ينتخبه الشعب، فإن البديل امام الشعب هو الثورة عليه ولو لم يكمل مدة ولايته فالرئيس ليس فوق الشعب، ولا توجد قوة تجبر الشعب علي أن يرضي بما يأبي او ان يخضع ويخنع. وأكدت المحكمة أن الثورة الشعبية تختلف عن الانقلاب العسكري، في انها تعبير عن ارادة شعبية من غالبية الشعب تهدف الي تحقيق مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية عن طريق تغيير الحاكم الي حاكم جديد يختاره الشعب، وتغيير او تعديل الدستور علي وجه يكفل ضمان تحقيق ما يرجوه من مطالب، اما الانقلاب العسكري فيقوم به مجموعة محدودة من العسكريين بهدف الاستيلاء علي السلطة بالقوة وإزاحة الحاكم وتولي الحكم دون اعتداد بما اذا كان ذلك موافقاk لإرادة الشعب ام لا. وذكرت المحكمة أن الشعب المصري بعد أن قام بثورته في 25 يناير 2011 وبعد ان مر بفترة انتقالية باشر فيها المجلس العسكري رئيس الجمهورية بوصفه سلطة فعلية، انتخب الشعب رئيسا جديدا تسلم الحكم في 30 يونيو 2012، ولم تلبث الاحتجاجات الشعبية ان ثارت ضده ثم تصاعدت وتحولت الي ثورة شعبية في 30 يونيو 2013 بعد ان رفض الاستجابة الي مطالب الشعب أو الاحتكام الي استفتاء عام علي استمراره في الحكم، وقد انحازت القوات المسلحة الي الشعب ونفذت ارادته مثلما فعلت في الثورة الاولي، واتفقت بعض الرموز الوطنية والسياسية علي خريطة مستقبل اشتملت في شق منها علي تعطيل العمل بالدستور الصادر سنة 2012 بشكل مؤقت وتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا ادارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية الي حين انتخاب رئيس جديد للبلاد. وأضاف المحكمة أن رئيس الجمهورية المؤقت أقسم اليمين علي احترام الدستور والقانون في 3 يوليو 2013 ومن ثم فإن قسمه وفقا للأساس القانوني المتقدم يكون قسما علي دستور معطل وليس ملغي، أي أن الدستور كان موجودا وقائما وقت القسم، بيد انه لا تطبق قواعده ولكنه ليس معدوما علي نحو ما ورد بالدفع المبدي من المتهم. وقالت المحكمة إن ما نعاه المتهم علي قرار تعيين النائب العام بزعمه أنه صدر من رئيس جمهورية شاب تعيينه بطلان، مردود عليه بأن المراحل الانتقالية عقب الثورات لا تحكمها قواعد الشرعية الدستورية التي تحكم سلطات الدولة في الاوضاع العادية، وإذا كانت سلطة رئيس الدولة في ظل الشرعية الدستورية في الاوضاع العادية ترجع الي اختيار الشعب وفقا لأحكام الدستور فإن سلطة رئيس الدولة في المرحلة الانتقالية ترد الي أساس مختلف هو مبدأ دوام الدولة واستمرارها والذي يحفظ وجود وبقاء الدولة ويكفل استمرار السلطات العامة في الفترات الانتقالية وفي كل ظروف طارئة او استثنائية. وأكدت المحكمة أن المادة 119 من قانون السلطة القضائية المعدل، قد جعلت تعيين النائب العام بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رؤساء محاكم الاستئناف أو مستشاري محكمة النقض أو المحامين العامين الأول علي الأقل، وقد خلا هذا المنصب باستقالة النائب العام، فباشر مجلس القضاء الأعلي اختصاصه في ترشيح النائب العام الحالي والذي كان يشغل أبان تعيينه منصب رئيس بمحكمة استئناف القاهرة، فصدر به قرار من رئيس الجمهورية المؤقت بوصفه السلطة الفعلية في البلاد، ومن ثم فإن قرار تعيينه يكون صحيحا وجاء وفقا للقانون وصدر من المختص بتعيينه، ويكون أمر الإحالة 'في القضية' بناء علي ذلك قد جاء صحيحا غير مشوب بالبطلان علي نحو ما قرر المتهم في دفاعه ويضحي الدفع ببطلان قرار تعيين النائب العام علي غير سند من القانون أو الواقع حري بالرفض. وقالت المحكمة بصحة المراسلات والمكاتبات التي أجرتها الخارجية المصرية في شأن الحصول علي المستندات الرسمية من الجانب الأمريكي، والتي قطعت بحصول والدة حازم أبو إسماعيل علي الجنسية الأمريكية.. مشيرة إلي أنه وفقا لقواعد القانون الدولي، تكون وزارة الخارجية هي الناطق بلسان الدولة في الميدان الخارجي، استنادا إلي لائحة فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تحدد الحصانات والامتيازات والاختصاصات الدبلوماسية. وأكدت المحكمة المحكمة أنه لما كان ذلك، وكان الثابت من الاوراق ان لجنة الانتخابات الرئاسية قد ارسلت الي وزارة الخارجية المصرية للاستعلام بالطريق الدبلوماسي عما اذا كان أيا من المرشحين للرئاسة أو والديهم أو أزواجهم يحملون أو سبق حملهم لجنسية دولة أخري تنفيذا للمادة 26 من الاعلان الدستوري الصادر في مارس 2011، فقد قامت وزارة الخارجية المصرية بإرسال بيانات المرشحين الي السفارات المصرية بدول العالم المختلفة، لتتولي الاخيرة الاستعلام عن طريق وزارات خارجية تلك الدول من خلال الجهات الإدارية المختصة علي نحو ما جري به العرف الدبلوماسي، وقد تلقت وزارة الخارجية المصرية من سفارتها بواشنطن مذكرة ارسلتها اليها وزارة الخارجية الامريكية، بالمعلومات التي حصلت عليها من الجهات المختصة علي اعتبار أن الاستعلام بين الدول يكون من خلال المبعوثين الدبلوماسيين، مما مفاده أن وزارة الخارجية الامريكية لم تتعرض لموضوع جنسية والده المتهم، وإنما قامت فقط بإخطار السفارة المصرية بما توصلت اليه من معلومات في هذا الشأن، علي نحو ما يجري عليه العرف الدبلوماسي، ومن ثم يكون الدفع الذي أبداه المتهم في هذا الشأن علي غير سند من القانون وحري بالرفض. وقالت المحكمة إنها طالعت حكم محكمة القضاء الاداري الصادر لصالح المتهم، وجاء نص منطوق الحكم 'بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية السلبي بالامتناع عن منح المدعي شهادة من واقع السجلات الرسميه لوزارة الداخلية بخلوها مما يفيد اكتساب نوال عبد العزيز عبد العزيز نور جنسية أية دولة أجنبية ومنحه الشهادة المشار اليها...إلخ '.. ومن ثم فإن هذا الحكم فضلا عن انه لم يتعرض لجنسية والدة المتهم، وإنما اقتصر علي الزام وزير الداخلية بمنح المدعي شهادة بما تضمنته السجلات.. مشيرة إلي أنه حكم صادر من محكمة القضاء الاداري لا يحوز حجية امام المحاكم الجنائية، ومن ثم يكون تمسك المتهم بحجية الحكم الصادر في الدعوي المشار اليها امام المحكمة لا سند له في الواقع او القانون حري بالرفض.