جاءت الأحكام القضائية بحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة إرهابية بجانب حكم محكمة الأمور المستعجلة بإلزام اللجنة العليا للانتخابات بمنع المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين من الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. الصادر في منتصف إبريل الماضي والذي يلزم اللجنة العليا للانتخابات ورئيس الوزراء ووزير الداخلية بعدم قبول أوراق ترشح المنتمين لجماعة الإخوان المحظورة سواء المنشقون أو المنضوون تحت لواء الجماعة، وكان الحكم بناء علي دعوي أقامها المستشار القانوني للجبهة الشعبية لمناهضة 'أخونة مصر'، طارق محمود، طالب فيها بمنع أعضاء الجماعة من الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية المرتقبة. وجاء هذا الحكم ضمن حلقة من الأحكام القضائية بحق الجماعة وقياداتها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو من العام الماضي. وهو ما دفعنا لطرح تساؤلات: هل يستطيع الإخوان التسلل للبرلمان القادم بعد قرارات الحظر؟، وما هي فرص وحظوظ الجماعة بعد حظرها القانوني والشعبي، وهل سيتمكنون من استغلال أسلحتهم التقليدية سواء المال أو الخدمات للنجاح في الانتخابات البرلمانية القادمة؟ في البداية يقول حسين عبد الرازق القيادي بحزب التجمع: إن النظام المختلط الذي تتوارد الأنباء عن انه سيكون هو نظام الانتخابات البرلمانية القادمة وبه جزء للانتخابات بنظام القائمة وجزء بالنظام الفردي ولم يتم تحديد النسبة حتي الآن ومن المعروف أن النظام الفردي في الانتخابات البرلمانية يظهر فيه بشدة استغلال الأموال والإخوان المسلمين يمتلكون الكثير من مصادر التمويل التي تمكنهم من صرف الملايين للوصول للبرلمان القادم. وأضاف عبد الرازق ان من المتوقع أن يتم طرح المرشحين الإخوان دون الإفصاح بحقيقة انتمائهم ومحاولة الاختباء خلف شعارات مثالية واستغلال أدوات الانتخابات الفردية من الانتماء للعائلات والعلاقات القبلية والعشائرية وتقديم الخدمات الشخصية والهدايا وأساليبهم المعروفة في السباق من تقديم سلع تموينية وهدايا عينية وهذا الأسلوب ينتشر كثيرًا في النظام الفردي، أما الحديث عن البرامج وخطط التنمية ورسم العلاقات الخارجية والمشاريع القومية فلن يكون له مكان لديهم وإنما سيكون تركيزهم علي الاساليب التقليدية وهذا هو جوهر الانتخابات بالنظام الفردي. وأوضح عبد الرازق ان نسبة النظام الفردي في قانون مباشرة الحقوق السياسية ربما يكون لها في عودة الإخوان إلي المشهد السياسي المصري من خلال البرلمان. أما الدكتور محمود العلايلي سكرتير عام حزب المصريين الأحرار: فيري أن الساحة السياسية في مصر تغيرت تمامًا بشكل كبير عن الانتخابات البرلمانية السابقة وانه بأي حال لن يستطيع أي إخواني التخفي دخل المجتمع المصري، وخاصة في نظام الفردي والدوائر الصغيرة، فكل الدوائر تعرف مرشحها جدا وتعرف انتماءهم، ومن الصعب خداع الناخبين حتي وإن لم يكن من القيادات من المؤكد أن أهل دائرته يعرفونه جيدًا فالأهالي يعرفون الإخوان والموالين لهم وحتي في ظل الكلام عن توافر التمويل لتلك الجماعة فالتمويل المادي لن يكون له تأثير في الانتخابات القادمة فالشعب المصري شاهد في البرلمان السابق مهازل وعاني تصرفاتهم وأصابه الإحباط من ممارستهم وإفسادهم للحياة السياسية وأصبحت جماعة الأخوان المسلمين شعارًا للفشل في حكم البلاد. وأضاف العلايلي: إن من الصعب جدًا ان يكون لهم تواجد ملحوظ في البرلمان القادم ولكن هذا لا يمنع ان يتسلل البعض منهم أو الموالون لهم في الوصول للبرلمان وان كان من المتوقع ان يكون وجود بغير تأثير يذكر بعدما عاني الشعب المصري ممارساتهم الإرهابية ولا يمكن ان يحظي الإخوان بتأييد أو تعاطف في ظل عمليات إرهابية يومية يقومون بها في مختلف انحاء الجمهورية. أما المهندس حمدي الفخراني البرلماني السابق فيؤكد ان النظام الانتخابي هو من يضع خريطة الأعضاء في البرلمان المقبل. فالنظام المختلط بين الفردي والقوائم يمكن ان يتسلل الإخوان من خلال القوائم ويخوضوا الانتخابات تحت غطاء أي حزب من الأحزاب مثل البناء والتنمية أو النور ويمكن ان يكون هناك اتفاقات غير معلنة للحصول علي مقاعد في البرلمان بوجوه غير معروفة في الشارع المصري. وأضاف الفخراني: إن النظام الفردي سيكشف الوجوه الإخوانية وأعتقد انه لن يستطيع أحد من الإخوان الترشح وترشح سيحصر بالتأكيد وأعتقد أن أصوات الإخوان ستذهب للحزب الذي سيتحالف من شخصيات ذات ميول إخوانية في محاولات للظهور في المشهد السياسي المصري. ويري الفخراني انه من المستحيل ان يكون للإخوان في البرلمان القادم عدد يقترب حتي من عدد الإخوان في البرلمان أيام مبارك فقد وصل عدد تمثيلهم إلي 88 مقعدًا ووصول الإخوان بأي عدد للبرلمان القادم أمر خطير فعضو البرلمان يكون له حصانة ووضع خاص يتيح له حرية الاتصالات والحركة وذلك لا يجوز لجماعة تآمرت علي الوطن. وحذر الفخراني من ان تسلل الإخوان للقوائم ممكن أن يخدع المواطنين وخاصة ان أعضاء جماعة الإخوان الإرهابيين علي استعداد دائم لإنكار أي صلة بالجماعة وقد رأينا المرشد نفسه ينكر انه إخواني حتي يتنصل من المسئولية، فالكذب في الجماعة مباح فشعارهم في العمل السياسي الغاية تبرر الوسيلة. ويري الدكتور محمد مغازي رئيس قسم القانون العام وأستاذ القانون الدستوري والنظم الانتخابية بجامعة الأزهر ان الأحكام القضائية ضد الإخوان بحظر نشاط الجماعة وجعله إرهابية والحكم الصادر بحق منع المنتمين للجماعة من الترشح للبرلمان المقبل لها شقان عملي ودستوري. فالشق العملي أو الواقعي يؤكد فشل الجماعة والمنتمين لها في الوصول للبرلمان المقبل في ظل هذه المرحلة التي تمر بها مصر الآن ويرجع ذلك للعزل الشعبي المفروض علي الجماعة من قبل باقي طوائف الشعب وهو ما يقول باستحالة فوز أي من أعضاء المحظورة في الانتخابات القادمة، ومن هنا كانت عبقرية الدستور المصري الحالي والمستفتي عليه في يناير الماضي عندما ألغي المادة 232 من الدستور السابق التي كانت تنص علي العزل السياسي لقيادات الحزب الوطني وتبني فلسفة العزل الشعبي أو ترك الحكم للجماهير وهو ما نراه مثبت بشكل فعلي من خلال نتيجة الاستفتاء علي الدستور والتي كانت كاشفة بشكل حقيقي عن حقيقة هذا التيار المسمي بجماعة الإخوان في الشارع. ومن ثم فإن المبدأ الديمقراطي الصحيح يقول إن الحظر الشعبي أقسي ألف مرة من العزل بنص الدستور. أما الناحية الدستورية لمدي قانونية المنتمين للجماعة فيقول الدكتور مغازي: لو نظرنا من الناحية الدستورية والقانونية نجد ان هناك العديد من النصوص الدستورية التي ينبغي ان نلتزم بها وهي المواد 87 من الدستور والتي تنص علي ان لكل مواطن الحق في الانتخابات والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق والمادة 102 والتي تنص علي انها يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب ان يكون مصريًا متمتعًا بحقوق مدنية والسياسية والي آخر المادة. وكذا المادة 110 من الدستور التي تنص علي انه لايجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبارية أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب علي أساسها أو اخلا بوجباته. وبناء عليه فإنه لا يجوزحرمان أحد بعينه من الترشح لعضوية مجلس النواب أو إسقاط عضويته عنه لمجرد انتمائه لجماعة إذ لم يكون مجرمًا بنص القانون في جريمة تحرمه من مباشرة حقوقة المدنية السياسية. وهذا طبقًا للباب الرابع من الدستور وعنوانه: سيادة القانون في المواد من 94 إلي 100 وخاصة المادة 95 التي تنص علي ان العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة لا بناء علي قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي ولا عقاب لا علي الأفعال للاحقة لتاريخ الصادر القانون. وبناء عليه فإن مبدأ شخصية العقوبة بطلب حظر الجماعة واعتبارها جماعة إرهابية لا يمنع أفرادها من الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة لا في حالة واحدة وهي أن كل صاحب مصلحة أو مرشح لا ينتمي للجماعة ان يقوم بالطعن في دائرته الانتخابية علي من يعتقد انه إخواني حتي يمنع من الترشح استنادًا إلي حكم حظر الجماعة وتكون هذه الدعاوي بشكل فردي ضد أفراد حتي لا يتمكن أفراد الجماعة من دخول البرلمان القادم.