بسبب صاروخ حوثي.. وقف الرحلات من وإلى مطار بن جوريون    بالمواعيد.. مباريات الجولة 36 من الدوري الإنجليزي الممتاز    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: ذروة الموجة الحارة بهذه الموعد    بشرى ل"مصراوي": ظهرت دون "مكياج" في "سيد الناس" لهذا السبب    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    النار التهمت محصول 1000 فدان.. الدفع ب 22 سيارة للسيطرة على حريق شونة الكتان بالغربية    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    «المستشفيات التعليمية» تنظم برنامجًا تدريبيًّا حول معايير الجودة للجراحة والتخدير بالتعاون مع «جهار»    فريق طبي بمستشفى سوهاج ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس جامعة الإسكندرية يستقبل وفد المجلس القومي للمرأة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    مصرع شابين وإصابة آخر فى حادث تصادم دراجتين ناريتين بالدقهلية    جهاز تنمية المشروعات يضخ 920 مليون جنيه لتمويل شباب دمياط    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    ملتقى الثقافة والهوية الوطنية بشمال سيناء يؤكد رفض التهجير والتطبيع مع الكيان الصهيوني    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    قناة السويس تدعو شركات الشحن لاستئناف الملاحة تدريجيًا بعد هدوء الهجمات    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    ضبط 3 طن دقيق فاخر مجهول المصدر و185أسطوانة بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء في المنوفية    عاجل.. الاتحاد السعودي يعلن تدشين دوري جديد بداية من الموسم المقبل 2025-2026    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    وزيرة التخطيط و التعاون الدولي :حققنا تطورًا كبيرًا في قطاع الطاقة المتجددة بتنفيذ إصلاحات هيكلية تجذب القطاع الخاص وتُعزز مركزنا كدولة رائدة    الطيران المدني الباكستاني: مجالنا الجوي آمن ومعظم المطارات استأنفت عملها    13 شهيدا وهدم للمنازل.. آخر تطورات العدوان الإسرائيلي في طولكرم ومخيميها    مصر أكتوبر: مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات موسكو تعكس تقدير روسيا لدور مصر    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    الكشف عن طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة في مهب الريح
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 12 - 05 - 2014

في السادس من يناير 2012، قررت جماعة الإخوان إبعاد اللواء أحمد جمال الدين عن منصبه كوزير للداخلية، فوجئ الفريق أول عبد الفتاح السيسي بهذا القرار، أدرك أن القرار موجه ضده شخصيًا، خاصة بعد القلق الذي أثارته المقابلات المشتركة بينه وبين الوزير أحمد جمال الدين وإنهاء الأزمات الطارئة التي حدثت بين ضباط من الشرطة وآخرين من القوات المسلحة.
كان الإخوان يراهنون علي أن تبقي لغة الخلاف هي السائدة بين وزيري الدفاع والداخلية، إلا أن السيسي وأحمد جمال الدين استطاعا تجاوز هذه الخلافات المصطنعة ووحدا جهودهما تحت عنوان 'حماية الدولة الوطنية من الأخونة والسقوط'.
لقد تم اختيار اللواء أحمد جمال الدين خلفًا لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم يوسف الذي ظل حتي اللحظة الأخيرة يقاوم تدخل الإخوان في جهاز الشرطة، حتي أنه فوجئ برئيس الجمهورية يتدخل في حركة الشرطة للمرة الأولي في تاريخها، فقاوم محمد إبراهيم يوسف هذا التدخل ورفض الاستجابة لمطالب مرسي وجماعته في هذا الوقت، فكان الثمن إبعاده رغم النجاحات التي حققها خلال فترة توليه منصبه في حكومة الدكتور الجنزوري.
كان أحمد جمال الدين يدرك بعد موقفه برفض الصدام مع المتظاهرين خلال أحداث الاتحادية أنه سيدفع منصبه ثمنًا لهذا الموقف، كما أن رفضه إطلاق الرصاص علي المتظاهرين أمام أسوار السفارة الأمريكية علي خلفية فيلم يسيء للرسول الكريم 'صل الله عليه وسلم' دفع خيرت الشاطر إلي اتهام وزارة الداخلية علنًا بتحمل المسئولية عن وصول المتظاهرين إلي مبني السفارة الأمريكية وقال: 'إن هذا الأمر لن يمر دون تحقيق'.
وعندما تصاعد الصدام بين المتظاهرين والإخوان أمام مقر الجماعة في المقطم، وكذلك قيام الداخلية بمطاردة عناصر حازم أبو إسماعيل عندما حاولوا اقتحام مقر حزب الوفد كل ذلك جعل الجماعة تتخذ قرارها بإبعاد أحمد جمال الدين، الذي لم يكن قد مر علي اختياره وزيرًا سوي أشهر قليلة.
لم تكن سياسة الحياد التي اطلقها أحمد جمال الدين ترضي الجماعة ومكتب ارشادها، كان يريدون أن تكون الداخلية ذراعهم القوية في مواجهة جمهور الغاضبين من الشعب، وأيضًا في مواجهة الجيش وقيادته.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده المرشد لجماعة الإخوان في 8 ديسمبر 2012 حرض د.محمد بديع ضد الداخلية ووزيرها عندما راح يقول: 'إننا تركنا مقرات الجماعة في حماية وزارة الداخلية فتم الاعتداء عليها وحرقت في وجودها، وقد طلبنا من وزير الداخلية تبريرًا.
كانت الخطة الإخوانية تقضي بمفاجأة السيسي وأحمد جمال الدين بقرار إبعاد وزير الداخلية، حتي اللحظة الأخيرة من التعديل الوزاري الواسع الذي حدث داخل حكومة هشام قنديل لم يكن أحمد جمال الدين يعلم أنه سيتم إقالته.
لقد كانت كافة المؤشرات تؤكد حتي اللحظة الأخيرة أن الرجل باق في موقعه، وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي علي ثقة من استمرار الرجل في منصبه.
قبيل إعلان التعديل الوزاري بساعات قليلة أبلغ أحد كبار المسئولين بالقصر الجمهوري اللواء محمد إبراهيم مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون أنه مطلوب إلي القصر الجمهوري، وأن هناك سيارة ستنتظره علي ناصية أحد الشوارع القريبة من مصلحة السجون في منطقة السبتية، وطلب منه المتحدث ألا يبلغ اللواء أحمد جمال الدين أو أيًا من الأشخاص بذلك، أبدي محمد إبراهيم دهشته إلا أنه أصر علي ابلاغ اللواء أحمد جمال الدين سرًا بهذا الأمر، فقال له اللواء أحمد جمال الدين 'أذهب وشوف عاوزين منك إيه'.
لم يكن محمد إبراهيم علي علاقة قوية بمحمد مرسي، لقد التقاه أول مرة علي الطائرة خلال الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية لعام 2012، كان محمد إبراهيم مديرًا لأمن أسيوط في هذا الوقت وكان عائدًا من القاهرة إلي أسيوط بصحبة أحد كبار ضباط الداخلية، وفوجئنا الاثنان بأن مرسي يجلس إلي جوارهما في الطائرة المتجهة إلي مدينة أسيوط.
اقترب مرسي من اللواء محمد إبراهيم وقال له: 'متهيألي شوفتك قبل كده'، فقال له اللواء محمد إبراهيم: 'أنا مدير أمن أسيوط' رحب محمد مرسي مهللاً، وقال له إنه ذاهب هو أيضًا إلي أسيوط في جولة انتخابية.
توقع محمد إبراهيم أن يكون هناك جمع من الإخوان في استقبال مرسي، تخوف من أن تلتقط له صورة ويتم نشرها علي الفيس بوك ليبدو فيها وكأنه في استقبال مرسي، تآخر بعض الشيء داخل الطائرة في أعقاب وصولها، حتي يغادر مرسي أرض المطار إلا أنه بمجرد نزوله كان مرسي في انتظاره فالتقط الإخوان الصورة ومرسي يصافحه، فانتشرت الصورة علي مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان 'مدير أمن أسيوط يستقبل المرشح الرئاسي محمد مرسي'!!
وكانت المرة الثانية عندما قام مرسي بزيارة أسيوط بعد نجاحه بقليل، وكان اللواء محمد إبراهيم لايزال في موقعه، ومنذ هذا اليوم وضع مرسي عينيه علي هذا الرجل.
كانت السيارة المجهولة تنتظر اللواء محمد إبراهيم علي ناصية أحد شوارع السبتية، ركب محمد إبراهيم السيارة التي اتجهت به علي الفور إلي قصر الرئاسة، تم ادخاله علي الفور إلي مكتب رئيس الجمهورية حيث كان يجلس إلي جواره رئيس الوزراء هشام قنديل بعد قليل دخل أسعد الشيخة نائب رئيس الديوان.
قال محمد مرسي لمحمد إبراهيم: لقد اخترتك وزيرًا للداخلية وغدًا ستأتي لتؤدي اليمين الدستورية، ذُهل محمد إبراهيم، حاول الاعتذار إلا أن مرسي كان حاسمًا في موقفه.
وعندما عاد اللواء محمد إبراهيم إلي منزله لم يفاتح أحدًا من أهل منزله، وعندما تردد اسمه في صباح اليوم التالي، طلب منه أفراد أسرته بعدم قبول المنصب بأي حال من الأحوال، إلا أنه مضي إلي قصر الاتحادية ليؤدي القسم، فقد كان علي يقين أنه لن يخذل أحدًا ولن يبيع ضميره.
كان اللواء محمد إبراهيم يعرف أن الإخوان جاءوا به ليكون مجرد أداة لهم، سعوا إلي توريطه منذ البداية.
وعندما وجدوه يرفض الاستجابة لكل مطالبهم، حركوا ضده مظاهرات عديدة داخل غالبية أقسام الشرطة ومديريات الأمن، وكانت المطالب المطروحة في هذا الوقت هو إقالته وإبعاده بحجة أنه يسعي إلي أخونة الجهاز.
كانت دعوات العصيان المدني التي اطلقها بعض أفراد الشرطة تحمل شعارات جيدة ومقبولة، إلا أن الإخوان أراد من ورائها احتواء وزير الداخلية الجديد والزامه بقبول كافة مطالبهم، لقد أرادوه ضعيفًا ومجردًا من كل عوامل القوة منذ البداية.
في هذا الوقت بدأت الاتصالات بين اللواء محمد إبراهيم والفريق أول عبد الفتاح السيسي، كان الهدف الحيلولة دون تنفيذ مخطط الإخوان في إسقاط الشرطة.
لقد فوجئت الجماعة في هذا الوقت بأن اللواء محمد إبراهيم بدأ يعيد إلي جهاز الأمن الوطني العديد من القطاعات والأقسام التي تم إلغاؤها ومن بينها أقسام التطرف الديني والإخوان وأيضًا قوة مكافحة الإرهاب التابعة للجهاز وغيرها.
بمجرد عودة اللواء محمد إبراهيم من أداء القسم، كان قد استدعي اللواء خالد ثروت رئيس جهاز الأمن الوطني إلي مكتبه، وسأله عن هذه الأقسام، فقال له اللواء ثروت إن جهاز الأمن الوطني تم تصفيته وإبعاد المئات من كوادره ذات الخبرات المهمة.
طلب اللواء محمد إبراهيم من خالد ثروت أن يعد له لقاء مع ضباط الجهاز في هذا الوقت، وعندما ذهب إليهم والتقاهم شعر بحالة الاحباط النفسي التي كان عليها ضباط الجهاز، حاول رفع معنوياتهم ووعد بالاستجابة لتوفير الإمكانات التي تساعد الجهاز علي العودة مجددًا لأداء دوره ومن بين ذلك إعادة العديد من كوادره التي تم إبعادها بتعليمات من خيرت الشاطر قبل ذلك.
بدأ اللواء خالد ثروت في الاتصال بالعديد من كوادر الجهاز الذين تم إبعادهم سواء كانوا داخل مصر أو خارجها، عاد من الخارج ضباط انهوا أعمالهم في الخليج والتي كانوا يتقاضون منها مبالغ مالية كبيرة، استجابوا للنداء ولم يتردد أحد منهم.
في شهر أبريل 2013 أدركت جماعة الإخوان أن وزير الداخلية أعاد الكثير من ضباط أمن الدولة السابقين إلي مناصبهم، وأن السيسي يقف إلي جانبه بكل قوة، وأنه يمنحه الدعم المادي والمعنوي لعودة الشرطة وجهاز الأمن الوطني بكل قوة.
في هذا الوقت طلب خيرت الشاطر من مجموعات السلفيين التحرك في مظاهرات ومحاصرة جهاز الأمن الوطني لإجبار الوزير علي التراجع عن إعادة الأقسام التي تم إلغاؤها داخل الجهاز وكذلك عودة الضباط الذين تم إبعادهم وتحديدًا الضباط الذين كانوا يتابعون الإخوان والسلفيين في أوقات سابقة.
تحركت جحافل من السلفيين ومعهم عناصر إخوانية غير معروفة إلي مقر جهاز الأمن الوطني في مدينة نصر، حاصروا الجهاز ورفعوا عليه 'علم القاعدة' حاول اللواء محمد إبراهيم تجاوز هذه الأزمة واتصل بالرئيس مرسي وطلب منه الاتصال بعناصر التيار الإسلامي وإبعادهم عن الجهاز.
فقال له مرسي: ولماذا قررت إحياء الجهاز مرة أخري واعدت رموز النظام السابق الذين مارسوا العنف ضد الإسلاميين؟
قال الوزير: الداخلية لها جناحان، جناح جنائي والآخر سياسي، ما الذي سيضيرك في عودة جهاز الأمن الوطني إلي ممارسة دوره.
قال مرسي: كان لازم تحيطني علمًا بما فعلت.
قال وزير الداخلية: أنا لست متخيلاً أنك ستزعل لأنني أعدت جهاز الأمن الوطني لممارسة دوره هذا لصالح مصر.
قال مرسي: ولكنك جئت مرة أخري بالعناصر المرفوضة وقمت بإحياء الأقسام التي تتابع أبناء التيار الإسلامي والإخواني، وعلشان كده الإخوة سيحتشدوا مرة أخري أمام الجهاز.
قال وزير الداخلية: بص يا أفندم، من سيذهب إلي الأمن الوطني ويكرر نفس ما جري سابقًا، أنا حتعامل معاه، ولن اتركه.
قال مرسي: إحنا بس، موش عاوزين نوصل لكده.
قال وزير الداخلية: أنا لن أقبل مرة أخري رفع علم تنظيم القاعدة علي مبني الأمن الوطني، لن أسكت علي ذلك ولو اضطررت سأدخل في مواجهة معهم.
قال مرسي: خلي بالك دول موش ساهلين واحنا عاوزين نتعامل معهم بالليونة، أبعد العناصر اللي أنت رجعتها وينتهي كل شيء.
قال وزير الداخلية: كل من عادوا هدفهم إعادة الأمن للبلاد ومنع المؤامرات واحترام القانون والدستور وحماية الشرعية.
قال مرسي: أنت حر.. اتحمل بقه.
بعد هذه المحادثة بيومين كان خيرت الشاطر قد ارسل بذات العناصر بقيادة السلفي حسام البخاري فواجهتهم قوات الشرطة وأجبرتهم علي التراجع.
لم يتوقف خيرت الشاطر عند هذا الحد، بل ارسل بالألتراس إلي منزل وزير الداخلية وبعد ذلك ارسل أحمد ماهر علي رأس مجموعة من حركة 6 أبريل الذين كانوا يتحركون بتعليمات إخوانية، وأطلقوا الشماريخ وحاول الهجوم علي منزل الوزير.
وعندما تم ضبط أحمد ماهر رئيس الحركة، وصدر قرار بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيق، لم يبق في السجن أكثر من خمس دقائق فقط، فقد طلب محمد مرسي من المستشار طلعت إبراهيم إصدار قرار بالإفراج فورًا عن أحمد ماهر، كما أن باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس أصدرت هي الأخري بيانًا قالت فيه: 'لن نقبل أبدًا بحبس أحمد ماهر'.
كان السيسي يتابع هذه التطورات عن كثب، كان يعرف بالمخطط الإخواني الذي يستهدف تفكيك الشرطة، خاصة بعد أن رصد الجيش لقاءات جرت بين ممثلين عن الحرس الثوري الإيراني وبين عناصر إخوانية بهدف تشكيل ما يسمي بالحرس الثوري داخل مصر، يكون بديلآً عن الشرطة في حماية القاهرة تحديدًا التي يجب افراغها من عناصر الجيش!!
كانت الأزمة بين الجيش وجماعة الإخوان في تصاعد مستمر، فالجماعة كانت تري أن الجيش يجب أن ينصاع لأوامر رئيس الدولة بصفته القائد الأعلي للقوات المسلحة في كل ما يريد، والجيش كان يري أن رئيس الجمهورية ينفذ مخططًا للأخونة والتقسيم وهو ما يمثل اعتداء علي الدستور ويمهد الطريق لتقسيم البلاد وإشعال الحرب الأهلية علي أراضيها.
وأمام محاولات التصعيد التي كان يعد لها الإخوان، أدلي رئيس الأركان في هذا الوقت، الفريق صدقي صبحي بتصريح إلي قناة العربية علي هامش زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة قال فيه: 'إن القوات المسلحة وقفت بجانب الشعب منذ قديم الأزل، وأنها لا تنتمي لأي فصيل من الفصائل ولا تمارس السياسة حاليًا، ولكن عينها دائمًا علي ما يدور في الدولة، وإذا ما احتاجها الشعب المصري ستكون في أقل من الثانية في الشارع'.
سعي محمد مرسي في هذا الوقت إلي ممارسة كل الضغوط علي وزير الدفاع لإجباره علي إصدار قرار بإقالة الفريق صدقي صبحي من موقعه، إلا أن السيسي رفض ذلك بكل قوة، فاضطر الرئيس إلي أن يطلب من السيسي بأن يجبر رئيس الأركان علي التراجع عن تصريحاته، إلا أن وزير الدفاع رفض ذلك أيضًا وأكد أن الجيش المصري سيقف دومًا مع الشعب لأن الشعب هو أصل الشرعية.
لم يكن أمام مرسي من خيار سوي الصمت، انتظارًا للحظة المناسبة التي يمكنه فيها الإطاحة بالسيسي وصدقي علي السواء!!
كانت الأوضاع في البلاد تتدهور سريعًا، مظاهرات ومصادمات حرائق تجتاح العديد من المحافظات، حالات الانقسام المجتمعي تعم كافة الفئات، تخريب متعمد من قبل جماعة الإخوان لمؤسسات الدولة، ورئيس غارق حتي أذنيه في حروب 'دونكوشوتية' مع الداخل والخارج.
أدرك المصريون أنه لا خلاص إلا باسقاط هذا النظام، كان البعض من قادة جبهة الانقاذ لايزالون حتي هذا الوقت يطلقون تصريحات تتحدث عن الإصلاح وليس عن إسقاط النظام، أقسم الناس في الشوارع والميادين أنه لن يكون هناك من خيار سوي رحيل هذا النظام.
في هذا الوقت من شهر فبراير 2013 جري الحديث عن ضرورة تشكيل حكومة تضم فئات مختلفة من المصريين تكون مهمتها إنقاذ الأوضاع المتدهورة في البلاد، إلا أن مكتب الإرشاد رفض هذه النصيحة، فأنهي د.ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة في هذا الوقت الجدل الدائر بتصريح لقناة الجزيرة في 11 فبراير 2013 قال فيه: إن حكومة قنديل مستمرة حتي إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة.
وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي هو من أنصار تشكيل حكومة للانقاذ الوطني، وأيضًا إبعاد النائب وإجراء تعديلات في الدستور ترضي فئات المجتمع المصري المختلفة، قال ذلك للرئيس مرسي في هذا الوقت، وراح يوجه إليه الصائح أكثر من مرة.
وعندما وجد قبولاً في البداية، ثم رفضًا من الرئيس بعد صدور تعليمات مكتب الإرشاد قال له في هذا الوقت: 'إن مشروعكم قد انتهي، الشعب انفض من حولكم، ورهانكم علي إخضاع الشعب أو دفعه إلي الصمت رهان غير صحيح ولن يحقق أيه نتيجة، وأنا انصحك بتأجيل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها لحين التوصل إلي اتفاق مشترك بين الجميع.
كان مرسي يستمع إلي رؤية الفريق أول السيسي وهو يلتزم الصمت، وبعد أن انتهي وزير الدفاع من كلماته قال مرسي: لا أحد يفهم الشعب المصري، كما نفهمه نحن، هناك مؤامرة ضد الإسلام من قبل جبهة التخريب والعلمانيين والمسيحيين وأنا لن أقبل بالابتزاز أبدًا.
أدرك وزير الدفاع أنه لا أمل في النصيحة، وأن 'الإخوان' لن يستمعوا إلا لأنفسهم، وأن إصرارهم علي إجراء الانتخابات البرلمانية في هذا الوقت يحمل في طياته الكثير، ويفتح الطريق أمام المزيد من الانقسام.
كانت واشنطن في هذا الوقت تري بضرورة مشاركة المعارضة المصرية في الانتخابات البرلمانية التي كان يعد لها وفي هذه الفترة جاء إلي القاهرة وزير الخارجية الأمريكي 'جون كيري' والتقي ببعض رموز المعارضة في محاولة لاقناعهم بالمشاركة في الانتخابات، وبعد الفشل مورست الضغوط علي مرسي لتأجيل الانتخابات إلي أكتوبر 2013، ووافقت الجماعة علي ذلك.
كان الجيش يدرك حقيقة الأهداف المشتركة بين جماعة الإخوان والإدارة الأمريكية، وكان جهاز 'الرصد الشعبي' الذي أنشأته الجماعة سرًا يتبادل المعلومات مع بعض المقربين من السفارة الأمريكية وبعض السفارات الغربية الأخري إضافة إلي سفارتي 'قطر وتركيا'.
ومع تزايد لغة الغضب السياسي وازدياد حدة عمليات القتل والذبح والسحل الجنائي بعد انتشار حوادث الخطف والقتل والسرقة والاغتصاب كانت البلاد تمضي سريعًا نحو الفوضي، وكان الجيش علي قناعة بأن ما يتم هو مخطط إخواني بدعم أمريكي مباشر، أنها الفرضي 'الخلاقة' التي تحدثت عنها كونداليزا رايس، ولكن هذه المرة بمشاركة إخوانية مباشرة.
وأمام حالة القلق التي بدأت تسود العديد من الدوائر في الداخل والخارج، أصدر معهد 'واشنطن' لسياسات الشرق الأدني تقريرًا خطيرًا في هذا الوقت حذر فيه من سقوط الدولة المصرية وقال: 'إن سقوطها يعزز من قدرة تنظيم القاعدة والحركات الجهادية الأخري علي زعزعة الأمن والاستقرار لكل أصدقاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط'.
وأشار المعهد في تقريره الصادر عن شهر مارس 2013، إلي أن تطلع الإدارة الأمريكية لاستقرار مصر يجب ألا يكون بمثابة رخصة للتعامل مع الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان بنفس طريقة تعاملها مع الرئيس السابق حسني مبارك.
وأوضح المعهد أن 'مصلحة واشنطن في استقرار البلاد أمر مهم، ولكن مصلحتها في ضمان السياسة التعددية في مصر ليست أقل أهمية'.
وحذر المعهد من 'أن القيم والمعتقدات الخاصة بجماعة الإخوان تشكل تحديًا خطيرًا للقيم الأمريكية، مشيرًا إلي أن قادة الجماعة يتحدثون بلهجة مختلفة تمامًا في منطقة الشرق الأوسط عن تلك التي يستخدمونها مع الجمهور المصري، حيث يعمل قادتها بشكل مستمر من أجل السيطرة علي جميع مؤسسات الدولة وتعزيز قواعد جديدة للعبة السياسية تسمح بهيمنة الإخوان علي كل الأطراف الأخري.
ودعا معهد واشنطن في تقريره الهام الإدارة الأمريكية إلي أن تكون حاسمة مع قرارات مرسي لحفاظ علي مصداقيتها، وأن يعلن الرئيس الأمريكي موقفه بشكل واضح من قرارات الرئيس المصري التي تنتهك المبادئ الأساسية للديمقراطية والتعددية السياسية.
كان هذا التقرير بمثابة إنذار للإدارة الأمريكية وللإخوان، لكنه كان أيضًا تقريرًا كاشفًا أمام قيادة الجيش المصري، التي اخضعت هذا التقرير للدراسة والتحليل.
كان وزير الدفاع يردد دائمًا أن نجاح الإخوان في تنفيذ خطة تفكيك جهاز الشرطة بزعم التطهير وإعادة الهيكلة، إنما يعني فتح الطريق أمام مخطط إقامة 'شرطة مجتمعية' تحت إشراف جماعة الإخوان، وهو أمر يمكن أن يقود البلاد إلي مزيد من الانقسام والفوضي.
وكانت الخطة تقضي بتولي القيادي الإخوان 'محمد البلتاجي' مهمة تنفيذ هذه الخطة التي اعتمدتها جماعة الإخوان والتواصل مع الجماعات الإسلامية المتشددة الأخري لتكون طرفًا فاعلاً في تشكيل الشرطة المجتمعية.
كان حوار البلتاجي مع الصحفي الأمريكي 'إيريك تريجر' بمثابة إنذار للجيش ولجهاز الشرطة علي السواء، فقد كشف البلتاجي أن مهمته في الوقت الراهن هي 'إصلاح جهاز الشرطة وإعادة هيكلته'.
وعندما اثيرت ضجة كبري في الإعلام المصري في هذا الوقت حول ما أثاره البلتاجي في حديثه مع 'إيريك تريجر' أضطر البلتاجي أن ينفي هذا الحديث فرد عليه الصحفي الأمريكي بنشر مقال في مجلة 'فورين بوليسي' الأمريكيك في 23 مارس 2013، أكد فيه صحة كل ما نشره علي لسان البلتاجي.
وقال 'تريجر' إن الإخوان حصلوا علي أصوات الناخبين وأمسكوا بزمام الحكم في أيديهم، لكنهم لا يملكون السلطة اللازمة لإدارة شئون البلاد والعباد.
وقال: 'والآن وقد ارتقي الإخوان قمة المناصب السياسية في مصر، فانهم لا يتورعون عن فعل أي شيء في مقدورهم للبقاء فيها'.
وقال: 'إن السعي الأحادي للإخوان وراء الحكم تسبب في مقاومة عنيفة لحكمهم وبالتالي أسهم في عدم الاستقرار في مصر، إلا أن الحركة الإسلامية لم تظهر أي إمكانية لتغيير مسارها معتقدة علي ما يبدو أن التمسك بالحكم هو الطريقة الوحيدة لعرقلة ما تعتبره مؤامرة واسعة ضد حكمهم.
وقال: 'من المحتمل أن تأتي الخطوة التالية فيما يتعلق بوزارة الداخلية التي تعرف بتاريخ من القمع'.
وقال: 'إن البلتاجي أكد له خلال مقابلة معه إنه يري دوره المستقبلي في العلاقات المدنية والعسكرية وفي إعادة تشكيل وإصلاح وزارة الداخلية'.
ونقل الصحفي الأمريكي عن البلتاجي قوله: 'إن من بين الإجراءات الأخري التي يسعي وراءها، السماح لخريجي الجامعات بالتدريب علي أعمال الشرطة بدلاً من أن تظل الشرطة مقتصرة علي خريجي أكاديميات الشرطة'.
كان كل شيء يمضي نحو تفكيك الشرطة المصرية وإلحاق جهاز الأمن الوطني برئاسة الجمهورية، إلا أن ما كان يسميه 'الإخوان' بالدولة العميقة ظلت تقاوم بكل شدة رغم ضغوط الإخوان ومؤامراتهم.
وكان 'السيسي' في هذا الوقت يحذر وينذر خاصة بعد أن أدرك الجيش أن المؤامرة أكبر من ذلك، وأن الجماعة تمضي في طريقها دون تردد.
وقد حذر 'السيسي' الرئيس مرسي في هذا الوقت من خطورة القرار الذي أصدره النائب العام 'المعين' طلعت إبراهيم والذي مر فيه بتفعيل المادة '73' من قانون الإجراءات الجنائية الخاصة بالضبطية القضائية للمواطنين.
ووفقًا للمعلومات فإن وزير الدفاع أكد لرئيس الجمهورية في هذا الوقت أن هذا الأمر يمكن أن يقود البلاد إلي حرب أهلية، وإلي ترصد لمواطنين ببعضهم البعض، مما استدعي من مرسي الطلب من النائب العام تحميد هذا القرار في هذا الوقت خصوصًا بعد ما خلفه من ردود أفعال واسعة في كافة الأوساط.
وأمام محاولات الاستفزاز الإخوانية التي تعدت كل الحدود وقيام آلاف الشباب بالزحف إلي مبني مكتب الإرشاد بالمقطم في جمعة 'رد الكرامة' يوم 20 مارس 2013 وسقوط نحو 257 جريحًا، كان طبيعيًا أن يصعد 'السيسي' من انتقاداته لممارسات الجماعة وصمت الرئيس، خاصة بعد أن أصدر حازم أبو إسماعيل بيانًا توعد فيه بحصار مدينة الإنتاج الإعلامي وحصار منازل السياسيين والإعلاميين ابتداء من يوم الأحد 24 مارس 2013.
وعندما حذر الفريق أول عبد الفتاح السيسي من أن الجيش لن يسمح بالمساس بأي من السياسيين أو الإعلاميين المعارضين، ثار مرسي وراح يحمل الجيش والشرطة مسئولية الصمت علي جرأة المعارضة وأهانتها للنظام، إلا أن الجماعة اضطرت أمام هذا التحذير إلي أن تتراجع وتؤكد 'أنها لن تشارك رسميًا في هذه الإجراءات' وقالت 'إن من يشارك من شبابها يتحمل مسئوليته بنفسه'.
أما عاصم عبد الماجد أحد أبرز قيادات الجماعة الإسلامية فقد أصدر تصريحًا أبدي فيه غضبته من تراجع الإخوان 'شكليًا' عن المشاركة في الإجراءات المنتظرة، وقال: 'لا يليق بنا الجلوس في قاعات مكيفة ونترك أعداء الإسلام يمارسون تأثيرهم علي الشعب المصري'.
كانت جماعة الإخوان قد أعدت العدة في هذا الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد عدد كبير من المعارضين والإعلاميين وقد وضح في هذا اليوم أن مرسي قد أعطي الموافقة للجماعة بالبدء في الإعداد لذلك، حيث تحدث أمام مؤتمر مبادرة حقوق وحريات المرأة المصرية في 24 مارس 2013 وقال 'إنه إذا ما اضطر لاتخاذ ما يلزم لحماية هذا الوطن فلن يتردد وسوف يفعل، وأعرب عن خشيته من أن يكون علي وشك أني فعل ذلك'.
وقال مرسي محذرًا معارضيه 'إنه إذا ما أثبتت التحقيقات إدانة بعض الساسة فسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم مهما كان مستواهم'.. وقال 'إن البعض يستخدم وسائل الإعلام للتحريض علي العنف، ومن يثبت تورطه فلن يفلت من العقاب، وكل من شارك في التحريض هو مشارك في الجريمة'.
في هذا الوقت نقلت السفارة الأمريكية تقريرًا إلي وزارة الخارجية الأمريكية حذرت فيه من مخاطر التطورات الحاصلة في مصر، وأكدت أن الانقسام المجتمعي ونذر الحرب الأهلية سوف تؤدي حتمًا إلي تدخل الجيش الذي أكد أكثر من مرة أنه لن يسمح بسقوط الدولة المصرية.
وبعد دراسة هذا التقرير اضطرت الخارجية الأمريكية إلي إصدار بيان هام يوم 26 مارس 2013 أعربت فيه عن قلقها إزاء ما تشهده مصر من أحداث عنف، وأكدت متابعتها للأوضاع المصرية عن كثب، ونوهت بأن رسالتها إلي الحكومة المصرية هي 'الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وسيادة القانون في تعاملها مع الأوضاع الراهنة في البلاد'.
وبدأت الجماعة علي جانب آخر تعد خطة لإرهاب الإعلاميين المعارضين واتهامهم بالفساد، حيث صرح صلاح عبد المقصود وزير الإعلام 'الإخواني' في هذا الوقت بأن 'هناك 26 قضية فساد مالي ستلاحق إعلاميين معروفين'، وقال 'إن هناك إعلاميين يعملون في قنوات خاصة يتقاضي الواحد منهم 18 مليون جنيه راتبًا سنويًا'.
ومع تصاعد الأزمة قررت الإدارة الأمريكية أن تبعث بوزير خارجيتها 'جون كيري' لزيارة القاهرة في شهر مارس 2013، كانت واشنطن حذرت من أن يقوم الجيش علي الانقلاب ضد مرسي.
وعندما التقي كيري بوزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، كان سؤاله الأساسي له: 'ماذا يعني تصريح رئيس الأركان الفريق صدقي صبحي 'إذا احتاج الشعب الجيش، فسيكون في الشارع بعد ثانية واحدة'.. أدرك الفريق أول السيسي معني السؤال، فكان رده بسؤال مقابل 'وماذا إذا تعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر'؟!
وقد أكد الفريق أول عبد الفتاح السيسي في هذا اللقاء 'أن الجيش المصري ليس لديه أي رغبة للعودة إلي لعب دور سياسي مرة أخري، لقد أدينا مهمتنا في المرحلة الانتقالية وكنا أوفياء لما تعهدنا به، لكن عندما يتعرض أمن البلاد للخطر سيكون من الصعب علي الجيش المصري أن يقف متفرجًا، بلقطع لابد أن يتدخل لحماية الدولة من السقوط'.
كان جون كيري قد قرأ جيدًا تصريحات السيسي التي أدلي بها أمام طلبة الكلية الحربية في 29 يناير 2013 وتوقف أمامها كثيرًا، مبديًا تخوفه من عودة الجيش إلي السلطة مرة أخري.
كان وزير الدفاع قد أكد في هذا اللقاء 'أن محاولة التأثير علي استقرار مؤسسات الدولة هو أمر خطير ويضر بالأمن القومي، ومستقبل الدولة، إلا أن الجيش المصري سيظل هو الكتلة الصلبة المتماسكة والعمود الفقري الذي ترتكز عليه أركان الدولة المصرية، وهو جيش كل المصريين يجمع طوائفهم وانتماءاتهم'.
وأكد 'أن استمرار صراع مختلف القوي السياسية واختلافها حول إدارة شئون البلاد قد يؤدي إلي انهيار الدولة ويهدد مستقبل الأجيال القادمة'.
وقال 'إن القوات المسلحة تواجه إشكالية خطيرة تتمثل في كيفية المزج بين عدم مواجهة المواطنين المصريين وحقهم في التظاهر، وبين جماية وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية والتي تؤثر علي الأمن القومي المصري وهذا ما يتطلب درء المخاطر الناجمة عن العنف أثناء هذه التظاهرات، وأن الجيش لن يسمح أبدًا بانهيار الدولة ومؤسساتها'.
كان اللقاء بين السيسي وجون كيري عاصفًا، لقد طلب السيسي منه التوقف عن التدخل في الشئون الداخلية المصرية، إلا أن كيري أكد له أن الولايات المتحدة هي طرف محايد بين كافة الفرقاء علي الساحة المصرية.
لقد عبر كيري عن ذلك بتصريح أعلنه لوسائل الإعلام عندما قال: 'إنه جاء إلي مصر صديقًا للبلد، لا لجماعة معينة'، كما أنه لم يزر مقر جماعة الإخوان ولم يلتقي بأي من رموزها في هذه الزيارة.
أبدت جماعة الإخوان غضبها من تجاهل جون كيري زيارة الجماعة أو الالتقاء بأي من رموزها، ولذلك شددت علي الرئيس مرسي برفض كافة مطالب كيري ومن بينها تشكيل حكومة انتقالية وتحميل المعارضة مسئولية الأحداث التي تشهدها البلاد.
وقد اشتكي مرسي لجون كيري خلال لقائه معه من محاولة ما أسماه بقيام الجيش بخلق سلطة موازية لسلطة الرئاسة وحذر من أنه لن يسمح مجددًا من الانتقاص من سلطته بأي شكل من الأشكال.
تصاعدت حدة الخلاف بين الجيش والجماعة ومؤسسة الرئاسة خلال الأحداث التي شهدتها بورسعيد ومدن القناة الأخري، ورفض القائد العام للجيش التورط في هذه الأحداث أو تنفيذ قانون حالة الطوارئ الذي فرضه مرسي في هذا الوقت بالقوة، بل الحقيقة أن الجيش جمد العمل بهذا القانون وفرض حماية علي الجماهير رافضًا الصدام معها.
فشلت كافة محاولات الإطاحة بالسيسي في هذا الوقت، كانت الجماعة تتخذ القرار، ثم تتراجع عنه، بعد أن نجح قادة الجيش في توجيه رسائل حاسمة وإشراك الشارع المصري 'الغاضب' في هذه المعركة التي انتقلت من خلف ستار إلي العلن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.