' أفباك ' ولمن لا يعرف 'أفباك ' فهو مصطلح طرحته أمريكا وهو اختصار' لأفغانستانوباكستان' باعتبار أن المشكلة واحدة حيث كان الرئيس السابق جورج بوش قد وافق علي مضاعفة عدد القوات الأميركية في أفغانستان.. أما أوباما وفي أول قرار عسكري له أرسل 17000 جندي أميركي للتمركز جنوبأفغانستان، وأعطي الضوء الأخضر للقوات الأميركية بتوسيع هجماتها الجوية داخل باكستان بحجة ملاحقة المسلحين الذين يشكلون خطراً 'علي المصالح الأميركية والحكومة الباكستانية' وهو اعتراف بأن اسلام آباد ضالعة في تقديم 'الدعم اللوجستي' للقوات الأمريكية اي تعني' الإمداد غير المباشر بمعني إن الدولة تشارك حليفتها بالحرب عن طريق الإمداد بالمعلومات الاستخباراتية والتقنية وقد يصل الدعم إلي الدعم المادي وبالأسلحة ولكن سرا.. حيث أن طائرات التجسس الأميركية تنطلق من الأراضي الباكستانية بعد تزويدها بمعلومات استخبارتية باكستانية. أما الآن فيترتب علي الانسحاب الدولي من أفغانستان ' الفصل بين افغانستانوباكستان 'في السياسة.. ومما لا شك فيه إن أبرز المسائل المتعلقة بانسحاب الولاياتالمتحدة وقوات الناتو من أفغانستان هذا العام هو التغيير في الإستراتيجية الأميركية في جنوب آسيا. فلا يبقي شيء علي حاله فقد سقط مصطلح 'أفباك ' في محركات البحث وعلي 'تويتر'، وبدأ مصطلح جنوب آسيا يحل محله.. ولم تحظ العلاقة المتوترة بين 'أفغانستانوباكستان 'باهتمام واسع وسط صناع القرار في باكستان. حيث أن واشنطن تحاول وصم كل باكستان بوصمة العنف المسلح.. فقد استفادت باكستان من سياسة 'افباك' وتدفقت علي اسلام آباد مبالغ طائلة لزيادة قدرة الحكومة علي القضاء علي المسلحين في مناطق القبائل. ولكن ربط السياسة الاميركية بمصير الدولتين 'أفغانستانوباكستان' معاً غلّب كفة مصلحة أفغانستان علي كفة جارتها الاكبر حجماً والأكثر نفوذاً، ونتج عنه خفض مستوي العلاقة السياسية والدبلوماسية بين 'واشنطنوباكستان'، وقصر العلاقة بينهما علي محاربة الإرهاب. وساهم هذا النهج الاميركي في توتر علاقة واشنطن بإسلام آباد، ويعد فتور العلاقات الهنديةالباكستانية هي المسألة الأكثر خطورة في جنوب آسيا. و تسعي دائماً باكستان إلي إقناع واشنطن بأهمية دورها وبأنها ليست جارة أفغانستان فحسب. ولكن يجب علي باكستان إن تكون حذرة في ما تسعي إليه وتتمناه. فعندما كانت القوات الدولية تخوض حرباً في أفغانستان، حصدت الهند اقتصاداً قوياً'' وإذا عاد صناع القرار في واشنطن عن سابق عهدهم في سياسة افباك، افتقرت إسلام آباد إلي دعم ديبلوماسي ومادي للوقوف أمام خصمها التقليدي. وإذا كان هناك أمر تبغضه إسلام آباد فهو احتقارها لمصلحة الهند.واذا لم ينتهج الأميركيون سياسة حكيمة في جنوب آسيا، سوف يندلع نزاع سياسي دبلوماسي بين الهندوباكستان يبعث طيف التنافس النووي في المنطقة. فيجب علي واشنطن أن تجعل العلاقة مع الهندوباكستان مصدر الاستقرار في جنوب آسيا، أي ألا تذكي الخلاف بين دلهي وإسلام آباد وأن تشجع التكامل الاقتصادي بينهما وأن تساعد إسلام آباد في تذليل مشاكلها الداخلية وتعزيز استقرارها من طريق إعادة النظر في سياسة مكافحة الإرهاب.. فالهند صديقة لأمريكا ولكنها ليست حليفة، وباكستان حليفة ولكنها ليست صديقة' هذا ومن المحتمل إن تكون نتيجة الفصل بين أفغانستانوباكستان.. كالأتي: مع الانسحاب الغربي من أفغانستان ستتآكل هيبة الدولة عسكريًا وربما سياسيًا خاصة وهو متوقع وصول المرشح عبد الله عبد الله إلي السلطة، وستستغل طالبان ذلك كوقود في مقاومتها، خصوصًا وأن طالبان أفغانستان تسعي اليوم إلي إقناع نظيرتها الباكستانية بالتصالح مع الحكومة للتفرغ للجائزة الأفغانية، واستمرار القتال يعني دخول القوي النافذة المجاورة لأفغانستان لدعم الإدارة الأفغانية الحالية مما سيعني تقسيم البلد وتحوله إلي 'كانتونات' اي إقليم أو مقاطعة بحيث ستسعي كل دولة إلي فرض 'كانتونها' الخاص بها لحماية أرضها أو لحماية نفوذها وأقلياتها.. وإذا رجعنا بتاريخ طالبان وخصومها فنتأكد من استحالة التوصل لاتفاق بينهم.. كما أن العقلية الأفغانية ترفض فكرة التقسيم، ولكن القيادات الطائفية والعرقية لا تزال متحكمة في المشهد الأفغاني و يعززها دعم دول مجاورة لهذه الأقليات التي لها امتدادات في الدول المجاورة ومن المحتمل إن تشن الحرب علي 'روح أفغانستان' إما دولة علمانية ينشدها التحالف الحالي أو دولة إسلامية طالبانية تريدها طالبان أفغانستان، وهو ما ستقاومه الدول المناوئة لطالبان بكل قوة حتي لو أدي ذلك إلي حربٍ مدمرة، أخذًا بمبدأ الحروب الاستباقية التي يشنها البعض في مناطق أخري كما من المتوقع ايضاً أن تتمكن طالبان اليوم كما نجحت في عام 1996 في الإطاحة بفصائل المجاهدين والسيطرة علي كابول، خصوصًا انها تتمتع بدعم فصائل إسلامية مسلحة بالمنطقة إن كان في كشمير أو باكستان والصين، يضاف إلي ذلك حالة الفساد والترهل والاختلاف والتنافر وسط الطبقتين السياسية والعسكرية الأفغانية كما تحدثنا عنها، وتوقع أن تغسل القوي الغربيةوأمريكا تحديدًا يديها من أفغانستان مما يصب ذلك في صالح طالبان.