من منا لا يحلم أو يتمني مستقبلا أفضل لمصر وشعبها؟ مستقبل يحمل معه ريادة ورفعة لمصر الدولة تجعلها في مصاف دول العالم الأكثر تقدما أو علي أقل تقدير تعود بها إلي سابق عهد نالت فيه إحتراما وتقديرا لدورها ومكانتها في المنطقة الشرق الأوسطية لإعتبارها الكبيرة والأم الحاضنة لباقي شعوب المنطقة, تحمل من التاريخ والحضارة مالايحتاج إلي حديث أو تفصيل عنه فالقاصي قبل الداني علي مستوي العالم يعلم ما هي مصر وماهي قيمتها ومقدار حجمها, بها من الخيرات التي حباها بها الله سبحانه وتعالي ما جعلها مطمعا لفرق الغزاة هواة العدوان وراغبيه وفي أزمان وعصور مختلفة أملين في النيل منها متمنين الحصول علي إستحقاق يكون لهم بدلا عن تاريخ مفقود وهوية مزيفة فكان الفشل لهم حليفا وخيبة الأمل والرجاء أجرا وجزاء حتي وإن أختلفت أساليب تفكيرهم وطرق التنفيذ الخاصة بهم. أيضا مستقبل يأتي بما يكفي ضامنا لتحقيق أمال وأمنيات شعب في حياة كريمة بها من العدل والمساواة وحفظ الحقوق وصيانة الحريات وحماية الأدمية إلي أخره من متطلبات العيش الكريم مايمكن أن يكون علاجا لأخطاء الماضي وأفات السابقين, ولكن كيف يمكن الوصول إلي هذا المستقبل في ظل تحديات مرحلية حرجة جاءت نتيجة تغييرات جذرية شهدتها مصر في أعوامها الثلاث الأخيرة ولم تعد خافية علي أحد ولا تتطلب إلا إحساسا بالمسؤلية الواجبة علي الجميع 'شعبا وصانعي قرار '؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن يكون نصب الأعين وموضع الإهتمام وفي إطار الإجابة عليه كنت قد تحدثت في كتابات سابقة عن ضرورة الخلاص من ظواهر سلبية ناتجة عن ممارسات وسلوك متبع في التفكير لدينا نحن أبناء هذا الوطن ومواطنيه وباتت لا تخدم تغييرا نرجوه ولا تتواكب مع طبيعة هذه الفترة أو مايأتي تاليا عليها كذلك تحدثت عن نواحي قصور في التعامل من صانعي القرار حيال الكثير من القضايا والأحداث التي يعج بها المجتمع المصري ذكرتها وقتها تفصيليا واليوم أحاول تقديم إسهام أحسبه متواضعا يعد إكمالا لما بدأت فيه بلغة أظنها مختلفة وتحليل أتمناه وافي أستعرض فيه وبه أولا: تصرفات وأفعال يتعلق بعضها بفئات مجتمعية سواء كانت مجرد فئات مؤيدة أو معارضة لتيار وفصيل بعينه تحاول أن يكون لها تواجد ورأي مسموع أو كانت نخبا ورموزا نالت حظا من التمثيل والظهورعلي الساحة الحزبية منها أو الإعلامية أصحاب الفكر وأهل الثقافة وعلي إختلاف التوجهات والأفكار. ثانيا: أتناول فيه ما يجب أن تتضمنه سياسات من هم في موقع القيادة لمؤسسات الدولة المختلفة من تعليم وصحة علي سبيل المثال إلي أخر هذه المؤسسات ففي النهاية جميعها منظومة واحدة يرتبط صلاحها أو فسادها بفساد أو صلاح كل طرف فيها لذلك فإن المحاولة للوقوف علي حقيقة وضعنا الحالي فرض لابد أن يؤدي ومن ثم وضع مايلزم من قواعد وأسس سليمة تقود إلي تحقيق النجاح في المستقبل القادم. فلتكن البداية عند الشباب الكنز الحقيقي للمجمتع وعصب الأمم ورهانها في التقدم, كيف حالهم اليوم؟ بماذا ينشغل تفكيرهم؟ وكيف يتعاملون مع معطيات واقع نحياه وهم مفجري طاقة الخروج من كبوته المظلمة ومصدر القوة للبناء وسمو الشأن؟ للأسف لو نظرنا إلي حاله لوجدنا به مايندي له الجبين ولرأينا فيه مايبعث علي الحسرة ويثير الإحباط في النفوس فما أكثر السلوكيات المعوجة والأفعال المشينة. فهؤلاء الشباب الذين فرحنا بهم وتوسمنا فيهم خيرا حينما خرجوا معبرين عن أرائهم مطالبين بحقوق لهم وبغض النظر عن صواب التوجه أو خطأه أو عن سلامة نية الداعين إليه أو سوءها فما أسعدنا أننا كنا أمام شباب حالم يملئه الطموح وتدفعه رغبة في الصحوة من رقود وثبات دام طويلا. نراه اليوم وقد أصبح عطية سهلة ولقمة سائغة لمن يريد إستغلاله في خدمة أغراضه الدنيئة التي لا تهدف إلا إلي الهدم والخراب وكسر الشوكة كل وفق طريقته الخاصة وعقيدته التي يؤمن بها فكانوا منفذين لأفكار فصيل إرهابي لفظه المجتمع وسئم رؤيته ولعل ما يحدث في الجامعات المصرية أبلغ دليل فلا صوت يعلو علي صوت التحطيم لمنشأت الدولة وإشاعة الفزع والعنف في أرجائها بأيادي هؤلاء الشباب فصاروا رمزا للبلطجة وعنوانا للفوضي. كذلك جعلوا من أنفسهم أداة ومسوقين لرؤي مغلوطة ومشوهة ممن علمناهم عاشقين للظهور يدمنون الوصول علي حساب الأمنيات والرغبات حينما كان الإعتناق والتصديق منهم لتلك الرؤي بحجة التعبير عن الرأي والحق في حرية الممارسة دون أن يسألوا عن فعل وموقف مطلوب ممن يتبعونهم وممن يروجون لرؤياهم ودون حساب لأليات الحرية والتعبير أهمها مراعاة الظروف المجتمعية وإدراك حقيقتها من جانب ومن جانب أخر إحترام وجهة نظر الأخر وحقه في التمتع بسلم مجتمعي فتحولوا إلي قنابل موقوتة تنفجر متي أراد صانعيها لتحرق وتدمر شمل المجتمع وتشيع إنقسامه وفرقته تحت مسميات واهية أمثال ناشط حقوقي مرة وناشط سياسي مرة أخري وحركات وإئتلافات لا غاية لها سوي نشر البلبلة وزيادة التخبط نتيجة فهم منقوص وعمل مفقود. إضافة إلي تسليم وإستسلام لمحترفي سلب الإرادة بتغيب العقول من خلال تزين الإنحراف الأخلاقي وتصويره علي أنه سلوك قويم لاخجل منه ولا ذنب في إتباعه حتي صارشرب المخدرات وإدمان المسكرات والرضا والقبول بل والإقبال علي كل ما يحمل تدميرا لقيم المجتمع وأصالته دليلا يتباهي به الشاب بلوغه مبلغ الرجال فشهدنا جرائم لم نكن نتخيل أنها ستحدث يوما علي أرض المحروسة وعشنا شذوذا ماكان يوما يخطر لنا علي بال بالتأكيد سماته معروفة ومعالمه والأدلة عليه كثيرة فيكفي أن نقول أننا نعيش أزهي عصور الإنفلات الأخلاقي. بالطبع أعلم أن هناك من سيوجه إتهاما لي إما بالتحيز أو المغالاة والمزايدة استنادا إلي أن هؤلاء الشباب لم ينالوا فرصة حقيقية لتوظيف طاقتهم أو رعاية جادة للإمكانيات الموجودة لديهم فضلا عن غياب لدور الأسرة أو منظومة التعليم وما يتوجب عليها من عمليات رقابة وتوجية سليم أو حتي وجود العديد من المغريات في واقع الحياة تسهل الخطأ وتجعله في متناول الجميع بعد توافر وسائل التكنولوجيا الحديثة من إنترنت وتليفونات محمولة ومواد إعلامية تتسابق في عرض الصفاقة والإسفاف علاوة علي وجود إحباط داخلي نتيجة الحرمان من حقوق الحياة مابين بطالة أو تكافؤ فرص المساواة لمن لديه عمل وما يترتب عليه من صعوبة علي تحقيق مقومات الحياة السوية فلا داعي للتحامل عليهم والأولي تقديم النصح لهم والبحث عن طرق الإحتواء والإرشاد الصحيح بالتأكيد أؤمن بصحة ذلك ووجوده فنحن أولا وأخيرا في مجتمع لا يتصف بالكمال ونواحي الإصلاح فيه شتي إلا أن ذلك لا يمكن إعتباره مبررا لبيع النفس أوشماعة نعلق عليها أخطاء العوار في النهج والسلوك فالجميع مسؤول عن تبعات تفكيره ونتائج ما يقدم عليه وقد حان الوقت لنعلم جميعا ويعلم شبابنا أن مشوار الحياة طويل به من الصعاب الكثير وفرص النجاح والفشل به موجودة فلا سبيل إلا التحلي باليقظة والإفاقة والإعتراف بالخطأ والبدء في التصحيح بفهم كامل وعزيمة علي القيام بالدور المنوط بكل منا يحكمه الضمير ويرافقه الإخلاص.فنسأل الله السداد والتوفيق وللحديث بقية إن شاء الله