لم تشف أمريكا من مخططاتها التآمرية في المنطقة والتي تعتمد علي زرع القلاقل واحتضان حركات الإسلام السياسي المعارضة للأنظمة، ولهذا أفاق الكثيرون اليوم علي الواقع الظلامي الأسود الذي تحاول أمريكا فرضه علي دول المنطقة بعد أن امتطت جوادا جامحا تمثل فيما سمي بثورات الربيع العربي. ومن ثم مضت في غلوائها تبث الوقيعة بين أطياف الشعب الواحد وتثير الفتنة المذهبية العرقية والتي استخدمتها كسلاح باتر لنشر الفوضي الهدامة وإسقاط الأمن والاستقرار وهو مااعتمدته منذ أن اجتاحت العراق في 20 مارس 2003. ولأنها نجحت في ترسيخ الفتنة العرقية الإثنية في غزوها للعراق عمدت إلي تعميم التجربة في دول المنطقة، فرأينا ليبيا وقد فقدت كيانها كدولة وتحولت ساحتها إلي ميليشيات مسلحة تحارب بعضها بعضا. ورأينا مايحدث في سوريا ودعم أمريكا الكامل للارهابيين الذين زرعتهم في ربوعها بمساندة الغرب وتركيا وقطر، ورأينا مصر التي سلطت عليها أمريكا الفئة الضالة المتمثلة في جماعة الاخوان الارهابية من أجل إزهاق روح الدولة توطئة لانهيارها وكان أن تداركت مصر هذا الخطر بفضل جيش مصر العظيم وثورة الثلاثين من يونيو 2013 التي جاءت تلبية لدعوة البطل 'عبد الفتاح السيسي' الذي خاطر بحياته من أجل انقاذ المحروسة. ولهذا باتت أمريكا محل كراهية من شعوب المنطقة بعد أن حولت دولهم إلي مرتع للفوضي وانعدام الأمن الأمر الذي فتح المجال لعودة القطب الروسي بكامل ثقله إلي الواجهة كنظام دولي موثوق به. ولاأدل علي هذا من مواقفه الواضحة في الدفاع عن سوريا ومحاولة إخراجها من الأزمة الطاحنة التي أكلت الأخضر واليابس من جراء الهجمة الشرسة التي سلطتها أمريكا ومن التحق بها لإسقاط الدولة، ورأينا موقف روسيا من مصر وكيف حاولت فك الحصار الغربي عنها. ورأينا موقفها المنصف من الملف النووي الإيراني.. وهكذا عادت روسيا إلي الساحة الدولية أكثر وثوقا باستعادة دورها كقوة عظمي يحسب لها حساب، وظهرت بصورة تختلف كلية عن صورة أمريكا التي راهنت علي المال كسلاح لإسقاط الأنظمة من الداخل. ولا أدل علي ذلك مما جاء علي لسان 'فكتوريا تولاند' مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشئون أوروبا الشرقية عندما قالت في نهاية العام الماضي: 'إن التمويل الأمريكي والأوروبي للاحتجاجات الشعبية التي قادت مؤخرا إلي تغيير النظام في أوكرانيا بلغ خمسة مليارات دولار'. وبالتالي فهي شهادة موثقة تؤكد كيف يمكن للجحيم الأمريكي اغتيال الأنظمة.. !! ولهذا ظهرت روسيا في معرض المقارنة بوصفها القطب الدولي الذي يتمتع بالمصداقية والشفافية والأكثر احتراما وعقلانية الأمر الذي قد يدفع العرب إلي التوجه شرقا هربا من أمريكا التي أغرقت المنطقة بالأزمات وحركت الارهاب صوب دولها لتنحيه بعيدا عن الغرب وكادت تجرف العرب نحو الهاوية، لقد استهدفت أمريكا المنطقة في محاولة لتفتيت دولها وتقزيمها، دخلت الساحة السورية عبر إشعالها حروبا بالوكالة، حاولت قمع المقاومة السورية واللبنانية حماية للكيان الصهيوني، لعبت دور الراعي المنحاز لإسرائيل ضد الفلسطينيين عبر مفاوضات عبثية فارغة المضمون. آن الأوان اليوم للعرب للخروج من دائرة الجحيم الأمريكي الذي حاصرهم وتعامل معهم كغنيمة يجري استغلالها من أجل مصالحه ومن أجل حماية أمن إسرائيل. آن الأوان كي يغير العرب المسار بعد أن ظل هذا الغرب الانتهازي قبلتهم علي مدي عقود طويلة. مطلوب من العرب اليوم الافاقة.