أظهر إستطلاع للرأي أجراه مركز"الدراسات العربي الأوروبي" في باريس ان امريكا لم تجني من حروبها علي الارهاب سوي زيادة عداء شعوب العالم لها وخاصة الشعوب العربية والاسلامية . وذكر المركز في بيان أنّ 76.6 في المئة من الذين شملهم الإستطلاع قالوا أن أمريكا لم تحقق سوي مزيدا من التطرف والإرهاب وساهمت في زيادة نفوذ تنظيم القاعدة أكثر، وأن أمريكا في الحروب علي الارهاب خسرت اكثر مما كسبت خصوصا ان تكلفة الحروب اضحت باهظة. واعتبروا ان استمرار حروبها يشكل خرقاً للمواثيق الدولية واغتيالاً للمنظومة القيمية السياسية والعسكرية والانسانية والاخلاقية التي يعتمدها العالم . وبرأيهم ان امريكا مارست سياسة الالحاق المجتمعي والمخابراتي والعسكري ، وخلفت ملايين الضحايا من القتلي والمعوقين والمفقودين وملايين الجياع كما تسببت بالبطالة وبأزمات اقتصادية عالمية خانقة كان الفائز الوحيد فيها الشركات المتعددة الجنسيات والمنظمات الدولية ذات الطابع الديني المتشدد والتي تحكم سياسة الولاياتالمتحدة وتهيمن علي القرار الدولي وتوجه بوصلته نحو العنف والجريم . وأعتبروا أن اميركا وسعت الحرب علي الارهاب فأشاعت بذلك العنف واذكت الصراعات الطائفية والاثنية. ووفق الإستطلاع فإنَّ 12.5 في المئة يرون أن ما حققته الولاياتالمتحدةالامريكية من خلال حروبها علي الارهاب هي انها قللت من وجود الحركات الأسلامية المتطرفة ، ودعمت تيار الوسطية ، وزادت من الأيمان بجدوي الحوار بدلاً عن الحرب ، وعمقت الأعتقاد بعدم جدوي نظرية صراع الحضارات وجدوي التعايش السلمي بين الأديان . وبرأيهم ان الإنجاز الأكبر للحرب الأمريكية علي الإرهاب هو كشف بؤره ومنظماته ومسمياته . وأعتبروا انه لم تكن الحرب علي الإرهاب كلها سلبيات وأن كشف مواطن الإرهاب هو السبيل الأول للقضاء عليه أو علي الأقل لإبطال أو تحجيم أضراره . كما ذكر الإستطلاع أن 10.3 في المئة رأوا ان تنظيم القاعدة بقيادة اسامة ابن لادن والرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش هما يمثلان نموذجا واحدا للتطرف الديني . وان تنظيم القاعدة وامريكا شركاء في السر واعداء في العلن . وخلص المركز الي نتيجة مفادها : رغم مرور 9 سنوات علي اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر / ايلول عام 2001 فإن الإرهاب لا زال يهدد المجتمع الدولي في اكثر من بقعة من هذا العالم . وسبق للولايات المتحدة ان اعلنت حرباً علي الإرهاب وحشدت من اجل ذلك كل طاقاتها وإمكانياتها ، كما انها كسبت الي جانبها معظم دول العالم ، ولكن من خلال قراءة استراتيجية لحقيقة الحرب الأميركية علي الإرهاب تبين انه كان لدي واشنطن اجندة اخري مختلفة تماماً ذات ابعاد اقتصادية وعسكرية وسياسية ولكن ذريعتها كان الحرب علي الإرهاب . وهذا ما يمكن ان نتلمسه بسهولة في افغانستان والعراق واليمن وبعض الدول الأفريقية حيث ليس فقط لم تتمكن اميركا من القضاء علي بؤر الأرهاب لا بل اسهمت بشكل مباشر او غير مباشر في نمو وإنتشار الحركات الإرهابية . يضاف الي ذلك مسألة هامة هي ان الولاياتالمتحدة كانت تفرض علي دول العالم التقيد بمرئياتها لكيفية مواجهة الأرهاب ، وكانت ترفض ان تتعاون مع الكثير من الدول التي دعت الي صياغة استراتيجية مواجهة دولية واحدة تكون كفيلة بمحاصرة الحركات الأرهابية اينما كانت . كما ان الولاياتالمتحدة رفضت بإستمرار كل الدعوات التي وجهت اليها والتي طالبتها بوضح تعريف دولي موحد للإرهاب لأنها تريد ان تعرف الإرهاب وفق مصالحها الخاصة الي حد باتت حركات المقاومة بنظر الأميركيين هي حركات ارهابية ، والعمليات الإرهابية او بعض الدول الإرهابية باتت وكأنها افعال مقاومة.