أغرب ما في البيان القصير لرئيس الوزراء الجديد بعد تكليفة بتشكيل الحكومة هو إشادته بسابقه وتأكيده أنه تحمل المسئولية في ظروف صعبة للغاية رأينا وسمعنا الرأي العام بأكمله يؤكد فشل الببلاوي وإخفاق حكومته بل والبعض يري أنها اسوأ حكومة في تاريخ مصر، وفي الإعلام كان اتهام الببلاوي أن حكومته أياديها مرتعشة وأنه يطبطب علي الإخوان وأنه تراخي وتخاذل في إصدار قانون التظاهر مما أدي الي اتساع العنف كذلك تراخي في تصنيف جماعة الإخوان بأنها جماعة إرهابية بجانب عجزه عن تطبيق الحد الأدني وضبط الأسعار فكيف بعد هذا كله نجد رئيس الوزراء الجديد يشيد به بينما هذه الإشادة تعني أن محلب لن يصحح أخطاء الببلاوي إنما سوف يستكمل مشواره وسياساته وقراراته أي أنه لن يجيء مصححًا لكن مواصلاً ومكملاً. ربما محلب كان علي قناعة بأن الببلاوي لم يخطئ والعيب ليس فيه إنما في تلك الظروف الصعبة التي عمل فيها وأراد أن يلوح بأن المغالطة بعينها أن ينتظر الشعب منه نتائج سريعة طالما أن الظروف الصعبة التي عمل فيها الببلاوي لم تتغير وهي نفسها التي سيعمل فيها محلب وبناء عليه لابد من الصبر والتحمل وربما أراد محلب أن يعمق معني مؤداه أنه ليس من اللائق أن يشكك كل مسئول في قدرات وأداء وربما ايضا نزاهة من سبقة كما هو الحال فيما يجري اليوم علي الساحة السياسية حيث نجد أن هذا يخون ذاك وهؤلاء يشككون في نزاهة آخرين حتي أصبح ذلك يكاد يكون سلوكا عاما، رأينا محلب يوجه الشكر للببلاوي وكان يمكنه أن يتجاهله ليبرر أن أي خطأ أو قصور يحدث في وزارته الجديدة بأنه ناتج ومرتبط بأخطاء الحكومة السابقة لكنه لم يفعل بل قدم له الشكر فهل نقول إن رئيس وزرائنا الجديد قدم الشكر لرجل فاشل؟ هل أخطأ محلب حينما شكر الببلاوي؟ أم أن ما فعله يجعله ينال مزيدًا من القبول والتقدير والاحترام من جانب الرأي العام. سمعنا مذيعين يسخرون من الببلاوي أحدهم يقول جدو وآخر يقول غور يا رجل انت فاشل وثالث يقول انت خربت البلد فإذا بنا نجد خلفه يقدم له الشكر ويشيد به وربما نتساءل إذا كان الببلاوي ناجحا وفقا لقول محلب فلماذا أقيل وهو بالفعل أقيل ولم يستقل وكان ذاهبا إلي نيجيريا ومستكملا مهامه وإذا كان فاشلا فلماذا لم يقله منصور في التوقيت الملائم وليس بعد فوات الآوان؟ بصراحة ليس أمامنا سوي ألغاز وأسئلة عديدة لا أحد يعلم إجاباتها وهو ما يدفعنا الي القول ألم يكن واجبًا أن نستمع الي بيان من الرئيس المؤقت منصور ليفسر لنا مثل هذه الأمور بل أري أن الشعب من حقه أن يعلم أسباب الاستغناء عن كل وزير في الحكومة السابقة رحل وجاء بديل له؟ وهناك أمر آخر لابد ان نشير إليه هل من اللائق أن نوجه تلك الإهانات الي الوزراء وإذا كانت إهانة القضاة تمثل جرمًا أليس واجبًا أن نجرم ايضًا إهانة الوزراء؟في اعتقادي ان اسماء عديدة لها مكانتها وكفاءتها ونزاهتها ويعرض عليها المنصب الوزاري وترفضة علي الفور حفاظا علي كرامتها ولتجنب نفسها تلقي تلك الإهانات وربما نجد محلب أتي بوزير لم يلق القبول من جانب الرأي العام ونظلمه لو قلنا أنه لم يوفق في اختياره لأنه أتي بفلان ولم يأت بالآخر الأكفأ بينما الواقع يكشف إنه عرض المنصب علي الاكفأ ورفضه وهو ما حدث مثلاً مع زميلنا فاروق جويدة الذي أخبرني بأن منصب وزير الثقافة عرض عليه ورفضه في وزارة سابقة فهل نلوم هنا رئيس الوزراء لأنه لم يأت به أن قبول المنصب أصبح في هذا الزمان وفي تلك الفترة العصيبة يمثل مغامرة ومخاطرة كبري وليس معقولا أن نحكم علي كل من يرفض المنصب أنه تخلي عن أداء واجبه تجاه الدولة وأن وطنيته كانت تفرض عليه القبول إنما هذا الرافض قد يكون مبرره موجات الهجوم والحملات التي توجه إليه من الإعلام والصحافة دون الأخذ في الأعتبار تلك الصعوبات والتحديات التي تفوق كل تصور وأمامنا مثلا تلك الاعتصامات الجارية وهي التي كانت سببا مباشرا في رحيل الببلاوي هل قدوم محلب سيوقفها وكلاهما أمامه عقبة التمويل والخزانة الخاوية ورأينا الببلاوي حينما لم يستجب للمطالب كان مخطئًا وحيمنا صرف للبعض دون الآخر كان مخطئا أيضًا فماذا كان مطلوبا منه أن يفعل؟ نأمل ألا يتعجل شعبنا النتائج من الحكومة الجديدة وأن يعي أن الظروف تفرض المزيد من الصبر والتحمل ويدرك أن الخزانة في عهد محلب تظل خاوية مثلما كانت في عهد الببلاوي وأن لم نعط لمحلب الفرصة الكافية للإصلاح فلن يكون هناك إصلاح وسنجد محلب أيضًا يرحل مثلما رحل الببلاوي وسواء كان هذا الرحيل في صورة إقالة أو استقالة.