طارق رسلان يطالب ب«كشف هيئة» للراغبين في الانضمام لكليات التربية    الشيوخ يفتتح جلسته لمناقشة دراسة مقدمة لكليات التربية والواقع المأمول    الرقابة النووية: مصر لم تتأثر بالضربات الأمريكية على المنشآت النووية في إيران    نرمين الفقي: الزواج «رزق».. وأدعو أن يُعوضني الله عن سنوات الوحدة    "الصحفيين" تخاطب "الأعلى للإعلام" لحل أزمة بدل صحفيي "الطريق"    ما هي الإجراءات والمستندات المطلوبة للترشح فى انتخابات مجلس الشيوخ؟ اعرف التفاصيل    كيفية استخراج وتجديد جواز السفر المصري إلكترونيًا    برعاية وزارية ومشاركة دولية واسعة.. "أجريتك 2025" يجمع المزارعين والعلماء والقطاع الخاص لنشر الوعي بالزراعة الذكية والخضراء    «تسهيلات ضريبية ووضع الأجور».. اجتماع الرئيس السيسي ورئيس الوزراء ووزير المالية    خالد أبو بكر: بدء تفعيل البرنامج المصرى لتعزيز الطاقة عالميا    من بينها مصر والهند والبرازيل.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز الاقتصادات الكبرى    محافظ القليوبية يتفقد فرع مكتبة مصر العامة في شبرا الخيمة    بين القبعة الحمراء وغرفة العمليات.. ترامب يتحول من صانع سلام لمشعل حروب    وزير خارجية العراق يؤكد لنظيره الإيراني أهمية تفعيل لجنة الاتصال الوزارية لاحتواء الأزمة    3 وفيات و74 مصابا.. ارتفاع حصيلة ضحايا سقوط جماهير مولودية الجزائر من مدرجات ملعب 5 جويلية    ديكو يحسم مستقبل تشيزني في برشلونة    الأهلي وبيراميدز ينافسان الزمالك على ضم هداف البنك الأهلي    جوارديولا يكشف عن وجهته المستقبلية    كريم رمزي: ريبيرو استنزف لاعبي الأهلي تكتيكيا.. وبورتو ليس في أفضل حالاته    "عيب والناس فهمت أنا بتكلم عن مين".. إكرامي يوجه رسالة غامضة بسبب الأهلي    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    الشباب والرياضة بالأقصر: 3890 مستفيدًا من 45 فعالية خلال أسبوع    صعب وطويل.. تباين آراء طلاب الثانوية العامة في امتحان العربي بقنا| فيديو    النيابة العامة تبدأ تحقيقاتها في واقعة انهيار عقار «بحري» في الإسكندرية    «الأرصاد» توضح حالة الطقس اليوم الأحد والظواهر الجوية المتوقعة    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    "مش قادرة تدفع مصاريف المدرسة".. تفاصيل تخلص سيدة من أطفالها بالشروق    مجدي يعقوب من ميدان الكيت كات: «تمثالي ليس تكريمًا لي فقط»    فساتين «روبى ونانسى» الأعلى سعرًا    أحمد عزمي: توقيت عرض «حرب الجبالي» مثالي وساهم في نجاحه| خاص    أجندة قصور الثقافة.. افتتاح قصر ثقافة نخل وقاطية بشمال سيناء واستمرار عروض مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي يتفقد مركز أسوان للقلب ويشاهد إجراء عملية قلب مفتوح    إطلاق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    وكيل الطب العلاجي بالدقهلية: رفع كفاءة المستشفيات وتشغيل الأجهزة الحيوية    وكيل صحة قنا يعتذر لمريض في منزله.. ويؤكد : لا تهاون مع المقصرين    وزير الإسكان يتفقد المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بجهاز مدينة بدر    إبادة غزة.. استشهاد 26 فلسطينيا في هجمات إسرائيلية على القطاع    السجن المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لعامل بتهمة الاتجار في المخدرات وحيازة سلاح دون ترخيص بالقليوبية    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    روايات أدبية تتحول إلى أفلام في 2025.. موسم صيد الغزلان وبنات الباشا وإذما أبرز النصوص    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في عطلة الصاغة الأحد 22 يونيو 2025    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال لاشين تكتب : الذمة السياسية والمالية
نشر في الفجر يوم 02 - 03 - 2014

1 - هل يغلق النائب العام بلاغات قصور مبارك ضد محلب؟

بدأ محلب رحلته الحكومية منذ سنوات كرئيس لشركة المقاولون العرب، ولذلك فهناك أكثر من مدخل للحديث عن رئيس الحكومة الجديد، ولكننى سأبدأ بقصة اختياره وزيرا للإسكان فى حكومة الدكتور الببلاوى.

كان البحث عن وزير الإسكان على قدم وساق حينما طرح اسم إبراهيم محلب، وجرى بالفعل الاتصال به، وكان الرجل فى ذلك الوقت يعمل فى إحدى دول الخليج، وعندما أبلغوه بقرار ترشيحه للحكومة، رد محلب بأن هناك بلاغات مقدمة ضده وأن اسمه ضمن قائمة ترقب الوصول فى المطارات والموانئ، ولكن محدثه طمأنه على العودة، علمت بالقصة فى حينها، ولم أنشرها لأن هوجة تقديم البلاغات ضد أى مسئول وكل مسئول كانت على أشدها بعد ثورة 25 يناير، ومن البديهى أن محلب ليس استثناء من هذه الظاهرة، وكنت أعرف أن البلاغات لم تكن تستهدف المهندس إبراهيم محلب كشخص، ولكنها كانت تستهدف الرئيس المخلوع مبارك وأسرته، ولذلك فقد تقدم بعض المواطنين ببلاغات تتعلق بأعمال قامت بها شركة المقاولون العرب تحت رئاسته لأسرة المخلوع، لكن الكثيرين كانوا على استعداد لإقصاء هذه القصة، وترك فرصة للرجل ليتبث كفاءته فى وزارة الإسكان، والآن تغير الوضع فقد أصبح الرجل رئيسا للحكومة، ومن واجب الإعلام الآن أن يبحث بمنتهى الشفافية فى الذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، وبالمثل من واجب الجهات المعنية أن تقوم بواجبها فى إظهار الحقيقة أمام الرأى العام، وهذا الواجب لا ينتقص من قدر رئيس الحكومة الجديد من ناحية، وليس اتهاما للرجل من ناحية أخرى، ولكن بعد ثورتين لم يعد من المقبول أن نتجاهل القواعد الأساسية فى أى نظام ديمقراطى، وعلى رأسها ألا تترك أى أسئلة أو علامات استفهام أو اتهامات تتعلق بثانى رجل فى الدولة.

1 - الذمة السياسية

فى ظل هوجة البلاغات كان هناك عدة بلاغات عن قيام شركة المقاولون العرب بأعمال تشييد وبناء لأعمال تتصل بالرئيس المخلوع وأسرته، فمبارك لم يترك لا دنيا ولا آخرة دون أن يستفيد من أدوات وشركات وثروات الدولة، بداية من بناء مقبرة مبارك، مرورا ببناء فيلات أو بالأحرى قصور الأنجال فى شرم الشيخ، انتهاء بترميم القصور الرئاسية، ويوم السبت الماضى وقبل 48 ساعة من اختيار محلب رئيسا للحكومة نشرت اليوم السابع تحقيقا مصورًا عن فيلات أسرة المخلوع فى شرم الشيخ، كان كل أبطال الصور من الماضى إلا إبراهيم محلب، كان كل الأبطال فى عداد الأموات إلا إبراهيم محلب الوزير ثم رئيس الحكومة بعد ثورة 30 يونيو، لم يعد لامبارك ولا أسرته ولا وزير إسكانه محمد إبراهيم سليمان يمثلون رقما مهما فى المعادلة، وحده محلب كان فى الحكومة ووصل إلى قمتها، والصورة فى حد ذاتها ليست اتهاما بالفساد، لكنها صورة مقلقة، صورة تحتاج إلى توضيح وتفسير وتفتح أبوابا للأسئلة تحتاج إلى إجابات سريعة وشافية، لأن الصورة جزء من مستندات بلاغ أمام النائب العام، ولذلك يجب أن يعرف الرأى العام دور رئيس الحكومة فى هذه القضية بشكل محدد وسريع وواضح، ولا يجب أن ننتظر الإجابة من محلب نفسه، ولكننا ننتظر من النيابة العامة أن تصدر بيانا رسميا يتعلق ليس بالصورة فقط، بل بكل البلاغات التى تقدم بها مواطنون، وهى بلاغات تتعلق بدور شركة المقاولون العرب فى بعض قصور وفيلات ومقبرة مبارك وأسرته، ربما تكون النيابة العامة قد حفظت من قبل هذه البلاغات، بل ربما اكتفى أصحابها بإبلاغ الإعلام بدلا من إبلاغ النائب العام، وربما رأت النيابة العامة أنه لا توجد مسئولية قانونية على محلب فتم استبعاده من قائمة الاتهام، ولكن عندما يتعلق الأمر برئيس حكومة مصر فإن الأمر يجب أن يحسم من جهة الاختصاص، وإعلام الرأى العام والشعب بنتائج أو توابع هذه البلاغات يصبح فرض عين، لأن الأمر يتعلق بالذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، لا يجب ترك الأمر معلقا، لا يجب تركه كغصة فى أحاديث النميمة وحلقات مسلسله فى برامج التوك شو،

ويتصل بالذمة السياسية لرئيس الحكومة الجديد ما أثير حول علاقته بلجنة جمال مبارك وأمانة السياسات، وعلى الرغم من الأقاويل فإن إبراهيم محلب لم يكن يوما من رجال جمال مبارك، محلب مهندس وموظف حكومى نشيط وطموح، وقد بدأ رحلته من تحت السلاح، واستغل الفرصة التى حصل عليها بطلوع الروح، كانت الفرصة عندما تولى إبراهيم محلب رئاسة شركة المقاولون العرب، وكانت الشركة قبل رئاسته فى حالة يرثى لها، فقد دخلت الشركة الرائدة فى حالة بيات محلى، فنهض محلب بها، واستطاع أن يعود بها إلى المنافسة العربية، ونجحت الشركة فى عهده فى الحصول على مناقصات فى الخليج العربى والجزائر، ومع ذلك لم تنفتح أبواب الترقى أمام محلب، وفى كل مرة طرح اسمه كوزير إسكان كان يتم استبعاده، فشلة جمال مبارك من كبار رجال الأعمال فى مجال التشييد كانت تكرهه، فكل مناقصة حصلت عليها المقاولون العرب كانت خسارة لهذه الشركات، عاد بعبع القطاع العام يهدد عروش السادة الكبار، وضاعف من غضبهم أن شركاتهم كانت تحصد وحدها المناقصات فى دول الخليج وبعض الدول العربية.

كانت هناك أسباب أخرى منعت دخول محلب نادى جمال مبارك، فشلة جمال كانت تختار بناءً عن مواصفات خاصة، مواصفات تصلح للسهرات، البدل السيينه وأحذية بآلاف الدولارات، والسهر فى أرقى الملاهى والمطاعم بين نيس وباريس، ولم يكن محلب يمتلك الكثير من هذه المواصفات، فضلا عن أن خطاب محلب كان خطابا شعبويا، ولم يكن جمال يفضل هذا النوع من الخطابات، وفيما بعد فإن هذا الخطاب قد ساهم فى خلق شعبية لمحلب، ولاشك أن هذه الشعبية لعبت دورا فى اختياره كرئيس حكومة.

2 - الذمة المالية

بعد تكليف محلب رسميا برئاسة الحكومة قال إنه تعلم الكثير من الببلاوى، وأرجو ألا تبقى هذه الكلمات مجرد مجاملة سياسية رقيقة من محلب، فأول درس يجب أن يتعلمه وينفذه من الببلاوى يتعلق بالذمة المالية، لقد كان الدكتور حازم الببلاوى أول وزير فى تاريخ مصر يعلن بوضوح كامل عن المرتب الذى يتقاضاه كوزير مالية فى حكومة شرف، وبحسب مذكرات الببلاوى عن هذه الفترة فإن الكثير من زملائه فى مجلس الوزراء لم يروقهم ما فعله، وكان الببلاوى قد وعد بأن يكشف عن راتبه بمجرد أن يتسلم أول مرتب، وبالفعل نشر الببلاوى مرتبه كوزير ونائب رئيس وزراء، وكما حرص الببلاوى كرئيس حكومة أن يعيد نشر إقرار الذمة المالية له، وهى خطوة جريئة فالقانون لا يلزم رئيس الحكومة بنشر الذمة المالية للرأى العام من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن إقرار الببلاوى اشتمل على عقارات وأموال سائلة وودائع بالدولار، ولم يخش الببلاوى من الكشف عن ثروة كونها عبر سنوات طويلة، ولذلك يجب أن يحذو محلب حذو الببلاوى وينشر إقرار الذمة المالية له، فليس من المعقول ولا المقبول أن يتراجع رئيس الحكومة عن خطوة مهمة عن سلفه، إن نشر إقرار الذمة المالية لرئيس الحكومة الجديد ليس إلزاما قانونيا، ولكنه فرض ديمقراطية، فى كل دول العالم من حق كل مواطن أن يعرف دخل رئيس الحكومة والرئيس والوزراء وثرواتهم السابقة على تولى المنصب، حين يفعلها محلب فإنه سيثبت أنه تعلم بالفعل من الببلاوى بعض الدروس المفيدة، ولكن الأهم أنه سيثبت أننا لا نعود لعصر مبارك، وأنه ينتمى بالفعل لا بالقول إلى قيم وتقاليد الثورات المصرية.


2 - أسرار الإطاحة بالرجل العجوز

■ لقاء بين السيسى ومنصور لمدة 90 دقيقة أطاح بالببلاوى

■ رئيس الحكومة تجاهل تقارير المخابرات عن الأزمات المتوقعة

■ لم يطلب مساعدة الجيش فى أزمات كثيرة آخرها إضراب النقل العام

■ رفض زيادة بدل مخاطر الشرطة بحجة ترشيد الإنفاق

«مش عايز أسمع ثلاث حاجات.. أفكار مبتكرة ولا أفكار خارج الصندوق ولا خيال سياسى».هذه الكلمات جاءت على لسان رئيس الحكومة السابق الدكتور حازم الببلاوى، قال الببلاوى هذا التحذير فى آخر لقاء له برؤساء تحرير الصحف، ربما تكثف هذه الكلمات الأخيرة للرجل ما وصل إليه الببلاوى فى آخر شهر من حياته كرئيس حكومة، ربما ترسم صورة نفسية لرجل عجوز يرفض أن يرى الواقع الحقيقى، ومسئول عاجز حتى عن إنقاذ نفسه بالاستماع إلى الآخرين، وأغلب الظن أن الببلاوى اعتمد على بقائه فى الحكومة كحكم من أحكام القدر، كان يماطل فى التعديل الوزارى، و«حاطط فى بطنه بطيخة صيفى» بأنه لن يرحل قبل الانتخابات البرلمانية، بتصلب شريان سياسى لم يلحظ أو يلتقط الببلاوى إشارات الغضب أو بالأحرى اليأس الذى تسرب إلى الجميع منه، الرئيس عدلى منصور المشير عبد الفتاح السيسى، حتى بعض وزرائه، كان الببلاوى يتعامل خاصة فى الأشهر الأخيرة بوصفه رئيس الحكومة الوحيد الذى يجمع بين الفكر السياسى والاقتصادى، ولم تبدأ مشاكل الببلاوى من الأسبوع الماضى عندما اتخذ قرارا بضرورة رحيله، ولكن استمرار طريقته المتصلبة فى مواجهة مشاكل الأسبوع الأخير فى عمر حكومته كانت المسمار الأخير فى نعش حكومته.

باختصار كان الأسبوع الأخير كافيا بإقناع أصحاب القرار أن حالة الرجل وصلت إلى مرحلة النهاية، وأنه لا يوجد دواء ولا حقنة مهما كانت قوتها قادرة على احياء الرجل أو إنهاء مرضه السياسى، وسبق اجتماع الرئيس به اجتماعات أخرى، وكان الاجتماع غير المعلن بين عدلى منصور والسيسى، وقد استغرق هذا اللقاء نحو 90 دقيقة، وخلال هذا الاجتماع كانت ملفات وتقارير عديدة تصل إلى إجابة واحدة، اجابة عن سؤال حول مستقبل الببلاوى كرئيس حكومة، وكانت هذه الإجابة هى رحيل الببلاوى بأقصى سرعة عن رئاسة الحكومة.

ورغم انفجار بركان الغضب عليه، فقد كان يراد له خروجا مشرفا، فالرجل كان له حسنات، فهو الوحيد الذى قبل المهمة الانتحارية بقبول المنصب بعد ثورة 30 يونيو، لم تكن هناك نية لخروجه بشكل مذل، وكان القرار أن يقدم استقالته بنفسه، ولكن الرجل اتصل ببعض الوزراء والسياسيين خلال لحظات ذهوله وحكى بنفسه ما جرى فى الغرف المغلقة، ولم يستطع إخفاء مرارته ولا ذهوله وهو يلقى على الصحافة نعى حكومته وتقديم استقالته، وهى استقالة أو إقالة تأخرت كثيرا لأسباب متعددة، من الممكن بالطبع أن اكتب عن غياب التنسيق بين الوزراء، وتحول ساحة المجلس إلى خلافات فى الرأى دون تدخل رئيس الحكومة، واتخاذه قرارات مهمة بعد محادثة تليفوينه من أحد الوزراء، وهو الأمر الذى أدى إلى قرارات متضاربة، ولكننى لن أعيد ما كتبته وغيرى قبل رحيل الببلاوى، فهناك ملفات أخرى أو بالأحرى خطايا أخرى للرجل لم يدفع هو ثمنها فقط، ولكن دفعت مصر أيضا ثمنا فادحا لها.

1 - ملفات مهملة

دخل الببلاوى الحكومة من قبل كوزير مالية فى حكومة الدكتور عصام شرف، وأظن أنه أخذ من تجربة شرف أسوأ ما فيها، فقد كان شرف يستعين بالجميع إلا بمؤسسات الدولة، وقد كان الببلاوى ينظر إلى أى تقارير من الدولة بعدم اهتمام، وربما ببعض الريبة، ولذلك فإن من أول وأكبر خطايا الببلاوى انه كان يتجاهل بشكل مستمر ومؤسسى التقارير التى ترد من جهات سيادية أو أمنية، كانت ترد للببلاوى تقارير «تقدير موقف»،
وكانت هذه التقارير ترصد الخيوط الأولى لمشكلات فئوية أو اقتصادية،
وكان الغرض من إرسال هذه التقارير لرئيس الحكومة هو تنبيهه للمشكلات قبل انفجارها فى وجههه ووجه المجتمع، ولكن الببلاوى لم يفهم أو لم يتقبل فكرة إرسال هذه التقارير فكان يتجاهلها.

2 - الاستعانة بصديق

من بين مميزات الببلاوى طوال حياته أنه رجل ذو كبرياء ويعتز بكرامته واستقلاله، ولكن هذه المميزات تحولت إلى لعنة تطارد أداء الرجل، فقد حولته إلى رجل متصلب، سياسى عاجز وغير راغب فى الاستعانة بخبرات الآخرين، واعتقد أن الببلاوى كان يرى فى هذه الاستعانة أو طلب المساعدة انتقاصا من صلاحياته واستقلاليته، وتدخلاً من الآخرين فى صميم صلاحياته، فقد كان الببلاوى يرفض أو يتجاهل أو يتعمد ألا يطلب المساعدة من الجهة الوحيدة القادرة على مساعدته، واقصد طلب مساعدة القوات المسلحة لإنهاء بعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فقد أخذوا عليه أنه لم يطلب فى وقت مبكر من وزير الدفاع المشير السيسى مساعدته فى مواجهة إضراب النقل العام، فقد بدأ الإضراب الأخير لسائقى النقل العام وكان على الببلاوى أن يطلب أن تنزل اتوبيسات القوات المسلحة، وذلك لتعويض نقص اتوبيسات النقل العام، وهو ماحدث بالفعل فقد دفعت القوات المسلحة باتوبيسات، ولكن بعد بدء الإضراب بأكثر من 24 ساعة، هذا المثال ليس مجرد نموذج، ولكنه كان أحد الأسباب النهائية لضرورة رحيل الببلاوى، خلافا للببلاوى فقد كان وزير الإسكان السابق محلب أكثر ذكاء، فمحلب كان يبحث عن عناصر القوة لدعم عمله، وكان يطلب أن تقوم القوات المسلحة عبر جهاز الخدمة الوطنية بمشروعات الطرق والبنية الأساسية لتسريع جهود البناء.

ولكن الببلاوى كان شديد الحساسية تجاه ما اعتبره شبح التدخل فى اختصاصاته، ولعل قصة اللجنة الخماسية من أهم أمثلة هذه الحساسية،

واللجنة الخماسية لجنة وزارية مصغرة، بدأت فكرتها بسبب الهجوم الدولى الحاد على مصر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وكانت اللجنة برئاسة الببلاوى وعضوية كل من وزير الدفاع المشير السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى ونائب رئيس الحكومة المستقيل زياد بهاء الدين ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وكانت اللجنة تجتمع قبل أو بعد الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء، فى هذا الاجتماع يتم استعراض كل المشاكل المثارة وبحث حلول أو بالأحرى تصفية بعض هذه المشاكل، وكان الببلاوى غير متحمس للجنة وربما كان الببلاوى يرى أنها سحب أو خصم من سلطاته، ولذلك لم يكن الببلاوى يولى نتائج أو توصيات اللجنة اهتماما أو يسعى إلى تنفيذ معظم توصياتها، ويتردد أن وزير الخارجية كان يشكو من عدم اهتمام الببلاوى بمتابعة بعض اقتراحاته فى اللجنة لتحسين صورة مصر.

3 - أزمة الحد والبدل

ولا شك أن كل ما سبق قد خلق بعض الشكوك المشروعة فى مدى تحمس رئيس الحكومة السابق لبعض قرارات حكومته، فقد بدا للبعض التأخر فى الإعداد لتفعيل الحد الأدنى للاجور مرجعه عدم حماس الببلاوى لتطبيق الحد الأدنى على جميع العاملين بالدولة والشركات، وليس مجرد إهمال كلاسيكى من البيروقراطية المصرية.

ومن الحد الأدنى للأجور إلى بدل المخاطر لضباط الشرطة، وهو ملف زاد من توتر العلاقة بين الدكتور الببلاوى وبين وزير داخليته، فبعد تزايد استهداف ضباط الشرطة من قبل الإرهابيين، طلب وزير الداخلية زيادة بدل المخاطر بنسبة 30%، وذلك لرفع الروح المعنوية للضباط، وجاء هذا الطلب بعد استشهاد اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى للوزير، وقد رفض رئيس الحكومة متعللا بضعف الموازنة مرة، وبالتخوف من استياء الرأى العام مرة أخرى، ولكن وزير الداخلية استطاع أن يحقق ما أراده، وكان من التناقضات فى هذه القصة أن الببلاوى تحمس أو اضطر بعد ذلك إلى تحقيق مطالب مالية لفئات اخرى، ولذلك بدا أن رفضه لزيادة بدل المخاطر للشرطة هو موقف من وزير الداخلية، وداخل الكواليس يتردد أن وزير الداخلية كان دائم التذمر داخل مجلس الوزراء من كثرة الاعتصامات والإضرابات، وكان وزير الداخلية يرى أن ضعف الحكومة وراء هذه المشاكل، وأن هذه الاعتصامات تزيد من صعوبة مواجهة الشرطة للإرهاب، وقد أيدت التقارير التى تلقاها عدلى منصور رأى وزير الداخلية.

ولكن أهم ما جاء فى هذه التقارير الخاصة والسرية لم يكن مجرد غضب المواطنين أو يأسهم، ولكنه كان يأس وزراء كثر من الحكومة من أداء الدكتور الببلاوى، وهم وزراء اختارهم الببلاوى بنفسه، ولكنه لم يستطع اختيار الوقت المناسب للرحيل فقد أجبر على الخروج من المشهد دون انتظار أو قرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.