«زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم في الأسواق    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    البترول: استيراد 15 شحنة غاز لشبكة الكهرباء.. والأولى تصل خلال 10 أيام    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    الجيش الأمريكي يعلن استئناف عمليات الإغاثة عبر الرصيف العائم    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن حملة اعتقالات واسعة    أيمن يونس: إمام عاشور افتقد للأداء الجماعي وحسام حسن أصاب بالاعتماد على الشناوي    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    بشرى عن طقس اليوم 9 يونيو.. انخفاض الحرارة 4 درجات    لماذا زاد ظهور عمرو دياب في الأفراح والمناسبات مؤخراً.. ناقد موسيقى يجيب    «زي النهارده».. وفاة الفنان عبدالله محمود 9 يونيو 2005    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في السواحل اليمنية    ننشر أوائل الشهادات الإعدادية والإبتدائية الأزهرية بالوادي الجديد    أطول إجازة للموظفين في مصر خلال 2024.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    سعر الدينار الكويتي في البنوك اليوم الأحد 9 يونيو 2024    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    ضبط مصري يسرق أحذية المصلين بمسجد في الكويت وجار إبعاده عن البلاد (فيديو)    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    شاهد.. أكشن وكوميديا وإثارة فى برومو عصابة الماكس تمهيدا لطرحه فى عيد الأضحى    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال لاشين تكتب : الذمة السياسية والمالية
نشر في الفجر يوم 02 - 03 - 2014

1 - هل يغلق النائب العام بلاغات قصور مبارك ضد محلب؟

بدأ محلب رحلته الحكومية منذ سنوات كرئيس لشركة المقاولون العرب، ولذلك فهناك أكثر من مدخل للحديث عن رئيس الحكومة الجديد، ولكننى سأبدأ بقصة اختياره وزيرا للإسكان فى حكومة الدكتور الببلاوى.

كان البحث عن وزير الإسكان على قدم وساق حينما طرح اسم إبراهيم محلب، وجرى بالفعل الاتصال به، وكان الرجل فى ذلك الوقت يعمل فى إحدى دول الخليج، وعندما أبلغوه بقرار ترشيحه للحكومة، رد محلب بأن هناك بلاغات مقدمة ضده وأن اسمه ضمن قائمة ترقب الوصول فى المطارات والموانئ، ولكن محدثه طمأنه على العودة، علمت بالقصة فى حينها، ولم أنشرها لأن هوجة تقديم البلاغات ضد أى مسئول وكل مسئول كانت على أشدها بعد ثورة 25 يناير، ومن البديهى أن محلب ليس استثناء من هذه الظاهرة، وكنت أعرف أن البلاغات لم تكن تستهدف المهندس إبراهيم محلب كشخص، ولكنها كانت تستهدف الرئيس المخلوع مبارك وأسرته، ولذلك فقد تقدم بعض المواطنين ببلاغات تتعلق بأعمال قامت بها شركة المقاولون العرب تحت رئاسته لأسرة المخلوع، لكن الكثيرين كانوا على استعداد لإقصاء هذه القصة، وترك فرصة للرجل ليتبث كفاءته فى وزارة الإسكان، والآن تغير الوضع فقد أصبح الرجل رئيسا للحكومة، ومن واجب الإعلام الآن أن يبحث بمنتهى الشفافية فى الذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، وبالمثل من واجب الجهات المعنية أن تقوم بواجبها فى إظهار الحقيقة أمام الرأى العام، وهذا الواجب لا ينتقص من قدر رئيس الحكومة الجديد من ناحية، وليس اتهاما للرجل من ناحية أخرى، ولكن بعد ثورتين لم يعد من المقبول أن نتجاهل القواعد الأساسية فى أى نظام ديمقراطى، وعلى رأسها ألا تترك أى أسئلة أو علامات استفهام أو اتهامات تتعلق بثانى رجل فى الدولة.

1 - الذمة السياسية

فى ظل هوجة البلاغات كان هناك عدة بلاغات عن قيام شركة المقاولون العرب بأعمال تشييد وبناء لأعمال تتصل بالرئيس المخلوع وأسرته، فمبارك لم يترك لا دنيا ولا آخرة دون أن يستفيد من أدوات وشركات وثروات الدولة، بداية من بناء مقبرة مبارك، مرورا ببناء فيلات أو بالأحرى قصور الأنجال فى شرم الشيخ، انتهاء بترميم القصور الرئاسية، ويوم السبت الماضى وقبل 48 ساعة من اختيار محلب رئيسا للحكومة نشرت اليوم السابع تحقيقا مصورًا عن فيلات أسرة المخلوع فى شرم الشيخ، كان كل أبطال الصور من الماضى إلا إبراهيم محلب، كان كل الأبطال فى عداد الأموات إلا إبراهيم محلب الوزير ثم رئيس الحكومة بعد ثورة 30 يونيو، لم يعد لامبارك ولا أسرته ولا وزير إسكانه محمد إبراهيم سليمان يمثلون رقما مهما فى المعادلة، وحده محلب كان فى الحكومة ووصل إلى قمتها، والصورة فى حد ذاتها ليست اتهاما بالفساد، لكنها صورة مقلقة، صورة تحتاج إلى توضيح وتفسير وتفتح أبوابا للأسئلة تحتاج إلى إجابات سريعة وشافية، لأن الصورة جزء من مستندات بلاغ أمام النائب العام، ولذلك يجب أن يعرف الرأى العام دور رئيس الحكومة فى هذه القضية بشكل محدد وسريع وواضح، ولا يجب أن ننتظر الإجابة من محلب نفسه، ولكننا ننتظر من النيابة العامة أن تصدر بيانا رسميا يتعلق ليس بالصورة فقط، بل بكل البلاغات التى تقدم بها مواطنون، وهى بلاغات تتعلق بدور شركة المقاولون العرب فى بعض قصور وفيلات ومقبرة مبارك وأسرته، ربما تكون النيابة العامة قد حفظت من قبل هذه البلاغات، بل ربما اكتفى أصحابها بإبلاغ الإعلام بدلا من إبلاغ النائب العام، وربما رأت النيابة العامة أنه لا توجد مسئولية قانونية على محلب فتم استبعاده من قائمة الاتهام، ولكن عندما يتعلق الأمر برئيس حكومة مصر فإن الأمر يجب أن يحسم من جهة الاختصاص، وإعلام الرأى العام والشعب بنتائج أو توابع هذه البلاغات يصبح فرض عين، لأن الأمر يتعلق بالذمة السياسية والمالية لرئيس الحكومة، لا يجب ترك الأمر معلقا، لا يجب تركه كغصة فى أحاديث النميمة وحلقات مسلسله فى برامج التوك شو،

ويتصل بالذمة السياسية لرئيس الحكومة الجديد ما أثير حول علاقته بلجنة جمال مبارك وأمانة السياسات، وعلى الرغم من الأقاويل فإن إبراهيم محلب لم يكن يوما من رجال جمال مبارك، محلب مهندس وموظف حكومى نشيط وطموح، وقد بدأ رحلته من تحت السلاح، واستغل الفرصة التى حصل عليها بطلوع الروح، كانت الفرصة عندما تولى إبراهيم محلب رئاسة شركة المقاولون العرب، وكانت الشركة قبل رئاسته فى حالة يرثى لها، فقد دخلت الشركة الرائدة فى حالة بيات محلى، فنهض محلب بها، واستطاع أن يعود بها إلى المنافسة العربية، ونجحت الشركة فى عهده فى الحصول على مناقصات فى الخليج العربى والجزائر، ومع ذلك لم تنفتح أبواب الترقى أمام محلب، وفى كل مرة طرح اسمه كوزير إسكان كان يتم استبعاده، فشلة جمال مبارك من كبار رجال الأعمال فى مجال التشييد كانت تكرهه، فكل مناقصة حصلت عليها المقاولون العرب كانت خسارة لهذه الشركات، عاد بعبع القطاع العام يهدد عروش السادة الكبار، وضاعف من غضبهم أن شركاتهم كانت تحصد وحدها المناقصات فى دول الخليج وبعض الدول العربية.

كانت هناك أسباب أخرى منعت دخول محلب نادى جمال مبارك، فشلة جمال كانت تختار بناءً عن مواصفات خاصة، مواصفات تصلح للسهرات، البدل السيينه وأحذية بآلاف الدولارات، والسهر فى أرقى الملاهى والمطاعم بين نيس وباريس، ولم يكن محلب يمتلك الكثير من هذه المواصفات، فضلا عن أن خطاب محلب كان خطابا شعبويا، ولم يكن جمال يفضل هذا النوع من الخطابات، وفيما بعد فإن هذا الخطاب قد ساهم فى خلق شعبية لمحلب، ولاشك أن هذه الشعبية لعبت دورا فى اختياره كرئيس حكومة.

2 - الذمة المالية

بعد تكليف محلب رسميا برئاسة الحكومة قال إنه تعلم الكثير من الببلاوى، وأرجو ألا تبقى هذه الكلمات مجرد مجاملة سياسية رقيقة من محلب، فأول درس يجب أن يتعلمه وينفذه من الببلاوى يتعلق بالذمة المالية، لقد كان الدكتور حازم الببلاوى أول وزير فى تاريخ مصر يعلن بوضوح كامل عن المرتب الذى يتقاضاه كوزير مالية فى حكومة شرف، وبحسب مذكرات الببلاوى عن هذه الفترة فإن الكثير من زملائه فى مجلس الوزراء لم يروقهم ما فعله، وكان الببلاوى قد وعد بأن يكشف عن راتبه بمجرد أن يتسلم أول مرتب، وبالفعل نشر الببلاوى مرتبه كوزير ونائب رئيس وزراء، وكما حرص الببلاوى كرئيس حكومة أن يعيد نشر إقرار الذمة المالية له، وهى خطوة جريئة فالقانون لا يلزم رئيس الحكومة بنشر الذمة المالية للرأى العام من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن إقرار الببلاوى اشتمل على عقارات وأموال سائلة وودائع بالدولار، ولم يخش الببلاوى من الكشف عن ثروة كونها عبر سنوات طويلة، ولذلك يجب أن يحذو محلب حذو الببلاوى وينشر إقرار الذمة المالية له، فليس من المعقول ولا المقبول أن يتراجع رئيس الحكومة عن خطوة مهمة عن سلفه، إن نشر إقرار الذمة المالية لرئيس الحكومة الجديد ليس إلزاما قانونيا، ولكنه فرض ديمقراطية، فى كل دول العالم من حق كل مواطن أن يعرف دخل رئيس الحكومة والرئيس والوزراء وثرواتهم السابقة على تولى المنصب، حين يفعلها محلب فإنه سيثبت أنه تعلم بالفعل من الببلاوى بعض الدروس المفيدة، ولكن الأهم أنه سيثبت أننا لا نعود لعصر مبارك، وأنه ينتمى بالفعل لا بالقول إلى قيم وتقاليد الثورات المصرية.


2 - أسرار الإطاحة بالرجل العجوز

■ لقاء بين السيسى ومنصور لمدة 90 دقيقة أطاح بالببلاوى

■ رئيس الحكومة تجاهل تقارير المخابرات عن الأزمات المتوقعة

■ لم يطلب مساعدة الجيش فى أزمات كثيرة آخرها إضراب النقل العام

■ رفض زيادة بدل مخاطر الشرطة بحجة ترشيد الإنفاق

«مش عايز أسمع ثلاث حاجات.. أفكار مبتكرة ولا أفكار خارج الصندوق ولا خيال سياسى».هذه الكلمات جاءت على لسان رئيس الحكومة السابق الدكتور حازم الببلاوى، قال الببلاوى هذا التحذير فى آخر لقاء له برؤساء تحرير الصحف، ربما تكثف هذه الكلمات الأخيرة للرجل ما وصل إليه الببلاوى فى آخر شهر من حياته كرئيس حكومة، ربما ترسم صورة نفسية لرجل عجوز يرفض أن يرى الواقع الحقيقى، ومسئول عاجز حتى عن إنقاذ نفسه بالاستماع إلى الآخرين، وأغلب الظن أن الببلاوى اعتمد على بقائه فى الحكومة كحكم من أحكام القدر، كان يماطل فى التعديل الوزارى، و«حاطط فى بطنه بطيخة صيفى» بأنه لن يرحل قبل الانتخابات البرلمانية، بتصلب شريان سياسى لم يلحظ أو يلتقط الببلاوى إشارات الغضب أو بالأحرى اليأس الذى تسرب إلى الجميع منه، الرئيس عدلى منصور المشير عبد الفتاح السيسى، حتى بعض وزرائه، كان الببلاوى يتعامل خاصة فى الأشهر الأخيرة بوصفه رئيس الحكومة الوحيد الذى يجمع بين الفكر السياسى والاقتصادى، ولم تبدأ مشاكل الببلاوى من الأسبوع الماضى عندما اتخذ قرارا بضرورة رحيله، ولكن استمرار طريقته المتصلبة فى مواجهة مشاكل الأسبوع الأخير فى عمر حكومته كانت المسمار الأخير فى نعش حكومته.

باختصار كان الأسبوع الأخير كافيا بإقناع أصحاب القرار أن حالة الرجل وصلت إلى مرحلة النهاية، وأنه لا يوجد دواء ولا حقنة مهما كانت قوتها قادرة على احياء الرجل أو إنهاء مرضه السياسى، وسبق اجتماع الرئيس به اجتماعات أخرى، وكان الاجتماع غير المعلن بين عدلى منصور والسيسى، وقد استغرق هذا اللقاء نحو 90 دقيقة، وخلال هذا الاجتماع كانت ملفات وتقارير عديدة تصل إلى إجابة واحدة، اجابة عن سؤال حول مستقبل الببلاوى كرئيس حكومة، وكانت هذه الإجابة هى رحيل الببلاوى بأقصى سرعة عن رئاسة الحكومة.

ورغم انفجار بركان الغضب عليه، فقد كان يراد له خروجا مشرفا، فالرجل كان له حسنات، فهو الوحيد الذى قبل المهمة الانتحارية بقبول المنصب بعد ثورة 30 يونيو، لم تكن هناك نية لخروجه بشكل مذل، وكان القرار أن يقدم استقالته بنفسه، ولكن الرجل اتصل ببعض الوزراء والسياسيين خلال لحظات ذهوله وحكى بنفسه ما جرى فى الغرف المغلقة، ولم يستطع إخفاء مرارته ولا ذهوله وهو يلقى على الصحافة نعى حكومته وتقديم استقالته، وهى استقالة أو إقالة تأخرت كثيرا لأسباب متعددة، من الممكن بالطبع أن اكتب عن غياب التنسيق بين الوزراء، وتحول ساحة المجلس إلى خلافات فى الرأى دون تدخل رئيس الحكومة، واتخاذه قرارات مهمة بعد محادثة تليفوينه من أحد الوزراء، وهو الأمر الذى أدى إلى قرارات متضاربة، ولكننى لن أعيد ما كتبته وغيرى قبل رحيل الببلاوى، فهناك ملفات أخرى أو بالأحرى خطايا أخرى للرجل لم يدفع هو ثمنها فقط، ولكن دفعت مصر أيضا ثمنا فادحا لها.

1 - ملفات مهملة

دخل الببلاوى الحكومة من قبل كوزير مالية فى حكومة الدكتور عصام شرف، وأظن أنه أخذ من تجربة شرف أسوأ ما فيها، فقد كان شرف يستعين بالجميع إلا بمؤسسات الدولة، وقد كان الببلاوى ينظر إلى أى تقارير من الدولة بعدم اهتمام، وربما ببعض الريبة، ولذلك فإن من أول وأكبر خطايا الببلاوى انه كان يتجاهل بشكل مستمر ومؤسسى التقارير التى ترد من جهات سيادية أو أمنية، كانت ترد للببلاوى تقارير «تقدير موقف»،
وكانت هذه التقارير ترصد الخيوط الأولى لمشكلات فئوية أو اقتصادية،
وكان الغرض من إرسال هذه التقارير لرئيس الحكومة هو تنبيهه للمشكلات قبل انفجارها فى وجههه ووجه المجتمع، ولكن الببلاوى لم يفهم أو لم يتقبل فكرة إرسال هذه التقارير فكان يتجاهلها.

2 - الاستعانة بصديق

من بين مميزات الببلاوى طوال حياته أنه رجل ذو كبرياء ويعتز بكرامته واستقلاله، ولكن هذه المميزات تحولت إلى لعنة تطارد أداء الرجل، فقد حولته إلى رجل متصلب، سياسى عاجز وغير راغب فى الاستعانة بخبرات الآخرين، واعتقد أن الببلاوى كان يرى فى هذه الاستعانة أو طلب المساعدة انتقاصا من صلاحياته واستقلاليته، وتدخلاً من الآخرين فى صميم صلاحياته، فقد كان الببلاوى يرفض أو يتجاهل أو يتعمد ألا يطلب المساعدة من الجهة الوحيدة القادرة على مساعدته، واقصد طلب مساعدة القوات المسلحة لإنهاء بعض الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فقد أخذوا عليه أنه لم يطلب فى وقت مبكر من وزير الدفاع المشير السيسى مساعدته فى مواجهة إضراب النقل العام، فقد بدأ الإضراب الأخير لسائقى النقل العام وكان على الببلاوى أن يطلب أن تنزل اتوبيسات القوات المسلحة، وذلك لتعويض نقص اتوبيسات النقل العام، وهو ماحدث بالفعل فقد دفعت القوات المسلحة باتوبيسات، ولكن بعد بدء الإضراب بأكثر من 24 ساعة، هذا المثال ليس مجرد نموذج، ولكنه كان أحد الأسباب النهائية لضرورة رحيل الببلاوى، خلافا للببلاوى فقد كان وزير الإسكان السابق محلب أكثر ذكاء، فمحلب كان يبحث عن عناصر القوة لدعم عمله، وكان يطلب أن تقوم القوات المسلحة عبر جهاز الخدمة الوطنية بمشروعات الطرق والبنية الأساسية لتسريع جهود البناء.

ولكن الببلاوى كان شديد الحساسية تجاه ما اعتبره شبح التدخل فى اختصاصاته، ولعل قصة اللجنة الخماسية من أهم أمثلة هذه الحساسية،

واللجنة الخماسية لجنة وزارية مصغرة، بدأت فكرتها بسبب الهجوم الدولى الحاد على مصر بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وكانت اللجنة برئاسة الببلاوى وعضوية كل من وزير الدفاع المشير السيسى ووزير الخارجية نبيل فهمى ونائب رئيس الحكومة المستقيل زياد بهاء الدين ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وكانت اللجنة تجتمع قبل أو بعد الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء، فى هذا الاجتماع يتم استعراض كل المشاكل المثارة وبحث حلول أو بالأحرى تصفية بعض هذه المشاكل، وكان الببلاوى غير متحمس للجنة وربما كان الببلاوى يرى أنها سحب أو خصم من سلطاته، ولذلك لم يكن الببلاوى يولى نتائج أو توصيات اللجنة اهتماما أو يسعى إلى تنفيذ معظم توصياتها، ويتردد أن وزير الخارجية كان يشكو من عدم اهتمام الببلاوى بمتابعة بعض اقتراحاته فى اللجنة لتحسين صورة مصر.

3 - أزمة الحد والبدل

ولا شك أن كل ما سبق قد خلق بعض الشكوك المشروعة فى مدى تحمس رئيس الحكومة السابق لبعض قرارات حكومته، فقد بدا للبعض التأخر فى الإعداد لتفعيل الحد الأدنى للاجور مرجعه عدم حماس الببلاوى لتطبيق الحد الأدنى على جميع العاملين بالدولة والشركات، وليس مجرد إهمال كلاسيكى من البيروقراطية المصرية.

ومن الحد الأدنى للأجور إلى بدل المخاطر لضباط الشرطة، وهو ملف زاد من توتر العلاقة بين الدكتور الببلاوى وبين وزير داخليته، فبعد تزايد استهداف ضباط الشرطة من قبل الإرهابيين، طلب وزير الداخلية زيادة بدل المخاطر بنسبة 30%، وذلك لرفع الروح المعنوية للضباط، وجاء هذا الطلب بعد استشهاد اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى للوزير، وقد رفض رئيس الحكومة متعللا بضعف الموازنة مرة، وبالتخوف من استياء الرأى العام مرة أخرى، ولكن وزير الداخلية استطاع أن يحقق ما أراده، وكان من التناقضات فى هذه القصة أن الببلاوى تحمس أو اضطر بعد ذلك إلى تحقيق مطالب مالية لفئات اخرى، ولذلك بدا أن رفضه لزيادة بدل المخاطر للشرطة هو موقف من وزير الداخلية، وداخل الكواليس يتردد أن وزير الداخلية كان دائم التذمر داخل مجلس الوزراء من كثرة الاعتصامات والإضرابات، وكان وزير الداخلية يرى أن ضعف الحكومة وراء هذه المشاكل، وأن هذه الاعتصامات تزيد من صعوبة مواجهة الشرطة للإرهاب، وقد أيدت التقارير التى تلقاها عدلى منصور رأى وزير الداخلية.

ولكن أهم ما جاء فى هذه التقارير الخاصة والسرية لم يكن مجرد غضب المواطنين أو يأسهم، ولكنه كان يأس وزراء كثر من الحكومة من أداء الدكتور الببلاوى، وهم وزراء اختارهم الببلاوى بنفسه، ولكنه لم يستطع اختيار الوقت المناسب للرحيل فقد أجبر على الخروج من المشهد دون انتظار أو قرار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.