لا سعادة في الحياة، إلاّ إذا انتشرت العدالة القانونية بأجنحتها البيضاء علي هذا المجتمع البشري، وهدأت النفوس البريئة واستقرت فيها مملكة العدل والحق والإنصاف بالقانون، وردت الحقوق لأصحابها. فيعرف كل ذي حق حقه، وقطعت الأيادي التي تقوم بالنصب والاحتيال علي أصحاب القلوب الرحيمة، أصحاب النفوس ذات العزة والشرف. لقد نجحت ثورة 25 يناير في انتشار النصب والاحتيال بكثرة 'مع كامل الاحترام للثورة'.. نعم زادت بشكل ملحوظ جرائم النصب والاحتيال، ووقوع الضحايا البريئة من الغلابة والمساكين أصحاب القلوب البريئة التي تكدح ليلاً ونهاراً في سبيل أن تعيش عيشة هنية ونوايا صادقة وخالصة في معاملتها مع أفراد المجتمع. الذين يقعون فريسة للنصب والاحتيال، ولم ينجدهم ويشفي صدورهم قانون بلدنا 'مع كامل الاحترام'. وهنا لابد أن أقف وأسأل وزير العدل ومن ورائه رجال القانون المحترمين، لماذا لم يفعّل مواد القانون الخاصة بالنصب والاحتيال وتنفذ في الحال بعقوبات شديدة، ما دام هناك مظاليم يقعون ضحية كل يوم فريسة في أيدي هؤلاء الشررة النصابيين والمحتاليين والمتلاعبين الذين يقومون بالنصب في الأراضي والشقق والفلل والاستيلاء علي الأموال بطرق غير مشروعة. فإذا طبق القانون بكل قوة وحزم علي هؤلاء الخونة والحِيَل 'النصب'، لانتشرت العدالة بين الناس، لكن للأسف المجرم النصاب المحتال يحكم عليه بستة أشهر أو سنة حبس، ويحكم عليه بهذه الفترة القليلة الموجزة يكون قد شجعناه علي الهروب داخل أو خارج البلاد لحين انتهاء الفترة، ولهذا فقد عجز القانون في شفاء صدور المنصوب عليهم وذلك من خلال ثغرات قانون بلدنا الذي منح المحتال تكرار عمليات النصب والاحتيال علي الشرفاء من أهل الوطن. إن جريمة النصب والاحتيال هي جرم شنيع وعنيف بالنفس ينخر في المجتمع بكل نواحيه سواء كانت إقتصادية أو اجتماعية بالأخص، وقد تطال أيضاً الفرد ومؤسسات المجتمع. هؤلاء النصابيين والمحتاليين أصحاب المظاهر المزيفة والألفاظ الخادعة علي النفس والماكرين يستخدموا حيالهم ليقع أصحاب القلوب البسيطة والبريئة فريسة لهم، حتي لو كانوا أشخاص عاديين تغربوا من أجل جمع ثمن قطعة أرض، فبمن يستنجدون وإلي من يلجأون ومن يحميهم من هؤلاء 'الحِيَل' الذين ذكرهم رسول الله 'صلي الله عليه وسلم' في حديثه حيث قال: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدني الحِيَل. فلقد حرمت الحيلة، لأنها محادة لأحكام الله تبعث البغضاء والشحناء. فهؤلاء أصحاب النفوس الشريرة لا يهنأ لها بال ولا مقام إلا وهي تري المال بأيدي البسطاء الكادحين بأيديهم ومن عرق جبينهم، وتقوم بالنصب والاحتيال عليهم، إما بالاستيلاء علي أراضيهم والتزوير في الأوراق الرسمية ومخادعة الأبرياء، أو الاستيلاء علي أموالهم بطرق نصب ذكية ومدبرة. فمن الممكن والسهل أن تكون كريماً محسناً وعطوفاً ومترقباً وخلوقاً مع بعض الناس، وأن تكون جرعتك باردة معهم، وتظهر هنالك نفوسهم الشريرة ويبدأوا بالانتقام والتخطيط والنيل منك، وهنا أؤكد علي أن جريمة النصب والاحتيال والمخادعة علي المواطنين الشرفاء من أعظم الجرائم والاعتداء علي المال المحرَم، ولاشك أن انتهاك المال المحرَم هو من محارم الله الممنوع فعله. فلقد اشتملت ولملمت جريمة النصب علي كبائر وموبقات ومحرمات لا حصر لها في مجتمعنا، وهذا إن دل فإنه يدل علي فعل اليهود وأخص هنا النصابيين والمحتاليين، كما ذكرهم رسولنا العظيم 'صلي الله عليه وسلم'، وهذا ما يترتب عليه من أثار سلبية كبيرة علي الأفراد والمجتمعات، وأثرها علي الأفراد بالاستيلاء علي أموالهم وأراضيهم ومدخراتهم ومقدراتهم التي عرقت الجبين من أجل أن تجمع المال الحلال في سبيل شراء قطعة أرض أو غيرها من الممتلكات الخاصة. وبكل سهولة وبساطة وحسّن النية تقع هذه الناس الغلابة في فخ النصب والاحتيال. وأسأل هنا.. من يحميهم من هؤلاء الخونة؟ مع الاحترام لقضاة القانون وأصحاب القانون، أقول لكم لا تأخذكم رأفة ولا شفقة في هؤلاء النصابيين والمحتاليين من خلال مناظرهم وأفعالهم وارحموا النفوس البريئة التي تقع تحت يد هؤلاء. يا سعادة وزير العدل ومن ورائك.. كل الاحترام لكم، لكن القانون ليس قرآن. فالقانون وضعه شخص، ومن الممكن جداً تغيير ثغراته في مواده التي تنص علي النصب والاحتيال، وأن تنص هذه المواد علي أشد العقوبات وتكون صارمة علي هؤلاء النصابيين والمحتاليين. يا سعادة وزير العدل.. ومن ورائك.. إذا ساد القانون في دولة القانون ساد الأمن والأمان بين الناس واحترمت الحقوق، ونام الناس مطمئنين. يا سعادة وزير العدل.. ومن رائك.. أن قوة القانون تمنح وترسي العدالة، فإذا انتهي القانون أو ضعف زاد الطغيان في البلاد 'لا قدر الله'. يا سعادة وزير العدل.. ومن رائك.. إن القانون يحمي الناس والشعوب من صواعق الشرور والنفوس المريضة بأمراض العصر والدهر. يقول الله تعالي: 'ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالأثم وأنتم تعلمون'. اللهم أعدنا علي هؤلاء النصابيين والمحتاليين أنك أعدل الحاكمين وأرحم الراحمين. حماك الله يا مصر