منذ مجيء خميني للسلطة في إيران وتحويلها إلي دولة دينية عام 1979 حَمَلَتْ طهران راية العداء ضد واشنطن واصفة الإدارة الأمريكية بأنها الشيطان الأكبر وبالمقابل فإن واشنطن أعلنت عن عدائها للنظام الإيراني واصفة إياه بأنه نظام متخلف وشرير وافتعلوا أزمة السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا موظفيها كرهائن لحبك السيناريو جيداً وخداع العرب بأن الطرفين علي خلاف ومنذ ذلك الحين وحتي الآن نسمع بأن طهران تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتصرح بأنها ستضرب الكيان الصهيوني ' إسرائيل ' ولكنها بدلاً من ذلك راحت توجه سهام الفتنة والعدوان للدول العربية فشنت حرباً علي العراق عام 1980 دامت ثماني سنوات ودست عملاءها لإثارة الشغب داخل مدن الجنوب العراقي بعد أحداث الكويت عام 1991 ولم تتعرض بشكل من الأشكال لمصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة بل أصبحت عنصر تهديد واضطراب للدول العربية وفي الوقت نفسه فإن واشنطن دائما كانت تهدد طهران وتوحي بأنها قد توجه ضربات عسكرية للمواقع الإيرانية ولكنها بدلاً من ذلك وجهت ضرباتها لبغداد فاستخدمت ذريعة أسلحة الدمار الشامل التي أنكر النظام العراقي السابق وجودها فشنت حرباً مدمرة علي العراق عام 2003 دون تفويض من مجلس الأمن وقدمت طهران الدعم للشيطان الأكبر في تلك الحرب وفق ما صرح به ' محمد أبطحي ' نائب الرئيس الإيراني آنذاك ثم اعترفت الإدارة الأمريكية بعد أن احتلت العراق بأنه خال من أسلحة الدمار الشامل ومع ذلك لم تكفر عن خطيئتها بل سلمت السلطة لعملاء إيران فصار العراق تحت الاحتلال الأمريكي والنفوذ الإيراني وعندما انطلقت المقاومة العراقية ضد القوات المحتلة أوعزت طهران لمليشياتها الطائفية بضرب المقاومة فعطلت جهدها وأدامت بقاء الأمريكان في العراق ثم شرعت طهران في مشروعها النووي منذ سنين وهي لا تخفي رغبتها بامتلاك السلاح النووي متحدية المجتمع الدولي غير آبهة بتصريحات الأمريكان والصهاينة بأنهم سيوجهون ضربات لإيران في حال استمرارها في محاولة الحصول علي القدرات النووية، وطهران في الوقت نفسه تتوعد الكيان الصهيوني ' إسرائيل' بالويل والوثبور ولم نسمع أن الإيرانيين أطلقوا طلقة واحدة ضد تل أبيب بل هم علي الدوام يدفعون بعملائهم في دول الخليج العربي وبعض الدول العربية لإثارة الفتن والشغب وصاروا يزرعون الخلايا النائمة فيها حتي أنهم تمادوا أكثر من ذلك فدخلوا بشكل مباشر في النزاع بين بشار الأسد والشعب السوري فزودوه بالأسلحة والمقاتلين ودفعوا بتابعهم الأمين حسن نصرالله للقتال إلي جنب بشار كل ذلك يجري علي مرأي ومسمع من واشنطن التي تدعي أنها علي خلاف مع طهران، وبعودة للمشهد العراقي وحرب المالكي التي يبررها بأنها ضد الإرهاب وهي في الحقيقة ضد العرب السنة تنفيذاً للمشروع الإيراني في المنطقة فإن الإدارة الأمريكية صرحت بأنها تقدم الدعم والسلاح المتطور لحكومة المالكي في حربه ضد الشعب العراقي خاصة في الأنبار وهي تعلم علم اليقين بأن الذي يدير العمليات العسكرية في العراق ضد المدن الثائرة هو ' قاسم سليماني ' أحد قادة الحرس الثوري الإيراني وأن شخصيات أمريكية وأوربية حذرت من خطر المالكي علي العراق وعلي المنطقة ومنهم الباحث البريطاني 'انتوني كوردسمان' الذي قال إن المالكي لا يقل خطراً عن القاعدة في دراسة مطولة قدمها لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تحت عنوان 'صعود القاعدة في العراق والتهديد الذي يمثله المالكي' وقال النائب في البرلمان الأروبي 'ستراون ستيفنسن' أمام جلسة للبرلمان ' إن المالكي يقود حملة إبادة جماعية ضد السنة وإن الحرب التي يشنها ضد أهل الأنبار هي لتصفية خصومه قبل الانتخابات المزمع إقامتها في نيسان أبريل القادم ' ولابد من الإشارة إلي الصمت الأمريكي إزاء عدوان إحدي مليشيات حكومة المالكي بإطلاق صواريخ علي الأراضي السعودية من العراق.. فإذا كانت واشنطن علي خلاف مع طهران فلماذا تسلم سلطة العراق لأتباع النظام الإيراني وتدعم نفوذهم في المنطقة وتغض الطرف عن تدخل الإيرانيين في شئون الدول العربية وتتساهل مع مشروعهم النووي. فهل واشنطنوطهران خصوم أم شركاء؟ سؤال ينبغي أن يسأله العربُ لأنفسهم.