سلطت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الضوء علي تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي صرح بها الشهر الماضي حيال منع بنك بغداد من أي تعاملات مع النظام المصرفي الأمريكي, قائلة إن هذا يعد اعترافا نادرا بوجود مشكلة دقيقة تواجه الإدارة الأمريكية عقب مغادرة القوات الأمريكية منذ عدة أشهر من العراق, وخاصة عقب مساعدة العراق لإيران في التملص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي. وكشفت الصحيفة عن أن بغداد تساعد طهران في التملص من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي مستخدمة شبكة من المؤسسات المالية وعمليات تهريب البترول التي توفر لطهران تدفقا حاسما من الدولارات. ونقلت الصحيفة عن ديفيد كوهين مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشئون الإرهاب والمخابرات المالية قوله إن إيران قد تسعي للهروب من العقوبات الاقتصادية عن طريق المؤسسات المالية العراقية, مضيفا أننا نواصل ونلاحق الجهود الرامية إلي منع إيران من تجنب الولاياتالمتحدة أو من العقوبات المالية الدولية في العراق أو في أي مكان آخر. وأشارت إلي أنه في بعض الحالات يتغاضي مسئولو الحكومة العراقية عن التجارة مع طهران في حين يستفيد مسئولون آخرون في بغداد بشكل مباشر من هذه الأنشطة مع ارتباط العديد منهم بعلاقات وثيقة مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي. وقال أوباما في ذلك الوقت إن بنك إيلاف العراقي سهل تعاملات قيمتها ملايين الدولارات بالإنابة عن بنوك إيرانية خاضعة للعقوبات بسبب صلاتها بالأنشطة الإيرانية غير القانونية بانتشار الأسلحة. ونقلت الصحيفة عن خبراء مصرفيين عراقيين أن بنك إيلاف الإسلامي ما زال يشارك في المزاد اليومي للبنك المركزي العراقي الذي يمكن فيه للبنوك التجارية أن تبيع دينارات عراقية وتشتري دولارات, ومن خلال هذه المزادات تستطيع إيران زيادة احتياطياتها من الدولارات التي تستخدم في شراء الواردات اللازمة. وأكدت مصادر في إدارة أوباما ومسئولون أمريكيين وعراقيون حاليون وسابقون وخبراء مصرفيين ونفطيين قولهم إن واشنطن شكت في أحاديث خاصة للمسئولين العراقيين من العلاقات المالية واللوجيستية بين بغداد وطهران. وأضافت الصحيفة أنه في إحدي الحالات التي وقعت في الآونة الأخيرة عندما علم أوباما بأن الحكومة العراقية تساعد الإيرانيين من خلال السماح لهم باستخدام المجال الجوي العراقي لنقل إمدادات إلي سوريا اتصل بالمالكي ليشكو له وسلكت الطائرات الإيرانية حينئذ طريقا آخر. وأوضحت نيويويوك تايمز أن المنظمات الإيرانية سيطرت علي ما يبدو علي أربعة بنوك تجارية عراقية علي الأقل من خلال وسطاء عراقيين مما يمنح إيران حرية الوصول بشكل مباشر للنظام المالي الدولي والذي تحظر العقوبات الاقتصادية عليها الوصول إليه. وفي سياق متصل, ذكرت نيويورك تايمز أن مدعين أمريكيين يجرون تحقيقا مع دويتشه بنك وعدة بنوك عالمية أخري بسبب أنشطة مرتبطة بإيران والسودان ودول أخري تخضع في الوقت الحالي لعقوبات دولية. وأفادت الصحيفة نقلا عن مسئولين قانونيين إن وزارة العدل الأمريكية ومكتب الإدعاء العام في مانهاتن يحققان مع البنوك للاشتباه في استخدامها فروعا في الولاياتالمتحدة لتحويل مليارات الدولارات في تعاملات لها صلة بإيران. وذكرت الصحيفة أن التحقيق مع دويتشه بنك في مرحلته الأولي ولا يوجد إلي الآن اشتباه في أن المؤسسة التي تتخذ من ألمانيا مقرا لها نقلت أموالا لحساب عملاء إيرانيين من خلال عمليات أمريكية بعد عام2008 عندما تم سد ثغرات سياسية كانت تسمح بهذه المناورات. وفي هذه الأثناء, ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أنه بينما من المحتمل أن تهاجم إسرائيل إيران في المستقبل القريب, فليس من مصلحة كلا الطرفين القيام بشن ضربات انتقامية للتصعيد, مشيرة إلي أن الإسرائيليين يمكنهم ضرب طهران دون التسبب في نشوب حرب شاملة في المنطقة. وأضافت أنه خلال الأيام القليلة الماضية ازدحمت الصحف الإسرائيلية بتقارير حول قرار بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بشن هجوم علي المنشآت النووية الإيرانية خلال الخريف المقبل, موضحة أنه بالرغم من أنه من مصلحة نيتانياهو زيادة الضغط علي إيران, إلا أنه من الخطأ النظر إلي هذه التقارير علي أن الغرض منها مجرد إثارة كلامية. وأشارت إلي أن تل أبيب ستقوم بشن ضربة جوية ضد إيران سواء خلال العام الحالي أو العام المقبل, وأنه من المؤكد أن طهران سترد وأن أمريكا ستتدخل ضد أي هجوم, لكنه من المؤكد أن طهران لن تشن حربا واسعة النطاق لعدة أسباب أهمها أن إيران وإسرائيل وأمريكا تفهم أن الحرب لن تخدم مصالحها. وأضافت أنه أولا, علي الجانب الإسرائيلي, إذا قرر نيتانياهو ضرب إيران فإن تركيزه سيكون علي توسيع نطاق نجاح العملية وتقليل أي نتائج سلبية يمكن أن تعقب العملية, وأنه علي صعيد الرد الإيراني, فأن تل أبيب تتوقع أن يقوم حلفاء إيران سواء حزب الله اللبناني وحركة حماس والجهاد الإسلامي بشن هجمات داخل الأراضي الإسرائيلية. وذكرت الجارديان أنه إذا قرر نيتانياهو القيام بضربة عسكرية, فإن الأهداف الإسرائيلية ستكون محدودة وهي منع إيران من الحصول علي سلاح نووي يهدد الدولة الإسرائيلية. وأضافت أن إيران تنظر إلي قدراتها النووية علي أنها ضمانة لبقاء الثورة الإسلامية, وأن القادة الدينيين يتفهمون أن شن حرب واسعة النطاق يعني احتمال التدخل الأمريكي وهو ما يفرض تهديدا وجوديا للمشروع الديني الذي تقوم عليه الجمهورية الإسلامية, وفي حالة شن هجوم إسرائيلي, فإن أهداف إيران ستتمثل في ثلاثة أهداف رئيسية: هي معاقبة إسرائيل علي الهجوم, وردع أي هجمات إسرائيلية أخري مع مواصلة البرنامج النووي الإيراني, وأخيرا, إضعاف الدعم الأمريكي والدولي لإسرائيل بمضاعة عزلة تل أبيب. وفي تحليل لوكالة رويترز ذكرت فيه أن تصعيد اللهجة الإسرائيلية في التحذير من هجوم وشيك علي إيران يستهدف واشنطن بدرجة أكبر من إستهدافه طهران ولا يعني أن الطائرات الحربية قد بدأت تشغل محركاتها بالفعل. غير أن مسئولين إسرائيليين كبارا يقولون إن القرار النهائي في هذا الصدد لم يتخذ بعد في ظل استمرار الخلاف بين وزراء الحكومة علي القضية وعدم رضا القيادة العسكرية عن الذهاب للحرب دون المساندة الأمريكية. لكن الدائرة المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي تقول إنه ربما يشعر أنه مجبر علي التحرك إذا لم يوضح الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطوطه الحمراء في الأسابيع المقبلة. وقال مسئول إسرائيلي كبير رفض نشر اسمه إن طهران لا تري ضربة أمريكية تلوح في الأفق وهي واثقة من أن واشنطن ستمنع إسرائيل من مهاجمتها. وأضافت أنه لذلك فإن إسرائيل تبحث عن بيانات عامة أقوي من أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أو في منتدي أخر وهو ما من شأنه أن يغير من تقييم إيران. وفي طهران, كرر آية الله علي خامنئي المرشد الأعلي للثورة الإيرانية في خطبة صلاة عيد الفطر التصريحات التي أطلقها الرئيس محمود أحمدي نجاد منذ يومين والتي أثارت انتقادات عالمية حيث وصف إسرائيل ب الورم السرطاني وأنها أكبر مشكلة تواجه الدول الإسلامية اليوم. وأشار خامنئي إلي أن القوي الكبري هيمنت علي مصير الدول الإسلامية لعدة سنوات وأنشأت الورم السرطاني الصهيوني في قلب العالم الإسلامي. وفي غضون ذلك, أعرب الرئيس الإسرائيل الأسبق إسحاق نافون عن تأييده لتصريحات خلفه الحالي شيمون بيريز المعارضة لتوجيه ضربة إسرائيلية أحادية الجانب لإيران. وفي الوقت نفسه, صرح مسئول إيراني بالعاصمة النمساوية فيينا بأن بلاده ترحب بضربة عسكرية إسرائيلية لأنها ستمنحها الفرصة لتخليص الإنسانية من هذه الغدة السرطانية علي حسب تعبيره. وفي إطار متصل, أعلن جريجوري بريدنكوف مندوب روسيا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا علي لسان وزير خارجية بلاده أن الخلافات القائمة بين مجموعة5+1 وإيران لا تزال كبيرة لكن يمكننا القول إنها ليست أكبر من الخلافات بشأن التسوية الفلسطينية الإسرائيلية والصراع العربي الإسرائيلي أو مسألة تشكيل مناطق خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.