لقد اجتمع المجلس الأعلي للنادي الدبلوماسي الدولي بنيويورك من سفراء ووزراء مفوضين ومستشارين عاملين ومتقاعدين من مختلف الجنسيات 'عربًا وأجانب'، وخرجوا بنتيجة واحدة، بعد عدة اجتماعات متتالية، لدراسة الدستور المصري الجديد لعام 2013، وكان ملخص اجتماعات أعضاء النادي الدبلوماسي الدولي سواء من مقره الرسمي أو من بلدان أخري من خلال أعضائه علي مستوي العالم العربي والأجنبي، هو الاعتراف من قِبل السادة الأعضاء أن هذا الدستور هو من صنع البشر، منتج بشري من الدرجة الأولي، فالقرآن والإنجيل والزبور والتوراة هي الدساتير الوحيدة التي هي من صنع الله، وهي منتج إلهي، ولكن الدستور المصري يكتنفه النقصان ويدور ويجول باحثًا عن الكمال، فمن قام بكتابته بشر مثلنا، يخطئون ويصيبون، وكأن دستور مصر 2013، يريد أن ينطق ويقول: 'أنا لا أدّعي الكمال، ولكنني أحاول أن أكون الأفضل'. وانطلاقًا من هذا القول، وهذه القاعدة، وجب علينا أن نتعامل مع الدستور بشكل نسبي الاكتمال، لاتفاقنا في السواد الأعظم من بنوده، والغالبية العظمي من مواده، لأن من وضع الدستور ممثلون للقوي الديمقراطية، باختلاف توجهاتها، فتم وضع مواد ممتازة إلي حد كبير، فيما يتعلق بالحريات، والعدالة الاجتماعية، والمرأة، والتعليم، والصحة، والنظر إلي بحدّ أكبر إلي محدودي ومعدومي الدخل، لأنه ليس دستورًا إنقلابيًا، ولكنه دستور ثوري حر أتي بعد ثورة حرة، لأن الثورة لم تكن ذات طابع طبقي، حتي ينادي البعض بدستور منحاز طبقيًا، بل كان بعد ثورتي 25 يناير و30 يونية، حيث أخذتا الطابع الوطني الديمقراطي، وهذا ما جاء به دستور 2013، لهذا لابد أن يقتضي نسبة كبيرة من التصويت، بعيدًا عن دعاوي الرفض والمقاطعة والإبطال التي لا تصب في صالح مصر، وإنما تصب في صالح فصائل أو شرائح أخري تستفيد من أحداث العنف والتخريب. وبعد مناقشات ومداولات ومفاوضات عديدة مع السادة الدبلوماسيين أعضاء النادي الدبلوماسي الدولي، الذين خرجوا بنتيجة نهائية وقرار يقيني نابع من نبض أكثر من 95% من أعضاء النادي الدبلوماسي الموقر تقول: 'نعم لدستور مصر 2013' وذلك للأسباب التالية: يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة حكومتها مدنية، ينصف العلماء ويرعي مصالحهم، وفي مجمل مواده يوفر الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، ويرسي مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، والمسلم والمسيحي، في كل الواجبات والحقوق، ويكفل للجميع حرية الرأي والعقيدة والفكر، وكذلك لأنه دستور يراه النادي الدبلوماسي الدولي عظيمًا، وهو منتج من خلال تفاعل عقول خمسين مصريًا واعيًا، مثقفًا ومجردًا عن الهوي إلا عن هوي مصر، وعلي رأسهم الدبلوماسي العريق، والسفير المحنك، والوزير الوطني، وأمين عام جامعة الدول العربية القومي، 'عمرو موسي عضو النادي الدبلوماسي الدولي'، الذي لم يترك من خلال جميع أعضاء لجنة الخمسين صغيرة ولا كبيرة ولا فئة ولا طرفًا ولا فصيلًا ولا طبقة إلا وضعوها في اعتبارهم فأرضوها ونصروها ولم يخذلوا ولو فئة واحدة، فنصروا الجيش، الشرطة، القضاء، الإعلام، العمال، الأعمال، الصيادين، الحرفيين، الفلاحين، الموظفين، ولا يغفل حقوق المهمشين، المعوقين، الأقباط، النقابات، المعاشات، الشباب، المرأة، الطفل، القزم، هذا الدستور يجمع بين كل أطياف الشعب، ويحتفظ بكيان وقوام الدولة المصرية، وهويتها ومرجعيتها. 'نعم للدستور'.. لأنه لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية علي أساس ديني، وكذلك يرسم الدستور مستقبل مصر لعدة عقود مقبلة، ويحافظ علي منظومة صحية وتعليمية مجانية وعالية الجودة لجميع المواطنين، وأن الحرية الشخصية حق طبيعي ومصونة لا تُمس.. وفيما عدا حالات التلبس لا يجوز القبض علي أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته، إلا بأمر قضائي، ويبلّغ بأسباب تقييد حريته، ويمكن من الاتصال بذويه، ولا يحاكَم إلا في حالة وجود محامٍ، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يمكن حجزه إلا في الأماكن المخصصة لذلك، وتكون لائقة صحيًا وإنسانيًا، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.. وكذلك حرمة المنازل، فلا يجوز دخولها، أو تفتيشها، أو مراقبتها، أو التنصت عليها، إلا بأمر قضائي مسبب، يحدد المكان، والتوقيت، والغرض منه، لأن الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل من كان مقيمًا علي أراضيها، وحرية الفكر والرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم، وتشجيع التعليم الفني، والتقني والمهني، وتطويره، والتوسع في كل أنواعه كافة، واستقلال الجامعات، والمجامع العلمية، واللغوية، وتشجيع إنشاء الجامعات الأهلية، التي لا تستهدف الربح وتلتزم بضمان جودة التعليم، وتنمية الكفاءات العلمية، والمهارات المهنية، ورعاية الحقوق الأدبية للمعلمين، وأعضاء هيئة التدريس، وحرية البحث العلمي، وتشجع مؤسساته، والحرص علي تماسك وحماية الأسرة وقوامها الديني والوطني والصحي والعلمي والأخلاقي، والحفاظ علي الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال، والاهتمام بالثقافة والإبداع الفني والأدبي، والنهوض بالفنون والآداب ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم وتوفير وسائل التشجيع اللازم لذلك، لأنهم منبر لا يقل أهمية عن التعليم في تكوين وتنمية الإنسان، ولا تقل تأثيرًا في عقل ووجدان الإنسان من المعلم في المدرسة، أو المحاضر في قاعة المحاضرات.. وكذلك إنشاء النقابات والاتحادات الفنية علي أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوي لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، كما يكون للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وأرباحها، ويكون تمثيل العمال في مجالس إدارات وحدات القطاع العام من عدد الأعضاء المنتخبين. أكد النادي الدبلوماسي الدولي أن مصر أمانة في رقاب رجالها، وأعناق شبابها، وعيون نسائها، وقلوب أطفالها، مصر أمانة في سلاح جيشها، وذكاء مخابراتها، وصمود شعبها، لأن استقرار مصر هو بعينه استقرار للوطن العربي بأسره، والشرق الأوسط بعنفوانه، وإقرار هذا الدستور يعني وقاية مصر شرور الأعداء، من الجهلاء والعملاء، والأغبياء، والسفهاء، بدء بأعمال العنف والإرهاب، حتي أعمال الاغتيالات، حتي يقضي الله أمرًا كان مفعولا، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا عن بينة.. دستور مصر 2013 يبشر بحياة جديدة، سديدة، مديدة، مليئة بالأمل، بعيدة عن الألم، تستشرف مستقبلا يحمل في طياته التقدم والازدهار، ويحمل بين جناحيه اللحاق بركب الحضارة العريقة، والدولة المدنية الحديثة، والاستفتاء بنعم يعني اعتراف العالم بأسره بهذا الدستور، ويبطل ما خطط له المفسدون والمفلسون، وإعطاؤهم درسًا حصينًا حتي لا يرتدوا بعقولهم السقيمة، إلي غياهب التبعية والجهل، بدعاوي زائفة، تؤدي إلي تفتيت الدولة، لذلك كانت اجتماعات أعضاء النادي الدبلوماسي الدولي بصفة دورية، ومتتالية، ويومية لاتخاذ موقف بخصوص الدستور يتسم بالموضوعية والعقلانية، للدفاع عن ثورتين عظيمتين، وخارطة الطريق، لإغلاق الطريق في وجه أي جماعة فاشية، تحت إشراف جيش عريق. وبالرغم من بعض الملاحظات القليلة والبسيطة، التي لا تنقص منه، ولكن استدراكًا لتعديله فيما بعد، حتي تزيده جمالًا واكتمالًا، ندعو الله أن يهيئ لمصر عددًا من ملائكة البشر، ليأخذوا العظة من ملائكة السماء، حتي يجعلوا الحلم حقيقة، وليس ذلك علي الله ببعيد، فهو دستور عظيم جدير بمصر العظيمة، ولهذا يوصي النادي الدبلوماسي الدولي شعب مصر الواعي، وشبابه الساعي، بالذهاب للتصويت بنعم للدستور، وكذلك من توصيات النادي الدبلوماسي للجالية المصرية في شتي بقاع الأرض أن يذهبوا للسفارات المصرية للتصويت التاريخي للدستور، ويوصي النادي جميع السفارات بتسهيل مهام المصوتين المصريين لدستورهم العظيم، لبناء جيل جديد، وفي النهاية فالكل له مطلق الحرية في الاختيار، بشرط عدم الخروج عن الأدب. وانتهي بحمد الله آخر اجتماعات النادي الدبلوماسي الدولي، 10 يناير 2013، لتتفق مع آخر عبارتين، تخرجان من أفواه السادة السفراء والدبلوماسيين وهما: 'نعم للستور' 'حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا وأرضًا وسماء'. عميد النادي الدبلوماسي الدولي [email protected]