علي مائدة حب 'مصرية'.. التقينا مساء الأربعاء الماضي.. رموز من عناصر مصرية، شريفة.. ومتيمة بعشق الوطن.. تداعت.. بدعوة كريمة من الأستاذ الدكتور 'أحمد العزبي' في لقاء، لم يكن الأول، ولكنه كان بالنسبة لي بداية مبشرة علي 'جبهة' تشكلت من رحم هذا الوطن الأبي.. صفوة من المخلصين، والنبلاء.. لم يجمع بينهم مغنم، أو مصلحة، أو حتي رغبة في ممارسة السياسة، بفنونها المعهودة.. بل جمع بين قلوبهم، وعقولهم، هذا الحرص الكبير، علي وطن، يشهد واحدة من أقسي المحن، والتي واجهته في تاريخه الحديث.. الهم الوطني، والرغبة الأكيدة في عبور 'سفينة الوطن' بحر الأمواج المتلاطم، كان 'الركيزة' التي انطلقت من فوق قاعدتها، جبهة 'مصر بلدي'.. تلك الجبهة التي شق صهيل صوتها، حالة السكون التي خيمت علي قوي سياسية، آثرت التراجع أمام معركة دحر الإرهاب.. وتركت قوي الجيش، والشرطة، تخوض وحدها غمار التصدي لشيطان الإرهاب ومواجهة جرائمه، ومؤامراته، علي الوطن، والأمة. وكأن شرفاء الوطن، ومخلصيه كانوا علي موعد مع انبلاج فجر 'الجبهة' لتنخرط بعشرات الآلاف في صفوفها في أيام معدودة، ولتتسع دائرة الانضمام، لتشمل كافة رموز العمل الوطني، والتي آثرت طيلة السنوات الماضية، ألا تقحم نفسها في أتون جبهات وأحزاب، وتكتلات، لم تبرهن قدرتها الفعلية علي التصدي للخطر الذي يحدق بالوطن، ومن كل اتجاه. تابعت باهتمام كلمات المتحدثين في 'لقاء الأربعاء'، فحين قدم الكاتب الصحفي 'عادل حمودة' اللواء 'أحمد جمال الدين' المنسق العام للجبهة ليتحدث، كانت كلماته انعكاسا لشخصيته الوطنية، التي اختارت الانحياز للشعب في مواجهة إرهاب 'الإخوان'، يوم رفض بإصرار أوامر 'مرسي' بالتعامل بعنف مع 'معتصمي الاتحادية' وكان الثمن، هو خروجه من منصبه 'كوزير للداخلية'.. تحدث 'جمال الدين' عن الهدف من وراء تأسيس الجبهة، مؤكدا أن مصر، كانت، وستبقي فوق الجميع، ومؤكدا أن الجبهة ستظل في حالة 'انعقاد دائم' خلال الشهور القادمة، لمواكبة الاستحقاقات المصيرية، التي ستشهدها مصر، بدءًا من الاستفتاء علي الدستور، وحتي إجراء الانتخابات الرئاسية، مرورًا بالانتخابات البرلمانية، وإن كان أبدي في كلمته أمله أن تجري الانتخابات الرئاسية أولاً. وحين سئل اللواء 'جمال الدين' حول مستقبل جبهة 'مصر بلدي'، قال 'إن الجبهة سوف تستمر في ممارسة عملها، ومواصلة دورها، كإطار جامع للمصريين كافة، وحتي انتهاء الاستحقاقات الثلاثة، وبعدها سوف نجلس جميعا، ونقرر ماذا نريد، وبعد أن نكون قد عبرنا بمصر إلي بر الأمان'. تحدث الدكتور 'علي جمعة' مفتي مصر السابق، والرئيس الشرفي للجبهة، وتحدث 'مصطفي بكري' المتحدث الرسمي للجبهة، و'قدري أبو حسين' أمينها العام، وغيرهم من الشخصيات الوطنية، كل يطرح ما لديه من رؤي، وأفكار، ومقترحات، للخروج بالوطن من محنته، والعبور به من أزمته.. اقتراحات رصينة، وموضوعية، وتنم عن فهم وإدراك عميقين، لقضايا ومواجع الوطن.. بدا المشهد أمامي، وأنا أتابع النقاشات، وأشارك في الأطروحات، أشبه بسيمفونية من إبداع 'تجليات الوطن' تتناغم فيها 'الأوركسترا' السياسية، علي أنغام 'نوتة' وطنية، ترسم ملامح وضاءة لخارطة وطن، أعياه التآمر، وخذله البهتان، بعد أن احتل مقدمة صفوفه بعض من أجهضوا أحلامه في غفلة من الزمان. لقد شعرت بفخر، يتسرب إلي فؤادي، ويحتوي عقلي، حين أدركت حجم 'المقاصد النبيلة' و'الأفكار الوطنية' التي تدفقت، كسيل، يسعي لاشباع أرض الوطن، بآمال ظلت غائبة وأحلام كادت توأد، تحت وطأت 'الغربان' التي تسيدت ساحة الحكم، في فترة عصيبة، ومريرة، لا يزال الوطن برمته، يعاني تبعاتها. إن أعظم الأعمال تلك التي تسعي لخدمة الوطن بلا مقابل، وتلك الرموز التي جمعت بينها جبهة 'مصر بلدي' لا تريد شيئًا، ولا تبحث عن مكسب، بل إن الجميع تعهدوا أن تكون تكاليف أنشطتهم، وتحركاتهم، من 'حر' مالهم، ومن تبرعاتهم الشخصية، واشتراكاتهم الشهرية. هو عمل جليل، يتم لصالح هذا الوطن، وإذا كان الآلاف سوف يلتئمون اليوم في المؤتمر التأسيسي الأول، الذي سيعقد بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر، فإن ماكينة العمل الوطني للجبهة، سوف تنطلق بعزيمة لا تلين، وبتواصل ممتد، في كل قري ونجوع مصر، سعيا لانقاذ سفينة الوطن، مما تتعرض له من عواصف، ومواجهة، ووأد المخاطر التي تحيكها طائفة من المأجورين من أرباب الإرهاب والتآمر، والعبور بمصر 'البلد، والوطن' إلي 'بر الأمان' وإلي حيث يجب أن تكون 'رائدة في محيطها' و'درع قوية' بعزيمة أبنائها المخلصين، وفي المقدمة منهم، شرفاء الوطن، من قادة وأعضاء جبهة 'مصر بلدي.