'إن باريس يجب ألاّ تسقط في يد العدو.. لكن إذا حدث ذلك فيجب ألاّ يجد فيها غير أكوام من الحطام'.. كان هذا هو الأمر الرهيب والغريب الذي أصدره 'أدولف هتلر' إلي رئيس أركان حربه وسائر أعضاء هيئة القيادة العليا للقوات المسلحة الألمانية في 23 أغسطس 1944. أتذكّر هذا الأمر كلما طالعت في الصحف أو شاهدت في التليفزيون ما يبيّن جرائم الإخوان وإرهابهم. 'بالمناسبة كل الجماعات الإسلامية خرجت من عباءة الإخوان'.. وها هي مصر ذات التاريخ العريق والحضارة الممتدة من آلاف السنين يخرج منها اليوم أناس يحارُ الفهم في تحديد هويّتهم.. ما ديانتهم.. ما عقيدتهم...من يكون هؤلاء؟! نتذكّر قبل جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الماضية.. هدّدوا صراحة بأنه في حال فوز المرشح المنافس لمرشحهم الإخواني فإنهم سيحرقون البلد.. وكان لتهديدهم صديً ظهر أثره في إعلان النتيجة بفوز مرشح الإخوان 'محمد مرسي' رئيساً لمصر.. وبعد أيام قلائل من توليه ظهر للمصريين أنه لم يحترم الدستور الذي أقسم 'ثلاث مرات' علي احترامه وأنه سيرعي مصالح الشعب رعاية كاملة... وخلال عام من حكم مكتب إرشاد الإخوان والذي كان يمثّله 'مرسي' في قصر الرئاسة شعر المصريون أنهم يتحركون إلي الخلف. وفي حركتهم السريعة المتراجعة هم أيضاً يتعرضون لمخاطر وأهوال الإنحدار الشديد ولم يعد خافيا أن البلاد تمضي من حال سيئ إلي الأسوأ.. مما دفع الشعب إلي أن يخرج بالملايين إلي الشوارع والميادين يوم 30 /6 /2013 للتظاهر السلمي والتعبير عن رفض حكم الإخوان والمطالبة بعزل 'مرسي'.. فكان الموقف التاريخي الجريء والمشرِف لوزير الدفاع وهو القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول 'عبد الفتاح السيسي' بانحيازه إلي الشعب.. وبعد مهلة يومين أعطاها للنظام الفاشل كي يبادر بإعلان رغيته في إصلاح سياساته ومنهجه الركيك في إدارة البلاد.. ولم يستجب.. فأعلن ' السيسي 'في 3/7/2013 عزل ' مرسي ' بناء علي طلب المصريين وتوليّ رئيس المحكمة الدستورية منصب رئيس الجمهورية لفترة انتقالية 'طبقا للدستور' بعدها تتم انتخابات رئاسية.. منذ ذلك التاريخ لم يهدأ الإخوان، فعادت تهديداتهم تعلو نبرتها دون مواربة أوخجل بأنهم سيحرقون البلد.. وسيكون العنف أسلوبهم.. وهم الآن بالفعل يمارسون العنف في أبشع صوره.. تقريباً لا يمر يوم دون حادثة إرهابية يقومون بها يروح ضحيّتها خيرة شباب مصر من ضباط وأفراد للقوات المسلحة والشرطة.. فهل كان من الضروري أن يصل الأمر بمصر إلي أن تكون رهينة لإحدي الحالتين: حكم الإخوان الفاشل. أو القتل وإشعال الحرائق والتخريب؟.. وهل من المعقول أن يصل الأمر إلي إحراق علم مصر في ميدان التحرير بعد أن كانوا يرفضون تحيته؟ من يكونون هؤلاء المجرمون؟ هل هم مصريون حقاً من آباء وأمّهات مصريين؟ هل هم ممن شربوا من نيل مصر وأكلوا من خيرات أرضها، وكَبِروا تحت سمائها، وتنعموا بشمسها وهوائها؟ هل هم ممن تعلموا في مدارس مصر وجامعاتها الحكوميّة تعليماً مجانياً عرفوا منه كيف يحبون وطنهم؟ هل هم ممن جرّبوا قسوة الاغتراب واقشعرّت أبدانهم عند سماعهم اسم مصر فشعروا بالاشتياق، واعتصرهم الحنين إليها والعودة لتقبيل ترابها؟.. هل هم حقاً مسلمون؟.. ويعلمون أن الدين يحث علي التراحم والتعايش بالمودّة والسلام.. وأن الوطن للجميع؟ وأخيراً.. هل هم حقاً آدميّون مثل باقي البشر؟ تذكرون قصة المرأتين اللتين تنازعتا علي طفل صغير وادّعت كل منهما نسبه إليها فلمّا ذهبتا إلي القاضي ليفصل بينهما أمر بشق الطفل ب 'منشار' إلي نصفين متساويين لتأخذ كل واحدة نصفا.. رضيت إحداهن بهذا الحكم في حين صرخت الأخري فزعاً وتوسّلت إلي القاضي ألاّ يفعل لكي يبقي الطفل حيّاً. هنا اكتشف القاضي أن المرأة التي خافت علي الطفل هي أمه الحقيقيّة فقضي لها بأخذه...فهل من يهدد بحرق البلاد لديه أدني شعور بالانتماء إليها والخوف عليها؟.. أم أنه مدّعٍ وكاذب وفوق ذلك أحمق؟ لا يخفي علي كل ذي بصيرة أن زوال حكم الإخوان هو إنقاذ لمصر من عدة كوارث علي رأسها تقسيم البلاد بعد حرب أهليّة كانت ستمتد لسنوات تأتي علي الأخضر واليابس.. وتقضي علي الجيش الذي لا يحمي مصر وحدها بل هو المدافع والدرع للأمّة العربية كلها...كما أن زوال حكم الأخوان أنقذ مصر من فقد أجزاء من أراضيها التي عاش المصريون يدفعون دماءهم ثمناً للحفاظ عليها علي مر العصور.. حيث كان مخططاً أن يمنح الإخوان جزءاً من 'سيناء' ليكون موطناً بديلاً عن 'غزّة' للفلسطينيين بالاتفاق مع أمريكا وإسرائيل لإنهاء عمليات المقاومة نهائيّاً والتي توقفت عند تولّي 'مرسي' وفي زيارته للسودان أيضاً وعد السودانيين بالتخّلي عن حلايب وشلاتين.. كما وافق 'المعزول' علي أن تقوم 'إثيوبيا' ببناء سد يحرم مصر من 15 مليار متر مكعب من مياه النيل.... وعن الانهيار الاقتصادي والأمني وضياع هيبة مصر وكرامة المصريين فحدّث ولا حرج.. لذلك وجب علينا أن نتصدّي جميعاً بكل ما نملك من قوّة لمواجهة هذا الإرهاب الإخواني.. كما يجب علي الحكومة الحالية والحكومات القادمة أن تتعامل بحزم وحسم طبقاً للقانون وما يتيح لها المواجهة الفاعلة لكل من تسوّل له نفسه أن يعبث بأمن البلاد ويروّع أبناءها.. ويبقي الواجب الأهم والأخطر الذي تفرضه المرحلة الحالية وهو العمل الجاد والنظر إلي الأمام بإصرار وعزيمة لتعود مصر إلي مكانها ومكانتها شامخة، قويّة تحتوي بذراعيها كل أبنائها المخلصين.. وسيعلو علم مصر خفاقاً في سمائها. وتخفق له قلوب المصريين قبل أن تشدو له حناجرهم بالنشيد.. رغم كيد الحاقدين.. 'عفواً'.. بالنسبة ل 'باريس' فقد نجت من ذلك الطاغية المجنون ' هتلر'.. وكذلك ستنجو مصر بإرادة الله وحفظه.. وستبقي إلي الأبد آمنة.. وأبداً لن تحترق..