يخيم التوتر علي القدسالمحتلة وسط اتساع دائرة الحراك الشعبي الفلسطيني الذي ترجم إلي صدام مع قوات الاحتلال التي تتعمد قمعه بالبطش والاعتقالات والغرامات الباهظة، حيث تسعي لمحاصرة المواجهات بالبلدة القديمة وأسواقها والمسجد الأقصي وتخومه بغية إخمادها ومنع انتشار نيرانها. وتحولت القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية إلي رمز القضية الفلسطينية وما يعصف بها من تحديات تلخص جوهر الصراع، وذلك قبالة الهجمة الاحتلالية الشرسة التي تتعرض لها المدينة المقدسة وقوبلت بالتصدي والصمود للمقدسيين في وجه الاحتلال الذي يخشي أن تتحول هذه المقاومة الشعبية لنموذج فلسطيني عام. ومقابل شراسة عدوان الاحتلال علي المقدسيين بمخططات التشريد والتهويد وما يرافقها من مسيرات استفزازية للجماعات الاستيطانية المساندة لوتيرة اقتحامات اليهود الجماعية لساحات الحرم القدسي الشريف، صعدت القوي الإسلامية والوطنية الفلسطينية بالقدس من الحراك الشعبي والوقفات الاحتجاجية المنددة بممارسات الاحتلال ا التي تستهدف القدس والمسجد الأقصي. وكانت الأذرع الأمنية والعسكرية للاحتلال قد تصدت مساء الثلاثاء الماضي بعنف للحراك الشعبي الذي أطلقته القوي الوطنية والإسلامية بمشاركة شخصيات سياسية ودينية وشعبية، وأسفر ذلك عن جرح 15 فلسطينياً واعتقال ما لا يقل عن 40 آخرين. وحذرت القوي المقدسية في بيان لها، من تصاعد الهجمة الاحتلالية علي القدس وارتفاع وتيرة الاقتحامات للمسجد الأقصي وإقامة الشعائر التلمودية والصلوات اليهودية في ساحاته، وطالبت دول العالم والمنظمات العربية والإسلامية باتخاذ مواقف فورية وجريئة لردع الاحتلال وحماية المدينة ومقدساتها. ووصفت الهيئة التنسيقية للجان الشعبية بالقدس الاقتحامات للأقصي وحملة الاعتقالات بحرب تهويدية شاملة للمدينة ومقدساتها وحضاراتها. وأشادت بوحدة صف المقدسيين بوجه سياسة الاحتلال لاحتواء الانتفاضة الشعبية المتواصلة بالمدينة، مؤكداً أن تصعيد الحراك الشعبي بانضمام القوي الوطنية والإسلامية من شأنه أن يؤدي إلي تفاعل شعبي بمختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة. ووجهت الهيئة انتقادات شديدة اللهجة لمختلف قيادات الفصائل الفلسطينية لعدم احتضانها ودعمها للحراك والمقاومة الشعبية في القدس، واستشهدت بما آلت إليه الانتفاضة الأولي التي أخمدت نيرانها عقب اتفاقية 'أوسلو'. من جانبه، قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح ديمتري دلياني، إن 'الحراك الشعبي المتواصل في القدس ساهم بإفشال مخططات التقسيم الزمني للمسجد الأقصي خلال الأعياد اليهودية، فالمرابطون هناك استطاعوا من خلال مسيراتهم ووقفاتهم إجهاض الحراك اليهودي المتمثل بمسيرة مليونية كان من المقرر لها أن تقتحم أسوار المسجد'. وأضاف دلياني أن 'الاحتلال يحول القدس لثكنة عسكرية ويمهد الأجواء لعربدة المستوطنين، مما ينذر بوجود مخطط خطير بمنطقة البلدة القديمة بالذات، وهي المنطقة التي أضحت حاضنة لليهود ومنفرة لأصحاب الأرض الذين يتعرضون للترهيب، فيما تستمر الجماعات الاستيطانية باقتحام الأقصي بدعم رسمي وبشكل غير مسبوق، لتتكشف مخططات هدمه'. ورأي أن الحراك الفلسطيني المتصاعد سيتحول إلي مقاومة شعبية للاحتلال، مستبعداً أن يتحول ذلك إلي كفاح مسلح لكي لا يجني الاحتلال أي ثمار، ويجب أن 'تتبلور انتفاضة سلمية لا تشكل عبئاً علي القيادة الفلسطينية تحمل في طياتها أبعاداً سياسية وشعبية تركز علي حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره لتفضح وتحرج قيادة 'إسرائيل' عالمياً'.