قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إنه 'لا أحد يقدر المهمة الفظيعة الملقاة علي عاتق الجيش في سيناء، إننا ننظر إلي هذه اللحظة فقط، ولا ندرك أن سيناء ظلت علي الأقل في التاريخ الحديث موضع التباس'. وتساءل هيكل، في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي علي قناة 'سي بي سي' مساء اليوم الخميس: أليس من الغريب أن يكون الإنجليز هم من ثبتوا حدود مصر في عام 1906، وهم من أصروا أن تكون سيناء مصرية في عهد العثمانيين، الذين أصروا وقتها أن تكون حدود مصر خط العريش- السويس، هذا بالنسبة للتقسيم الإداري للإمبراطورية، لكن الإنجليز مع الأسف الشديد هم من أصروا علي الحدود الحقيقية لمصر، لكن وبكل أسف ظلت سيناء إلي الخمسينيات مناطق مثلها مثل أي منطقة حدود محظور دخولها تحت القيادة والعسكرية البريطانية، فمنذ أن ثبتت حدوداً مصرية في عام 1906 وحتي عام 1956 بمعني أنها نصف قرن كانت الدولة المصرية معزولة عنها تماما.و أكد أن مصر يبقي أن تبقي متماسكة وقوية، مشيرًا إلي أنه بعد حرب 1973 سلمنا الأمور كلها إلي أمريكا، واتفاقية السلام أنستنا الهدف من الحرب، ومصر أصبحت تابعة وسنأخذ وقت طويل حتي نتخلص من آثارها. وذكر هيكل أن هدف حرب أكتوبر كان كسر نظرية الأمن الإسرائيلي واعتمادها علي أمريكا، وأن نجاح 'كيسنجر' جعلنا ندفع ضريبة فادحة، وأنه رفض التعامل مع الوطن العربي ككيان وإنما كل دولة علي حدا. وأشار هيكل إلي أنه من غير الصحيح أن أشرف مروان أبلغ إسرائيل عن موعد حرب 1973م، مؤكدًا أن مصر أخرجت السوفييت من المنطقة نيابة الأمريكان، مطالبًا بتصحيح علاقتنا بروسيا والصين وأوروبا ولا يحتكرنا الأمريكان. ونوه هيكل إلي أن مصر هي من أول الدول التي أطلقت الجهاد الإسلامي ضد السوفييت في أفغانستان، ومرسي ارتكب كارثة كبيرة باعترافه بحرب التحرير في مالي، وما فعله مرسي في قضية النيل أضر بصورة مصر الإفريقية. واتهم هيكل الإخوان بالإساءة لمصر للرئيس السابق جمال عبد الناصر، مضيفًا أننا هدمنا تاريخنا. وانتقد هيكل المجلس العسكري سابقًا حول تعامله مع قضية منظمات المجتمع المدني، وأن طريقة إطلاق سراح الأمريكان في القضية أضرت بصورة مصر كثيرًا. وتحدث هيكل عن الوضع الداخلي قائلًا إن عملية الإصلاح توقف الضغوط الخارجية، مشيرًا أن مصر تنتحر بسبب الحرية، وأن الإصلاح الاقتصادي أهم ومعالجة الأمور الاقتصادية والاجتماعية، وأن غياب الحقيقة يقلقه. وتعليقًا علي خطاب أوباما ذكر هيكل أن العلاقة الجديدة بين أمريكا وإيران هي ما لفتت انتباهه، وأن هناك ثلاث قوي في المنطقة هي 'إسرائيل، تركيا، إيران'. وتابع هيكل: في الحروب تقطعت وحاربنا عدة مرات، وبالتالي الأوضاع في سيناء قلقة بطبيعتها، ولم نأخذ في اعتبارنا أن سيناء بدأت تتجه أكثر إلي فلسطين وإلي غزة وحركة القبائل المتصلة تجعل مجال للحركة بين الطرفين، ثم جئنا بعد ذلك لمرحلة اتفاقية السلام والمحادثات، التي كنت موجودا فيما بعدها، ولو تخيلنا كمية التعهدات التي قطعتها مصر علي نفسها حتي يقبل كيسنجر الضغط علي إسرائيل، ورغم ذلك لم يضغطوا علي أية حال، وبالتالي قبلنا بترتيبات تجعل وجودنا هناك تقريبا شبه مستحيل، وتأميننا لهذا الجزء من الوطن شبة مستحيل، إذا كنت أعرف أن طبيعة هذا المكان وعلاقته بالظروف التاريخية تخلق أوضاعا معينة، وإذا كنت أعرف أن طبيعة السكان هناك وعددهم قليل 400 ألف نسمة حالياً فإنني عندما آتي إلي تبعات الاتفاقية وبعد زيارة كيسنجر وألغي جميع التريبات القديمة، مما عرفنا فنحن بعد عام 48 وضعنا ما يسمي بمراقبي الهدنة، ثم بعد عام 56 وضعنا ما يسمي بقوات طوارئ وفي عام 73/74 أبلغونا وقتها أننا لسنا مرتاحين لهذه الترتيبات، وتم رفع مراقبي الهدنة وقوات الطوارئ، وبالتالي وفقت الأوضاع وقتها، لأن تكون سيناء باقية كرهينة. وأكد هيكل: نعم بقيت سيناء رهينة حتي هذه اللحظة، فإنتي أمام بلد يحتاج التحاقه بالوطن الأم إلي عملية تجزير وتقوية، وفي مرات كثيرة عدنا إليه وخرجنا منه، ورغم قربنا جدا منه إلا اننا فرضنا ترتيبات أمنية لصالح إسرائيل، وتم الالتزام بها، وأعتقد أن جزءا من الظلم الأكبر الواقع علي القوات المسلحة سببه أن السياسية فعلت، حيث أدت إلي تقسيم سيناء لمناطق قل فيها وجود القوات المسلحة، وحجم الحركة، والأكثر أنشانا فيها قوة سياسية عسكرية 'قوات دولية' تحت قيادة الولاياتالمتحدة، ووجدت أمورا غريبة عندما أجد وأنا أقرأ الوثائق والبرقيات الأمريكية أن كل البرقيات كانت ترسل إلي السفارة في تل أبيب وسفارة بغداد وإلي قيادة القوات الدولية في سيناء، وأجد أن القائم بأعمال السفير الآن في القاهرة هو ذاته قائد القوات في سيناء، وكان رئيس مجموعة المراقبين الدوليين.. هنا موضوع سيناء الذي يرغبون في أن يكون منطقة فارغة عازلة بين مصر وإسرائيل.