برغم ما يمتلكه العالم من إمكانات مادية وعلمية وتكنولوجية وبشرية فإن العالم وعلى رأسه الدول الصناعية الكبرى يقف حائرا وعاجزا أمام مواجهة الأوبئة والكوارث الطبيعية التي يتعرض لها كوكبنا ومنها حرائق الغابات والفشل في السيطرة عليها سريعا عند وقوعها، وقد عُرفت هذه الظّاهرة في الماضي بأسماء مختلفة أبرزها حرائق الغابات أو حرائق البراري، إلا أنها تسمي الآن بالعواصف النارية لاستحالة السيطرة عليها وما تسببه من دمار وهلاك يطال البشر والحجر، وتتعدد أنواع العواصف النارية وتنشأ إجمالا من تلقاء نفسها في الطبيعة والمناطق الحرجية التي تحتوي على كميّة كبيرة من النبات سريع الاشتعال، ولهذا السبب تتأخر فِرق الطوارئ للتدخل ما يصعّب مهمتهم في إخماد النار. وتعد الدول الصناعية الكبرى هي المسئولة عن النسبة الكبرى من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تهدد سلامة كوكبنا وتتسبب في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري وما ينتج عنه من كوارث ومنها حرائق الغابات و تدمير الأنظمة البيئية التي تعيش بداخلها بالكامل، وفقدان الأشجار التي تصل أعمارها إلى مئات السنين مما يؤدي إلى الخسائر المادية الكبيرة للدول، كما تشكل حرائق الغابات عاملا كبيرا من عوامل الزحف الصحراوي للقارات، حيث تمثل الغابات موانع لزحف الكثبان الرملية والتسبب في تدمير العديد من المناطق السكنية المجاورة للغابات وإزهاق الأرواح والكائنات، وتعتبر الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وروسيا واليابان وفرنسا والصين وكوريا الجنوبية ثم البرازيل والهند وأستراليا وجنوب إفريقيا والمكسيك وإندونيسيا وكندا علي رأس الدول المسئولة عن التلوث والانبعاثات الكربونية المهددة للكون دون تحقيق انخفاض، وبرغم وجود اتفاقيات مناخية أبرزها الاتفاقية الخضراء الأوروبية، واتفاقية باريس للمناخ فإن تلك الدول لم تقم بما يكفي تجاه تخفيض الانبعاثات والاحتباس لأقل من 2 درجة وفقا لتوصيات الاتفاقات الدولية المبرمة والملزمة لغالبية دول العالم. وخير مثال على ذلك ما نشهده الآن من موجة حر شديدة وحرائق كارثية في دول حوض المتوسط بدءًا من اليونان وصقلية بإيطاليا ولبنان ثم بتركيا شرقا وإلى تونس والجزائر غربا، ناهيك عن حرائق الولاياتالمتحدة وأستراليا وشبه جزيرة أيبيريا، ثم حرائق الرئة الخضراء لكوكبنا في الأمازون أكبر غابة استوائية في العالم، والتسبب في ارتفاع حرارة الكوكب ب1، 1 درجة مئوية وما يصحبها من فيضانات وارتفاع سطح البحر وإذابة جزء كبير من الجليد في القطب الشمالي والجنوبي، هذا ويرجع خبراء البيئة والكوارث الطبيعية أسباب حرائق الغابات والتغيرات المناخية إلى موجة الجفاف والحرَ الشديد المسجلة الآن في بعض البلدان بسبب انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوى، وبعدم استعداد الدول بشكل كافٍ لمواجهة الحرائق، مع إهمال الغابات وعدم تنظيفها من النفايات وبعدم حراستها و تحديث أساليب إدارتها، وفي الأثناء فقد نشرت لجنة المناخ بالأمم المتحدة تقريرا يوم الاثنين الماضي حذرت فيه من زيادة غازات الاحتباس الحراري بالغلاف الجوي مما يتسبب في اضطراب المناخ وتهديد كوكبنا لمئات من السنين المقبلة، ولهذا حذرت لجنة المناخ من أن العالم بات قريبا بشكل خطير من سخونة مفرطة وغير مسبوقة وكوارث مناخية وبيئية لا تُحمد عقباها. إن عالمنا مقبل علي كوارث وأزمات بيئية ومناخية خطيرة تهدد سلامتنا ووجودنا مما يستوجب تكاتف الدول جميعا وعلي رأسها الدول الصناعية الكبرى تجاه القيام بمسئولياتها وإسهاماتها تجاه ما نتعرض له من كوارث بيئية ومناخية خطيرة، ولحماية الكوكب يطالب العلماء كافة الدول باتباع عدة أمور مهمة للتغلب علي تلك الأزمة العالمية منها الإقلال من الوقود وازدياد استخدام الطاقة المتجددة والتقليل من مظاهر التلوث، وبتنفيذ صارم لقوانين احترام البيئة والمناخ قبل فوات الأوان.