ليس خافيا الدور الأمريكي المريب- منذ فترة رئاسة بوش- في مجريات الأحداث بالسودان الشقيق خاصة فيما يتعلق بقضية الشمال والجنوب. كل الشواهد تؤكد التأمر الأمريكي علي وحدة الأراضي السودانية وتوجهات سياستها منذ سنوات طويلة لصالح تحقيق الأنفصال. تركزت جهود واشنطن علي دعم عناصر الجنوب الساعية الي هذا الأنفصال وهو ما كشفت عنها ضغوطها في توقيع الاتفاقات التي تمهد وتكرس الوصول الي هذا الهدف. كان للاتجاهات الايدلوجية لحكومة البشير وكذلك للتسهيلات التي قدمتها للاستثمارات الصينية في قطاع البترول الناشئ والواعد من الأسباب التي دفعت بالولاياتالمتحدة إلي إتخاذ هذا الموقف. لقد عملت علي اثارة المشاكل داخل السودان والتي كان في مقدمتها تأجيج الصراع في دارفور وتقليب المجتمع الدولي ضد البشير وحكومته. كما كان للعلاقات الحميمة التي ربطت الخرطوم بطهران وسماحها بأن تكون الأراضي السودانية معبرا للأسلحة والمساعدات الايرانية المتجهة الي حكومة حماس الانقلابية في غزة ضمن عوامل السياسات والضغوط الامريكية المعادية. تجاوبا مع كل هذه الحقائق فإن واشنطن تعمل بكل ما تستطيع من أجل رعاية ومتابعة الخطوات التي يجري اتخاذها في إطار اتفاق السلام الموقع في أبوجا بنيجيريا حتي يتم الاستفتاء وبالصورة التي خططت لها وتتولي دعمها ماديا وسياسيا. ومع اقتراب موعد هذا الاستفتاء فان عناصر الجنوب الانفصالية لم تعد تخفي وقوف امريكا الي جانب انفصال الشمال السوداني عن جنوبه واقامة دولتين مستقلتين. ليس أدل علي هذه الحقيقة مما جاء في التصريحات التي أدلي بها بافان اموم أمين عام الحركة الشعيبة في جنوب السودان لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية عقب عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية. قال أنه حضر جلسة في مجلس الأمن عقدت لبحث تنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي تم توقيعه عام 5002 فيما يتعلق باجراء الاستفتاء في الجنوب علي الوحدة أو الاستقلال. اضاف بانه ذهب بعد ذلك الي واشنطن وحضر جلسة في الكونجرس والتقي بعدد من المسئولين الامريكيين الذين أخبروه بدعم ومساندة واشنطن لدولة الجنوب السوداني في حالة اختيار الحنوبيون للانفصال والاستقلال. وحول سؤال عما سوف يختاره الجنوبيين في الاستفتاء قال بأنه وبسبب فشل الشمال السوداني بقيادة حزب المؤتمر الوطني في ان تكون الوحدة جذابة لهم فان ذلك يجعل الاتجاه لصالح الاستقلال. وعن الحرب القبلية الدائرة في الجنوب واعتبارها من المظاهر التي تمثل صعوبة امام حكم الجنوبيون لأنفسهم.. قال أموم ان هذه الصدامات لا تقتصر علي الجنوب وحده وانما هناك حروب وصدامات في دارفور وفي شرق السودان. اضاف بان هناك ما يشير الي مساعدات يقدمها حزب المؤتمر الوطني للقوي الجنوبية المعارضة. واعترف أموم بان الولاياتالمتحدة قدمت وستقدم المساعدات للجنوبيين لاتمام الاستفتاء وكذلك بعد اعلان نتيجته طبقا لاقرار الانفصال!! هل أصبحت ابعاد المؤامرة واضحة الآن؟