جاءت الشرائع السماوية لتكرس المساواة بين البشر في حقوقهم وكرامتهم الانسانية وأرست الأحكام الكفيلة بحفظ الآدمية الانسانية وكذا تناولت الاتفاقات والمواثيق الدولية الأحكام والمبادئ التي حددت حقوق الإنسان وكفلت حمايتها ، واستطاعت تلك الجهود الانسانية أن تخلص العالم من وصمة عار كانت سائدة في الماضي ، وهي الرق الذي كان متعارفاً عليه كأحد أنواع التجارة ذات الربح الوفير ، ولكن في هذه الأونة عاود هذا الوجه القبيح ليطل من جديد مرة أخري بصور ومسميات مختلفة حيث أصبح الإنسان محلاً لأنماط متعددة من الاستغلال ، وأهدرت كرامته وامتهنت آدميته وأصبح سلعة تباع وتشتري، وهو ماعرف حديثاً بالاتجار بالبشر الذي أصبح حقيقة اجتماعية وإنسانية تشهدها الدول ، واعتبرتها منظمة الأممالمتحدة ثالث أكبر تجارة في العالم من حيث الربح بعد تجارة المخدرات والسلاح ، الأمر الذي أدي إلي نشاط العصابات المنظمة لاجتذاب الضحايا من النساء والأطفال لتحقيق مبالغ مالية طائلة من وراء استغلالهم في أنشطة غير مشروعة كالاستعباد الجنسي أو السخرة أو للخدمة في المنازل أو نزع الاعضاء وبيعها وتفاعلاً مع هذه الظواهر الاجرامية الحديثة ، كانت السيدة الفاضلة سوزان مبارك ، صاحبة الفضل الأول في تنبيه العالم إلي خطورة هذه الأنشطة الاجرامية من خلال مبادرة أوقفوا الاتجار بالبشر الآن منذ عام 2006 وقد أعترفت الاممالمتحدة بهذه الرؤية المصرية التي جعلت مصر أولي الدول التي طالبت بضرورة إيجاد الآليات الدولية اللازمة لمكافحة الاتجار بالبشر من خلال تعاون دولي جاد واتفاقيات ومواثيق دولية ، خاصة بهذه الجريمة المتزايدة بشكل قوي وسريع من شأنه أن يعيد العالم من عصر العلم والتنوير إلي عصر الجاهلية والظلام ، وأمام تلك التحديات الجسيمة التي تعد بحق إنتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان وكرامته وآدميته بادرت وزارة الداخلية برعاية اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، بعقد ندوة علمية بعنوان الاتجار بالبشر بين التجريم وآليات المواجهة بمركز بحوث الشرطة بالاشتراك مع الادارة العامة للاعلام والعلاقات، وذلك من منطق إيمان الوزير بأهمية الشراكة بين مؤسسات الدولة ذات الصلة ومنظمات المجتمع المدني، لطرح الرؤي والافكار التي تسهم في مكافحة هذه الجريمة المؤلمة للإنسانية، والتي تؤكد الاحصائيات الامنية بعدم وجودها في مصر اللهم إلا حالات فردية قليلة يتم ضبطها وتقديمها للمحاكمة ولكن وجود بعض الصور الأخري فيما يعرف بزواج القاصرات ، وتمركز هذه العادة السيئة في قري محددة بالجيزة وحلوان ، فإن أشكاليتها تبدو بأنها تتم علي علم ودراية من أسرة الفتاة ، وتكون السلطات المختصة أمام واقعة ينتفي فيها القصد الجنائي اللهم الا تم التوصل الي توافره عند والد الفتاة. أو وليها وتعمده إخفاء السن الحقيقي لابنته القاصر ، لحصوله علي المقابل المادي الكبير، بالاضافة إلي مسئولية المأذون الذي عقد القران وهو يعلم أنها قاصر ، وأيضاً تأتي الهجرة غير الشرعية ، وما تمثله من إتجار منظم عن طريق عصابات وسماسرة ، وقد بذلت جهود أمنية كبيرة في القضاء علي تلك الظاهرة ، ولم نعد نري ما كنا نشاهده عبر البحار من مراكب شراعية متهالكة تقل أشخاصاً تلقي بهم في عرض البحار ليسبحوا حتي يصلوا إلي الشواطئ المرغوبة وكعادتها كانت جهود وزارة الداخلية نحو استشراف آفاق المستقبل ، وتفعيل الشراكة المجتمعية في مكافحة كافة أنواع الجرائم نجاحاً يزداد يوماً بعد الأخر.