تحدثت في مقال سابق عن الثورة الجديدة التي اطلقها الوزير الشاب د. زكي بدر في التربية والتعليم وقلت ان الوزير الشاب ألمح في أحاديثه عقب تعيينه أنه سيهتم بالأخلاق أو سيضع علما جديدا عن الأخلاق وهذا جرح آخر وضع الوزير الشاب يده عليه.. فنحن نعلم جميعا أن المستوي الأخلاقي للمجتمع ككل يشهد انهيارا لافتا للنظر غامض الاسباب غامض المنطلقات.. غامض المصير.. وبعد ان كانت المدرسة مركزا مهما للأخلاق في أجيالنا الماضية أصبحت بؤرة للبلطجة يفكر فيها التلميذ في شراء »مطواة« قبل أن يفكر في شراء كتاب الأخلاق هي أساس بناء الأمم هذه حقيقة لا جدال فيها.. من قديم الأزل قامت الأديان كلها علي قواعد راسخة للأخلاق.. كونفوشيوس وضع نظريته التي تحولت فيما بعد إلي عبادة وتحول هو إلي إله أقام نظريته علي الأخلاق »فأساس مذهبه هو البدء بالنسبة للاطفال بتعليمهم التعليم الجيد القائم علي أسس الأخلاق«.. غاندي عندما افني عمره في البحث في الأديان كلها وفي العقائد كلها خرج بنظرية الساتاجراها وهي تعتمد اعتمادا كليا علي قواعد الأخلاق التي استمد معظمها من الأديان السماوية الثلاث ومن تراث الفلاسفة الأقدمين.. قورش وهو الاسكندر الأكبر وصاحب دين كان يعتمد علي التوحيد قامت دعوته علي ثلاثة أسس هي صلاح النية وصلاح القول وصلاح العمل.. ديننا الحنيف وضع الأسس الراسخة والثابتة والمنطقية للأخلاق.. القرآن حددها والرسول صلي الله عليه وسلم شرحها.. لن أطيل في عرض آيات القرآن الكريم ويكفي أن اشير إلي سورة لقمان.. وأن اشير إلي أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن أخلاق الرسول فقالت كان خلقه القرآن.. الأخلاق إذن هي الاساس ووضع علم للأخلاق يدرس للتلاميذ منذ الصغر ثم علي جرعات متصاعدة حسب المراحل الدراسية كل ذلك أصبح ضرورة ماسة وضرورية وحيوية وذلك لسببين.. الأول ان خبراء التعليم ادركوا ذلك منذ زمن طويل ولذلك غيروا اسم وزارة المعارف العمومية إلي وزارة التربية والتعليم علي اساس ان تقوم الدراسة علي هذين المحورين ولكن للأسف خلت المناهج والمدارس من أي تربية ومن أي أخلاق.. السبب الثاني هو أن أجيال الماضي كانت تستمد تعاليمها الأخلاقية من المنزل ولكن لو نظرنا الآن إلي منازلنا لوجدنا الرجال وهم العنصر الرئيسي في المنزل المصري ينقسمون إلي قسمين جيل قديم جدا ابناء السبعين فما فوق وهؤلاء انسحبوا من الحياة وانكفأوا علي انفسهم لايشاركون ولا ينطقون والقسم الثاني الآباء من أجيال ما بعد ثورة يوليو وهؤلاء - لا أعرف كيف أقولها- هؤلاء عاشوا عقودا مشوهه اضطرب فيها المجتمع المصري اشد الاضطراب وطرأت عليه قيم هابطة تم نشرها عمدا أو عن سوء نية أو عن قصد لصرف الناس عن الاهتمام بأشياء معينة هؤلاء وهم يمثلون أغلبية أولياء الأمور الآن في حاجة أصلا إلي التربية وفي حاجة أصلا إلي بناء أخلاقهم من جديد ولا يمكن الاعتماد عليهم اطلاقا في تربية ابنائهم التربية المنشودة.. الكرة إذن كلها الآن في ملعب التربية والتعليم.. وإنشاء علم جديد للأخلاق هو مطلب ضروري وحيوي ومهم وهو موجود بالفعل في جامعة الأزهر ففي كلياتها تتم دراسة علم اسمه »الأخلاق«.. تربية التلميذ يجب ان تكون مقدمة علي تعليمه وإذا كان الوزير الشاب حريصا فعلا علي الاصلاح - وهو كذلك- فعليه أن يبدأ من هنا. فانما الامم الاخلاق مابقيت!! فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا ولله الأمر.