التقيت بها في الولاياتالمتحدة في اوائل التسعينات.. كان عمرها يفوق ضعف عمري.. سيدة حادة.. سليطة اللسان أحيانا.. تؤدي في الحقيقة الدور الذي ادته الراحلة نعيمة الصغير ببراعة في فيلم الشقة من حق الزوجة. كان يشعر كل من زاملها انها تتعامل مع الناس علي انها الحماة الشرسة المتسلطة.. التي لا تطيق كلاما من أحد.. ولا يطيق أحد منها أي كلام. هي هيلين توماس.. التي اكملت هذا العام التسعين من عمرها.. قضت منها اكثر من نصف قرن محررة لشئون الرئاسة في البيت الأبيض.. تشاهدها دائما تجلس في الصف الأول في المقعد المحجوز باسمها طوال هذه المدة ولا يجرؤ أحد علي الاقتراب منه. تنظر الي الأخرين دائما علي انهم أقل منها.. هكذا يقول سنها وخبرتها.. وينطق لسانها أحيانا. هذه السيدة اProxy-Connection:keep-aliveCache-Control:max-age=0تي اقتربت من خط النهاية فاقت.. وانتبهت وبلغت.. وبلعت حبة شجاعة.. وقالت في حوار تليفزيوني ان التواجد الاسرائيلي علي ارض فلسطين لم يعد مقبولا.. وان علي اليهود ان يرحلوا من ارض فلسطين ويعودوا لأوطانهم في أوربا أو امريكا أو أي مكان آخر. يا ويلها من السكاكين التي انهالت عليها.. تنهش تاريخها ولم ترحم سنها.. اتهموها بأنها عجوز خرفت.. ودماغها طقت.. لم يتركها قلم الا وطعنها.. ولم يتركها لسان الا وشرحها.. فاضطرت السيدة العجوز في النهاية ان تعتذر.. وتبدي الندم وتبوس القدم علي غلطتها في حق الغنم. اشترت هيلين توماس عمرها.. أو ما بقي من عمرها.. فاستقالت من عملها بعد اكثر من 05 عاما عاصرت فيها عشرة رؤساء بدأت مع كنيدي الشاب الديمقراطي الابيض.. وانتهت مع أوباما الشاب الديمقراطي الاسود.. واغلقت بيدها كتاب عملها.. قبل ان يغلق كتاب حياتها.. يا عين. ولكن يبقي ما قالته هيلين باقيا رغم اعتذارها عنه.. ما قالته لم يجرؤ علي ان يقوله أي مسئول عربي.. كلنا مازلنا نحلم برضا اسرائيل عنا.. نرضي بكلمة حلوة أو ابتسامة.. ولا نريد ان نصدق ان هذه الكلمة أو تلك الابتسامة ماهما الا تمثيلية اصبحت مملة وسخيفة والحقيقة واضحة أمام عيوننا. رغم انني لم اكن احب تلك السيدة.. الا انني اقدر شجاعتها لما قالته حتي لو اعتذرت عنه فيما بعد ولأسباب معروفة.. ويا ويل من يفتح بقه ويقول أي شيء عن اسرائيل. اعذروني.. لقد سرقت كلمات تلك الصحفية العجوز مني افكارا كثيرة.. كنت أنوي الكتابة عنها.. ولكن عذرا.. فهذا الموقف لا يحدث كثيرا.. وقد لا يتكرر أبدا