الديبلوماسيون نوعان، الأول دائما »رد فعل« للاحداث، يتحرك علي ضوئها والآخر علي العكس، يأخذ بيده زمام المبادرة، يحرك الاحداث، يصنعها، ولا ينتظرها وعمرو موسي من أفضل نماذج النوع الثاني، ولهذا لم أفاجأ بقرار الأمين العام لجامعة الدول العربية بالسفر إلي غزة فالذي يتابع الرجل، ويقترب من رؤاه السياسية للاوضاع في المنطقة العربية، يعرف جيدا بأن القرار يأتي في سياق طبيعي، غير مستغرب عليه علي الاطلاق وهناك نماذج عديدة تؤكد ما اقوله، اخرها الجهد الذي بذله شخصيا تجاه قضايا السودان، تعزيز خيار الوحدة. بعقد مؤتمر عن التنمية العربية في جنوب السودان وزيارته إلي جوبا عاصمة الجنوب، وحرصه علي افتتاح عدد من المشروعات في اقليم دارفور. والنماذج اكثر من ان تعد أو تحصي، والامر لا يقتصر علي ذلك، فهناك جهد طرح الافكار ، واخرها رابطة الجوار الاقليمي في قمة سرت العربية الاخيرة، وبهذا التصور فان قرار السفر الي غزة، لم يكن ابدا رد فعل لحادث هجوم اسرائيل علي قوافل »سفن الحرية« فالامور عند عمرو موسي لا تدار بهذه الصورة بل تخضع لدراسة متابينة ، وبحث معمق، يتناول كل جوانبها فهي اي الزيارة بعيد عن ان تكون »شو اعلامي« أو زيارة علاقات عامة أو ابراء ذمة، وكان يمكن للامين العام ألا يقوم بها في ظل عدم وجود قرار من مجلس الجامعة العربية ولكنها جهد خاص يحُسب له، وهي اي الزيارة ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض، فهي ابدا غير مرحب بها، بالطبع من قبل دولة الاحتلال، وان كانت لا تستطيع ابدا ان تمنعها، وإلا لتحولت الي فضيحة سياسية بكل المقاييس، لان مثل هذه الزيارة، مع الاهتمام الاعلامي بها ستعيد تسليط الضوء علي الاوضاع اللاإنسانية في القطاع، والآثار المدمرة للحصار الاسرائيلي عليها، كما ان الزيارة وان تمت بالتنسيق مع السلطة الوطنية فلن يمنع هذا من وجود حساسية وعدم تحمس لها من قبل بعض الجهات في رام الله، في ظل التباين في وجهات النظر بين السلطة وحركة حماس . ويردد البعض بانها قد تضفي شرعية علي الحكومة المقالة في غزة أو تكرس الانفصال بين اجزاء الوطن الواحد، وهو اخر م مايهدف اليه عمرو موسي باعتباره احد الذين عملوا علي انهاء الخلافات الفلسطينية ودعم الجهد المصري في المصالحة. والتي وصلت الي مرحلة متقدمة ولا ينقص اتمامها سوي توقيع حماس علي الورقة المصرية ومن المؤكد ان قضية المصالحة ستكون علي طاولة المباحثات التي سيجريها الامين العام واعتقد ان هكذا زيارة ستمثل تحريكا كبيرا لبحيرة راكدة اسمها المصالحة الفلسطينية وهي خطوة بكل تأكيد لها ما بعدها.