رحلة الآلام هي رحلة الحياة الدنيا.. والتي تغزونا الآلام فيها من كل حدب وصوب.. آلام جسدية.. آلام نفسية.. ألم فراق الاحباب.. ألم الامراض علي اختلافها وتنوعها... ألم الفشل في مشروع بدأناه.. ألم الخسارة.. خسارة صفقة ظنناها صفقة رابحة.. ألم الوقوع ضحية عملية نصب.. آلام لا حصر لها تنتابنا وتحيط بنا.. واين الافراح في حياتنا الدنيا؟ قليلة وخاطفة.. نحن نحاول ان نجدها أو نوجدها وقد نجدها.. ولكنها لاتلبث ان تهرب منا وتتركنا كما كنا!! ومنا من يحاول ان يبحث عن السرور بديلا عن الألم »فيحط همه في الأكل« فيزداد همه.. إذ يزيد وزنه وتثقل حركته، وتنتابه العلل المصاحبة لزيادة الوزن .. ومن الناس من يبحث عن السرور في اشياء اخري مثل التدخين، فيواجه كشكولا من الاعراض التي تنتج عن التدخين، ومنها اعراض شديدة الوطأة علي الانسان.. ومن الناس من يحاول ان يهرب من واقع الحياة.. فيلجأ إلي المسكرات أو المخدرات أو هما معا.. فيصبح واقع حياته مأساويا من جميع الوجوه.. علي أن المؤمن ينأي بنفسه عن تلك المهالك وأمثالها واشباهها.. لأنه يعلم بأن الدنيا ليست بدار قرار.. وإنما هي دار اختبار.. ثم نرحل عنها، بما قدمناه لانفسنا خلال هذه الرحلة من عمل صالح، يدنينا من رحمة الله وعفوه عنا ومغفرته لذنبوبنا.. وندخل به الجنة لتعوضنا عما لاقيناه في الدنيا من مشاق وآلام، ومواجع وفواجع فننسي كل ذلك في انشغالنا بالنعيم الذي يدوم، خالصا من الشوائب والاكدار، والذي يكتنف متاع الحياة الدنيا، فنكون ممن عناهم رب العالمين »والذين يصلون ما أمر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب. والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبي الدار. جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار« »الرعد 12-42«.. هؤلاء هم السعداء حقا، وهم الذين تنتظرهم جنات عدن هم وأهليهم، فهم قد فهموا الحياة علي حقيقتها، وتزودوا خلال رحلتهم فيها بما ينفعهم في آخرتهم.. وبم تزودوا به؟ أرجو ان تعيدوا قراءة الآيات الكريمة وما احتوته، فستجدون انهم: يصلون ما امر الله به ان يوصل، ومن ذلك صلة الارحام.. يصبرون علي ما يلاقوه في الدنيا من المكاره والشدائد، سعيا لإرضاء ربهم. يقيمون الصلاة.. يؤتون الزكاة، ويقدمون الصدقات في السر والعلن لمن هم في حاجة إليها.. يفعلون الخير ما استطاعوا حتي تذهب حسناتهم سيئاتهم. هؤلاء سخروا دنياهم لأخراهم، فأفلحوا وفازوا، وكانت لهم عقبي الدار اي النعيم المقيم في جنة الخلد.. أما الذين اعرضوا عن اخرتهم وتجاهلوها أو لم يقيموا لها وزنا، فالله جل جلالة لا يقيم لهم وزنا يوم القيامة، ومأواهم جهنم وبئس المصير »الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا »الكهف 401- 501«..