عندما يتحدث الرئيس مبارك فلابد أن ينصت ببغاوات النضال بالحناجر لكي يتعلموا كيفية ادارة الازمات بواقعية الكلمة وشجاعة الفعل، فعندما امر الرئيس بفتح معبر رفح فور الاعتداء الاسرائيلي علي اسطول الحرية، لم يفعل ذلك تحت ضغط من احد، أو بأمر من احد، أو كسبا لشعبية، أو لنيل تصفيق من هنا وهناك، انما فعل الرئيس ذلك بحكمة تبعث برسائل واضحة وفورية لمن يعنيهم الامر، فمصر مبارك لم تكتف بعبارات الشجب والادانة والاستنكار، ولم تلجأ، مثل البعض، لاسلوب العنتريات الكلامية والعبارات الخطابية التي لم يعد لها معني في عالم اليوم، مصر مبارك تلجأ دائما لما يمليه ضميرها القومي والوطني في الوقت المناسب بما يتفق مع مصالحها وما يحفظ امنها القومي ووضعها الاقليمي، الكل يعرف ويدرك تماما ان القضية الفلسطينية هي القضية المحورية والاساسية علي اجندة السياسة المصرية التي لا تنحاز لفصيل علي حساب فصيل آخر، مصر لم تختطف القضية الفلسطينية لتتاجر بها أو تستخدمها ورقة للمناورة مع الاخرين بحثا عن مكسب او مصلحة، لكن اصحاب القلوب السوداء التي عماها الحقد وباعت نفسها لاجندات غير مصرية لا يخجلون من الافتراء علي الدور المصري الصادق ويصل التطاول والوقاحة بأحدهم إلي القول إن قرار مبارك بفتح معبر رفح حركة تليفزيونية، وبجهل وغباء تتعالي الاصوات الجوفاء علي شاشات الفضائيات المأجورة متباهية بالدور الايراني والدور التركي في مواجهة اسرائيل وامريكا، والزعم الجاهل بانتهاء دور مصر الاقليمي!. لن يستطيع احد ان يسلب مصر ثقلها، لقد تعمدت اسرائيل اختيار السفينة التركية مرمرة لتجري علي متنها تلك المذبحة ردًّا علي الهجوم التركي الدبلوماسي الذي برز في الحقبة الأخيرة، وردا علي المواقف الانفعالية التي يستخدمها اردوغان مع اسرائيل كسبا للشعبوية الداخلية والخارجية،اسرائيل تدرك ان تركيا تعمل بمنطق اختطاف القضية الفلسطينية من ايران عن طريق حماس، اردوغان يلعب بالملف كورقة في صراعاته مع الجيش كلما اقترب موعد الانتخابات، الكثير من مراقبي السياسة الامريكية يرون ان المواقف التركية ربما تكون لها غايات تخريبية للجهود الامريكية في المنطقة من منطلق الاتفاق التركي البرازيلي الايراني بشأن تبادل الوقود النووي، اتفاق اعتبره الاسرائيليون تواطؤًا من تركيًّا مع ايران لإفلاتها من العقوبات الدوليَّة. التحليلات الإسرائيليَّة مقتنعة الان بأن التحالف مع تركيا أصبح شيئا من الماضي، ويتوجب علي اسرائيل ان تُشعِر الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بخطورة نوايا حكومة العدالة التركيَّة وتوجهاتها الراديكاليَّة الرامية، وفق الإدعاءات الإسرائيليَّة، الي أسلمة تركيا ومعاداة اسرائيل وتحدي الغرب عبر التقارب مع دول وصفتها واشنطن "بالمارقة" أو "المنبوذة" مثل: ايران وسوريا، خلاصة الامر.. لن تسمح اسرائيل ومعها امريكا واوروبا بدور ايراني اقليمي، فحتي روسيا والصين مع فرض العقوبات عليها، ونفس الامر بالنسبة لتركيا المتأزمة في علاقاتها مع امريكا واسرائيل، تبقي مصر مبارك التي تتعامل بالقوة الناعمة المؤثرة، واذا اراد الفلسطينيون الخروج من المأزق فليس امام حماس إلا ورقة المصالحة المصرية.