قدر خبراء في صناعة العقارات حجم سوق الرهن العقاري في دول الخليج بنحو 66 مليار دولار، تستقطع المملكة العربية السعودية وحدها 23.5 مليار دولار، وهي ما تشكل نحو 15 إلي 20٪ من إجمالي الناتج الإجمالي في الخليج، مشيرين إلي أن مصارف التجزئة والبنوك التجارية العاملة بأسواق المنطقة، تحتفظ بسيولة عالية جدا لا يستغلها المستثمرون حاليا، بما يتناغم مع حجم هذه السيولة، بسبب القلق الكبير الذي تعيشه الأسواق في ترقب تطورات مرتقبة للأزمة الديون السيادية في اليونان. وأرجع المدير التنفيذي للرقابة المصرفية في مصرف البحرين المركزي خالد عبدالرحمن حمد، بطء عمليات الاستثمار في القطاع العقاري إلي التراجع السعري الكبير الذي طرأ علي أسعار العقار في البحرين وباقي أسواق الخليج، وقال: إن المستثمرين يدركون تماما أن أسعار العقار السائدة حاليا في الأسواق هي أسعار غير منطقية علي الرغم من هذا التراجع السعري. وأضاف: إن أسواق الخليج بحاجة ماسة إلي توفير مساكن لذوي الدخول الصغيرة والمتوسطة، وليست إلي المساكن الفاخرة، وهذا ما يجب أن تركز عليه المؤسسات التمويلية والمستثمرين خلال الفترة المقبلة. وقال الرئيس التنفيذي لبنك البحرين والكويت عبدالكريم بوجيري: إن المصارف خرجت اليوم عن دائرة الحذر التي كانت سائدة قبل أكثر من عام، في ما يتعلق بتقديم التمويلات اللازمة للقطاع العقاري، وهي بحاجة إلي توظيف السيولة المتوافرة لديها في قطاعات استثمارية كالقطاع العقاري الذي تنظر إليه البنوك كقطاع جيد للتمويل علي مستوي التمويلات الفردية والتجارية. ونفي بوجيري أن تكون نسب الفائدة علي التمويلات الفردية في قطاع لعقار مرتفعا إلي السقف الذي يمنع طلب هذه التمويلات من قبل الأفراد، مشيرا إلي أن نسب الفوائد تراجعت من مستويات بين 8 و10٪ قبل عامين إلي 6.5 و8٪ اليوم، غير أن الأسواق ما زالت تترقب المزيد من التراجعات في أسعار الأراضي. من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة سكنا ر.لاكشمنان: إن أسعار الأراضي والعقار في البحرين تراجعت هذا العام بحوالي 20٪ عما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية، فيما فقدت بعض العقارات نسبا مهمة من أسعارها ففي منطقة الجفير علي سبيل المثال، هبطت أسعار العقار بأكثر من 60٪ وهو ما يشير إلي أن تركز المستثمرين علي نوعية العقار الفاخر في فترة الطفرة العقارية لم يكن أمرا مدروسا بدقة. وقال رئيس مجموعة الخدمات المالية الإسلامية في شركة إيرنست ويونغ سمير عبدي: إن حوالي 80 بالمائة من المواطنين البحرينيين يكسبون أقل من 1.200 دينار بحريني في الشهر، ومع معدّل 9.25 بالمائة كتكلفة لخدمات التمويل العقاري المحلية توجد صعوبة كبيرة لهذه الشريحة من المجتمع أن تسدّد دفعات كبيرة. وشدّد علي أن أسعار خدمات التمويل العقاري يجب أن تنخفض إلي حدود 3 بالمائة لكي يتمكّن المواطنون البحرينيون من شراء فيلا، أو بالمقابل يجب أن تنخفض أسعار المنازل أكثر. ونقل بيان صحفي تم توزيعه علي وسائل الإعلام علي هامش قمة الرهن العقاري لدول مجلس التعاون الخليجي 2010 الذي تنظمه سكنا البحرينية، نقل عن خالد حمد قوله: إن أسعار المنازل في دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تنخفض أكثر لكي تبدأ مؤسّسات التمويل العقاري المحلية تقديم خدمات التمويل للقطاع العقاري بشكل أفضل. كما نسب البيان إليه قوله: إن الأسعار الحالية عالية جداً وغير واقعية، وهناك ضرورة لحصول مزيد من الهبوط في الأسعار ومن بعدها تتم إعادة بناء الثقة بالأسواق ارتكازاً علي الأسس الاقتصادية الصحيحة. وأوضح يقول: إن الأسس الموجودة في المنطقة جيدة وهي تقوم علي الطلب العالمي المتزايد علي النفط. لكن منذ العام 2005، أصبح هناك تضخّماً بالأسعار ضمن القطاع العقاري وتكوّنت العديد من الفقاعات الكبيرة في الأسواق. وتابع قائلاً: إن الطلب في المجال العقاري التجاري بشكل خاص ضعيف والأسعار عالية جداً. أما فيما يخصّ المجال العقاري السكني، فإن الطلب موجود لدي الشريحة السكانية ذات الدخل المنخفض إلي المتوسّط بينما العرض يتركّز ضمن الفئة الفخمة والراقية. بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة سكنا ر.لاكشمنان: إن هذه التحدّيات التي تواجهها المؤسّسات الموفرة لخدمات التمويل العقاري هي سبب انعقاد القمة السنوية الأولي المتخصّصة بقطاع الرهن العقاري في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيرا إلي الدور الكبير الذي يلعبه الوافدون بالقطاع العقاري في بعض الأسواق الخليجية وخصوصاً الإمارات العربية المتحدة، لكنه ركّز علي موضوع إيجاد سوق للتمويل العقاري تُقدَّر قيمته بنحو 66 مليار دولار أمريكي في المنطقة وذلك منذ انطلاق عمليات التملّك الحر للعقارات في دبي العام 2001. وقال: لا يزال هذا القطاع صغيراً وفي مراحله الابتدائية، وهو علي مدي العامين الماضيين يحاول التأقلم مع تأثيرات الأزمة المالية العالمية والانخفاض في أسعار المنازل بنسبة تتراوح بين 25 و50 بالمائة. وشرح الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص خالد العبودي، كيفية نظر السعودية إلي عملية تملّك المنازل بكونها وسيلة لتنمية وتطوير الحركة الاقتصادية، وأيضاً من ناحية المسؤولية الاجتماعية الكبيرة المرتبطة بها، لكن تنمية قطاع التمويل العقاري السعودي لا تزال تعوقه عملية الإقرار البطيئة لقانون الرهن العقاري الذي أمل العبودي أن يتم الإعلان عنه في وقت قريب جداً. وقال خبراء في المجال: إن مستويات اختراق أسواق التمويل العقاري في منطقة الخليج تُعدّ منخفضة مقارنة بتلك في الأسواق الأوروبية والولاياتالمتحدة الأميركية. ففي مملكة البحرين علي سبيل المثال، يبلغ معدّل اختراق السوق نسبة لمعدل الناتج المحلّي للفرد حوالي 5 في المئة فقط مقارنة بمعدّل 23 في المئة في بعض الدول الأوروبية، شركة سكنا للحلول الإسكانية المتكاملة. وشارك الأخصائي البارز المدير العام لمؤسّسة مونغو دانيت وشركاه، مونغو دانيت بافتتاح المؤتمر ويستعرض دراسة حديثة تبحث في الدروس التي يجب الاستفادة منها والمرتبطة بأزمة التمويل العقاري في الغرب. وأرجع بعض الخبراء السبب وراء الأزمة الاقتصادية الراهنة التي يواجهها العالم إلي ضعف قطاع التمويل العقاري الثانوي _الأساسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبحث دانيت في مضامين إطلاق وإدارة الأعمال الخاصة بخدمات التمويل العقاري، وسيحدّد ما يعتقد بأنها أهم نقاط الضعف الاستراتيجية التي أدّت إلي بروز الأزمة وتفاقمها.