ربما هذه هي الضارة النافعة، والتي وإن ضربت قيمة الإنسانية العالمية في مقتل،إلا أنها ارتدت في نحر صاحبها في رمية كاشفة فاضحة لعمق داء الإرهاب والعدوانية الكامن في نفس وجسد الكيان الصهيوني.. والذي كشف عن نفسه هذه المرة علي مشهد من العالم دون محاولة لتبرير خطأ من جانبه، أو مساحة لتبرير خطيئة من جانب حليفته أمريكا! نعم.. هي الضارة لإسرائيل والنافعة لنا نحن العرب وعلي وجه الخصوص الفلسطينيون بكل أطيافهم كما أنها الكاشفة للغرب بكل زيفه، والمبينة لكل المخلصين في أنحاء العالم من كل الجنسيات والأديان والأوطان. ولعل فضل هذه الوحشية المروعة من الصهاينة علينا كعرب هي أنها أصبحت مبررا قويا لفض أي التزام دولي أو إقليمي تجاه هذه المنظمة العشوائية التي امتدت كخلايا سرطانية عبر دول العالم لتعلن نفسها دون أحقية ككيان مرفوض، ولتفرض نفوذها علي كل البلدان دون تمييز منهم لمدي خطورتها، وهي ترغبهم فيها أحيانا وتستجديهم أحيانا أخري وتغتالهم من تحت أرجلهم في كل الأحيان! ولعل هذا الغدر الكبير الذي أعلن عن ذاته أمام المشهد العالمي وكل الشاشات دون خجل واغتال الناشطين الأبرياء من كل أنحاء العالم، من الذين لم تكن نواياهم تعرف إلا الخير، ولم يكن مسعاهم ينشد إلا السلام وهم قادمون لغزة المحاصرة وأهلها الصابرون علي كل أنواع الحصار والدمار والقتل والأذي والمرض والترويع والتجويع ، قادمون علي أسطول السلام يحملون بأيديهم أغصان الزيتون والمعونات والدواء والغذاء لمن احتملوا من شعب فلسطين واستبسلوا وتمسكوا بأرض الوطن واستشهدوا في سبيله! ولعل هذا الغدر والوحشية غير المبررة تجاه الفلسطينيين تقنع العالم بأجمعه هذه المرة أن علي الجميع أن يقف بحزم أمام هذا الطغيان، وأن تكون سياسة الردع هي الوسيلة الوحيدة الفاعلة لوقف استنزاف وطن وحياة ومستقبل شعب فلسطين وشيوخه وشبابه، رجاله ونسائه، كباره وأطفاله، استنزافا دمويا وحشيا ، استنزافا صارت تتدوال صورته - قبل أحداثه - كل وكالات أنباء العالم وشاشات إعلامه ويشاهده الجميع بدم بارد وهم يرتشفون قهوة صباحهم علي دوي أصوات رشاشات القتل والاغتيال، ويرسمون ابتساماتهم علي لون صبغة دم الضحايا! أما عن الجانب الفلسطيني فلعل النافعة هي أن يستعيدوا وحدة صفوفهم التي انتهكت حرمة وطنهم وشرفهم علي خلفية المنازعات المحمومة علي السلطة والتسلط، وعليهم أن يعيدوا حساباتهم علي ضوء حدث عالمي جديد قد يرفع عنهم الضارة والضرر والضرار، فأيدي الصهاينة هذه المرة ملوثة بأيدي الضحايا المسالمين من كل أنحاء العالم، وربما هذه المرة السافرة العدوان علي البشرية أجمع تكون الناهية لهذا العنف المحرم من كل الأديان، وتكون النهاية لهذا الوجود الغاشم. مسك الكلام: إذا لم يناور الفلسطينيون ببراعة هذه المرة لاقتناص حقوقهم المشروعة.. وإذا لم يجتمعوا علي كلمة حق واحدة فقد ضاع الوطن للأبد!