أصدرت المحكمة الدستورية العليا رأيها النهائي في ردها علي طلب التفسير من مجلس الوزراء واقرت حق المرأة في التعيين قاضية بمجلس الدولة. قالت »الدستورية« في بيان أصدرته عقب مداولات مطولة: إن المجلس الخاص بمجلس الدولة وحده له حق اتخاذ القرار بشأن تعيين قاضيات بالمجلس، وأن الجمعية العمومية ليست صاحبة الاختصاص. وبهذا البيان الحاسم تنتهي أكبر أزمة تعرضت لها مسيرة المرأة المصرية بعد كفاح استمر لعشرات السنين، وخطوات مشرفة قطعتها نساء مؤمنات بأدوارهن في نهضة الأمم.. وبهذا البيان المنصف استردت المرأة كرامتها بعد أن جعلها ما حدث تشعر بالإهانة والإنسحاق أمام نظرة جائرة من رجال لهم قدرهم ومكانتهم، لكنهم لا يقَّيمون تفردها، ولا يثمنون ملكاتها وقدراتها الفكرية. فلو أن المطالبين بذلك التمييز المجحف لحقوق المرأة يمثلون فئات أقل علماً أو ثقافة لهان الأمر. أما أن يأتي من أحد أهم النخب من بينها مجلس الدولة فهنا تكمن المأساة! والغريب أن يتزامن هذا القرار مع أعياد المرأة المصرية والعالمية، وكأنه »كرسي في الكلوب« يلقي في وجه كل إنجازاتها وتاريخها المشرف في كل المجالات التي أعطت فيها وأثبتت مقدرة وكفاءة عالية. واسمعوا التبرير الذي يسوقه أنصار هذا التمييز، يقولون: إن المرأة كائن رقيق، رهيف الإحساس، لا يقوي علي مشقة العمل في القضاء! ولأصحاب هذا التبرير الغريب أقول: إن المرأة.. أي امرأة هي وحدها القادرة علي تحديد ما يناسبها من أعمال ومالا يناسبها حسب طبيعة شخصيتها، وتكوينها النفسي والعقلي والثقافي والوجداني، وحسب الخبرات التي تحملها، والمواهب التي تملكها. فلسنا سواسية سواء كنا نساء أو رجالا. هناك فروق فردية هي التي تحدد مسار كل انسان. والمرأة حسب ما أعتقد كائن عاقل مثله مثل الرجل تستطيع ان تحدد ما يناسب قدراتها وإمكاناتها وظروفها، ومن ثم أن تحدد نوعية العمل الذي تقبله أو ترفضه. أعني ما أقول تماماً.. فأنا مثلاً لا يمكن أن أتصور نفسي قائدة طائرة.. ومع ذلك هناك أخريات من النساء المصريات يعملن وبكفاءة فائقة في هذا المجال، ويعبرن المحيطات والبحار، ويطرن بين أرجاء الدنيا الأربع.. هناك أيضاً سائقات التاكسي، وهي مهنة تمثل قمة التحدي بالنسبة للمرأة المصرية في مجتمع شرقي، ومع ذلك نجحت فيها المرأة.. ولكن ليست أي امرأة. بل المرأة التي وجدت في شخصيتها وقدراتها ما يؤهلها لكي تمارس هذا العمل الصعب. لذلك أرجو أن يغير أصحاب تلك الآراء المتحجرة هذه النبرة، فلم تعد مقبولة في عصرنا هذا، لأن الانسان صاحب قرار في اختياره، وكل منا مختلف عن الآخر كما ذكرت ولولا تلك الإختلافات لما سارت الحياة. فنحن نختلف لنكتمل، والإختلاف هنا لا علاقة له بالجنس البيولوچي »رجل أو امرأة« ولكن بالقدرات والخبرات والامكانات الشخصية الفكرية والمواهب الخاصة التي يهبها الله لعباده من الرجال والنساء ايضاً..! شكرا للمحكمة الدستورية العليا.. ونأمل أن تتمتع باقي النخب بنظرة أكثر إحتراما للمرأة..!