عمرو الخياط الدستور في كل التعريفات القانونية هو القانون الاعلي الذي يحدد القواعد الاساسية لشكل الدولة سواء كانت مركبة أو بسيطة، وكذالك نظام الحكم (ملكي أو جمهوري) وايضا شكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية)، وينظم الدستور السلطات العامة من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الاساسية للافراد والضمانات لها تجارة السلطة . والدستور كلمة ليست عربية، ويرجح ان تكون كلمة فارسية لأن جميع القواميس العربية لم تذكر هذه الكلمة، ودخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية وهي بالمناسبة تعني وفق اللغة التركية التأسيس أو التكوين أو النظام ،اما وفق اللغة الفارسية فإن الدستور كلمة مركبة من كلمتين (دست وهنا تعني القاعدة وور تعني صاحب ) اي ان الكلمة وفق اللغة الفارسية تعني صاحب القاعدة . ويتم وضع الدستور عن طريق طريقتين الأولي تشكيل جمعية تأسيسية منتخبة وفيها يقوم الشعب بانتخاب ممثليه ليتولوا صياغة مواد الدستور وأمريكا هي أول من طبق ذلك بعد استقلالها عن بريطانيا عام 1776، وهناك طريقة اخري وهي الاستفتاء الدستوري حيث تشكل جمعية منتخبة من الشعب او بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض علي الشعب ما اقرته اللجنة في استفتاء عام ولا يصبح الدستور نافذا الا بعد موافقة الشعب علية . ومصر من الدول التي أخذت بنظام الاستفتاء الدستوري علي اساس ان السلطات من الشعب وهو الذي يقرها أو يرفضها وعادة ما كانت اللجنة التي تضع أو تعيد صياغة الدستور كانت اما يشكلها الحاكم أو يعهد الي البرلمان لوضعها ولكن لم يتم اللجوء الي البرلمان الا لإجراء تعديلات فقط وانما عند وضع الصياغة الكاملة يتم تشكيل لجنة قانونية ودستورية تضم ممثلين عن الشعب ثم عرض الامر في استفتاء عام علي الشعب . مما سبق ذكره فإن ما يحدث الآن امر غريب عن مصر ويمثل طريقة جديدة في أساليب تشكيل اللجنة المنوط بها كتابة الدستور الجديد ، فالحزب الأكثر عددا في البرلمان حصل علي اغلبية مقاعد اللجنة وهو امر طبيعي لأنه هو المصوت علي تشكيلها واصبحت الاحزاب الاقل عددا هي الأخري الاقل عددا في اللجنة التأسيسية بينما الشعب بعيد عن التمثيل الحقيقي في اللجنة ومن شكلوها اعتمدوا علي انهم اختيروا بإرادة شعبية حرة وبالتالي فهم ممثلون عنه، وهي بالطبع مقولة مغلوطة فلا يكون البرلمان ممثلا للشعب في جميع اللجان والاختصاصات ،فإذا اردنا لجنة شبابية هل تشكل من البرلمان ؟ وكان البرلمان وأعضاؤه احتكروا مصر ومصيرها واصبحوا هم المتحدثون باسمها ومن يملكون زمام أمورها . والآن وقد حدث ما حدث وتشكلت لجنة المائة، فان المجلس العسكري مطالب الآن بأن يلبي مطالب الشعب ويحقق مصالحه ومن ثم فإن هذه اللجنة بتشكيلها الحالي لم يتم التوافق عليها بل رفضتها القوي السياسية واستقال منها رموز العمل الوطني واصبحنا امام اشكالية كبيرة، البرلمان مصمم علي لجنته ومن اختارهم والشعب يرفض اللجنة ويراها تمثل اتجاها سياسيا ذا مرجعية دينية وبات الامر معقدا وصداما علي وشك الحدوث. وليس من المنطق أو العقل ان يكون هناك خلافا حول تشكيل لجنة وضع الدستور الجديد بهذا الشكل قبل ان تبدأ عملها فما بالنا لو بدأت العمل والصياغة سيصبح الامر صعبا وستتصاعد الخلافات بصورة لا يمكن تصورها. وأتصور خروجا من الازمة الحالية ان يتم زيادة عدد اللجنة لتصبح مائة وخمسون ويتولي المجلس العسكري اختيار الاعضاء الجدد شريطة ان تستوعب هذه الزيادة جميع التيارات التي لم تضمهم اللجنة الأولي وان تكون تبعية اللجنة للمجلس العسكري وليس البرلمان حتي لا تميل اللجنة لسلطة علي حساب سلطة اخري . نحن لن نضع دستورا كل يوم وانما نضع دستور يعيش بنا مستقبلا قادما نتمناه خيرا علينا جميعا وليس علي جماعة أو فئة من المجتمع واصبح لازما علي الجميع ان يعي ان مصر اصبحت تستوعب الجميع ولن تكون حكرا لاحد.