محمد على خىر هل تكفي الشعبية الكبيرة للمرشح الرئاسي حتي يصل الي حكم مصر أم لابد من توافر بعض العوامل التي ستؤثر في فرص هذا المرشح أو ذاك، من بينها الشعبية أو الجماهيرية. المؤكد أن الوصول الي رئاسة مصر سوف تكون عملية معقدة ولن تكون بسيطة مثلما يظنها البعض (من الناس أو المرشحين)، فالطريق ممتليء بالمطبات والمرشح التي سيجتاز تلك المطبات هو الذي سيصل الي كرسي الرئيس، ويمكننا هنا استبدال كلمة (المطبات) بمصطلح (القوي المؤثرة) في اختيار رئيس مصر القادم، والتي يمكن تقسيمها الي نوعين: الأولي وهي تلك القوي الرئيسية التي تؤثر علي حظوظ المرشح الرئاسي تأثيرا مباشرا، والثاني:هي تلك التي ستؤثر بشكل غير مباشر. سنبدأ بالحديث عن القوي الأولي والتي تحتاج من كل مرشح ضرورة ضمان تأييد تلك القوي له أو علي الأقل تحييدها وعدم ممانعتها لوجوده في قائمة المرشحين، ويمكن حصر تلك القوي الرئيسية فيما يلي: 1-المؤسسة العسكرية ويمثلها في المشهد السياسي الراهن المجلس العسكري ويمكننا القول إنه لن يصل الي كرسي الحكم مرشح ليس محلا (للقبول) من المؤسسة العسكرية ولانقول (الموافقة) والفارق بينهما كبير فرئيس الجمهورية هو القائد الأعلي للقوات المسلحة، ومن صلاحياته اعلان قرار الحرب، ومن ثم يمكنه توريط تلك المؤسسة في عمليات عسكرية هي غير مستعدة لها أو تري أنها ستؤثر علي الأمن القومي المصري، وبناء عليه فإن قبول تلك المؤسسة للرئيس القادم منذ بداية ترشحه وفرص فوزه مسألة حاسمة في حياة كل مرشح، وإذا لم يكن هذا المرشح مقبولا من المؤسسة العسكرية، فأغلب الظن أن فرص فوزه ستقل، رغم أن المؤسسة العسكرية ليس لديها حق التصويت في الانتخابات لكن بقية القوي السياسية في المشهد ستقرأ بين السطور الي أين يتجه اعتراض المؤسسة الصلبة، وهذا يدخل في اطار لعبة الكراسي والمصالح المتبادلة في العمل السياسي. 2-قوي تيار الإسلام السياسي:تلك القوي التي استحوذت علي مايزيد علي ثلثي مقاعد البرلمان، والتي ثبت أنها تمتلك قوة تصويتية هائلة بين الناخبين وتتمتع بقدرة عالية علي الحشد، ومن ثم فإن أي مرشح رئاسي يرغب أن يصل لحكم مصر، يجب أن يكون مقنعا لتلك القوي ولايكون في حالة تصادم معها وأن يحوز علي نسبة قبول له حتي لو لم يكن محسوبا علي التيار الإسلامي، وظني أن تلك القوي لن تدعم مرشحا رئاسيا يدعو الي فصل الدين عن الدولة (العلمانية)، أو من يعارض بقاء المادة الثانية في الدستور، كما أن حصول تلك القوي علي الأغلبية البرلمانية يحتاج من الرئيس القادم القدرة علي التفاهم معها دون صدام حتي يمكنه تمرير القوانين والتشريعات التي يريدها. المهم أن أي مرشح رئاسي يخسر تأييد تلك القوي أو إذا كان محلا لرفضها فإن فرص فوزه بالمنصب سوف تقل بدرجة كبيرة، كما أن كل مرشح لاينجح في أن يكون محلا لقبول المؤسسة العسكرية والبرلمان (مجتمعين) فمن الصعب أن يفوز بكرسي الرئيس، نتحدث هنا عن اللحظة الحالية وفق مقاييس القوي علي الأرض والتي ربما تتغير في السنوات القادمة، لكن تلك قصة أخري. 3-الشارع المصري:لم يعد الشارع مجرد كتلة صماء سلبية غير مشاركة لاتقدم أو تؤخر في المشهد السياسي بل أصبح المواطن فاعلا بنزوله المليوني الي صناديق الانتخاب، حيث يمكنه قلب الموازين، كما أن قطاعا كبيرا من الشعب غير مسيس ولاينتمي الي أحزاب اسلامية أو غير اسلامية، كما أنه لم يكون رأيه بعد بالنسبة لمن سيختاره من المرشحين، وبالتالي فإن المرشح الذي سيقدم الأمل في المستقبل والقادر علي بث روح جديدة للشعب، والذي يتمتع بحضور وكاريزما تلقي اعجابا من الشعب، هذا المرشح سوف تكون فرص نجاحه أكبر لذا سوف تلحظ حرص أغلبية مرشحي الرئاسة علي المشي بين الناس في الشوارع وعلي الأقدام ويأكلون في المطاعم الشعبية ويحضرون سرادقات الأفراح والعزاء، للوصول الي القاعدة العريضة من المواطنين. 4-الخارج: نعني به عواصم العالم الرئيسية في عالم اليوم والذي لم يعد مفتتا بسبب حجم المصالح المتشابكة والمعقدة، فالكتلة الرئيسية القائدة للعالم تضم الولاياتالمتحدة والثلاثة الكبار بأوروبا (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) ثم الصين واليابان والثلاثة الكبار بالخليج (السعودية والامارات والكويت)، ومن الصعب وصول شخصية مصرية متطرفة فكريا أو في آرائها الي كرسي الحكم، والا فسدت مصالح مصر بالخارج كما أن الخارج لن يسمح بالإضرار بمصالحه، ورغم أن السفارات الأجنبية لتلك الدول لاتمتلك بطاقات انتخابية لكن يمكنها أن تؤثر بالضغط السياسي والاقتصادي، كما أنها التقت غالبية المرشحين البارزين لمعرفة توجهاتهم وارائهم، ودول العالم الرئيسية لاتريد سوي استمرار تدفق النفط الي موانيها وعدم قطع طريق التجارة العالمي وأمن اسرائيل، تلك هي الخطوط الحمراء امام مرشحي الرئاسة المصرية، وأعتقد أنهم يعونها جيدا. اذا انتهينا من الحديث عن القوي الرئيسية المؤثرة في اختيار الرئيس القادم فسوف نستكمل الاسبوع القادم الحديث عن القوي المؤثرة بشكل غير مباشر بإذن الله.