انطلاق حفل تكريم الفائزين في مسابقة ثقافة بلادي 2    شراكة استراتيجية بين جامعة بنها ومؤسسة أخبار اليوم لتأهيل جيل جديد من الإعلاميين    أكبر معرض زراعي بالشرق الأوسط.. انطلاق الدورة ال37 من صحارى 2025 في سبتمبر المقبل    محافظ بني سويف يفتتح موسم جني محصول القطن    محافظ المنوفية يترأس مجلس إدارة المنطقة الصناعية ويؤكد دعمه للاستثمار    الخارجية الإيرانية: الاحتلال الإسرائيلي يشكل تهديدا وجوديا لأمن واستقرار المنطقة    فاركو يختتم استعداداته لمواجهة الطلائع في الدوري    الصحة: إغلاق مركز غير مرخص لعلاج الإدمان في الشرقية    ضبط أصدقاء السوء بعدما تخلصوا من جثمان صديقهم بالعاشر    للكبد والكلى.. 907 موافقات من «الصحة» لزراعة الأعضاء خلال 2025    فقدان أجهزة كهربائية.. محافظ سوهاج يُحيل مخالفات المجمع الزراعي ببرديس للتحقيق    تعويضات بالملايين.. نزع ملكية بعض العقارات بمحافظة القاهرة لهذا السبب    إجراءات حاسمة من «التعليم» بشأن العقاب البدني وغياب الطلاب في العام الدراسي الجديد    أستراليا تلغي تأشيرة عضو بالكنيست وتمنعه من دخول أراضيها    رئيس الوزراء يشارك في قمة «تيكاد 9» باليابان    تنسيق الجامعات 2025.. اليوم إغلاق باب التسجيل لطلاب مدارس النيل والمتفوقين    سبورت: بافار معروض على برشلونة.. وسقف الرواتب عائقا    تمكين الشباب.. رئيس جامعة بنها يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية «كن مستعدا»    الرقابة المالية: 3.5 مليون مستفيد من تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر حتى يونيو 2025    مواعيد انطلاق القطارات من بنها إلى الإسكندرية الاثنين 18 أغسطس    «ثقافة بلادي».. جسر للتواصل والتنوع بين طلاب الأزهر والوافدين    تووليت وكايروكي يحيون ختام مهرجان العلمين الجديدة (أسعار التذاكر والشروط)    تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما الأحد (تفاصيل)    جولة غنائية عالمية.. هيفاء وهبي تستعد لطرح ألبومها الجديد    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    إصلاحات شاملة لطريق مصر - أسوان الزراعي الشرقي في إسنا    هل يتم تعديل مواعيد العمل الرسمية من 5 فجرًا إلى 12 ظهرًا ؟.. اقتراح جديد في البرلمان    تحذير رسمي.. عبوات «مجهولة» من «Mounjaro 30» للتخسيس تهدد صحة المستهلكين (تفاصيل)    "العدل": على دول العالم دعم الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم    الليلة.. عروض فنية متنوعة ضمن ملتقى السمسمية بالإسماعيلية    أكرم القصاص: مصر قدمت 70% من المساعدات لغزة وقادرة على تقديم المزيد    نسف للمنازل وقصف إسرائيلي لا يتوقف لليوم الثامن على حي الزيتون    الصحة العالمية تقدم أهم النصائح لحمايتك والاحتفاظ ببرودة جسمك في الحر    "كان بيطفي النار".. إصابة شاب في حريق شقة سكنية بسوهاج (صور)    الشيخ خالد الجندي: مخالفة قواعد المرور معصية شرعًا و"العمامة" شرف الأمة    بالصور- محافظ المنيا يتفقد الأعمال الإنشائية بمدرسة الجبرتي للتعليم الأساسي    "قصص متفوتكش".. 3 رصاصات تنهي حياة لاعبة سموحة.. وتحرك عاجل لبيراميدز    الفنانة مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    بعثة يد الزمالك تطير إلى رومانيا لخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد    اليوم.. الأهلي يتسلم الدفعة الأولى من قيمة صفقة وسام أبو علي    الديهي يكشف تفاصيل اختراقه ل"جروب الإخوان السري" فيديو    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: دخول 266 شاحنة مساعدات منذ الجمعة والاحتلال سهل سرقة معظمها    رضا عبدالعال: خوان ألفينا سيعوض زيزو في الزمالك.. وبنتايج مستواه ضعيف    أيمن الرمادي ينتقد دونجا ويطالب بإبعاده عن التشكيل الأساسي للزمالك    ضبط أطراف مشاجرة بالسلاح الأبيض في المقطم بسبب خلافات الجيرة    في يومها الثالث.. انتظام امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بالغربية    أسعار البيض اليوم الإثنين 18 أغسطس في عدد من المزارع المحلية    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    وزارة التعليم: قبول تحويل الطلاب من المعاهد الأزهرية بشرط مناظرة السن    قوة إسرائيلية تفجر منزلا فى ميس الجبل جنوب لبنان    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثامنة)
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 09 - 2009


الطريق إلى قصر العروبة
قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الثامنة)
7- المؤسسة الدينية
عناوين الحوار..
= فهمى هويدى: دور الأزهر مع الرئيس الجديد هو التأييد والتبريك ودعوة المواطنين لطاعته
= لم يعد للمؤسسة الدينية دور بعد أن تحول رؤساؤها إلى موظفين كبار
= أصبح الأزهر إحدى مؤسسات الدولة الملحقة بالسياسة العامة للحكم ويتم استخدامها كأداة تبرير لقرارات السلطة.
= منذ عهد محمد على سعت السلطة الحاكمة إلى احتواء المؤسسة الدينية.
= مرشح الرئاسة الذى يقيم وزنا للمؤسسة الدينية أثناء الانتخابات يبقى وقته ضاع.
= كلما كان المجتمع قويا صعب احتواء المؤسسة الدينية وشيوخها لكنها الآن أصبحت مصدرا للبركة.
= كل أدوات المؤسسة الرسمية الدينية من منابر ومساجد تحت السيطرة وهى مؤسسة لديها قابلية شديدة للاستخدام.
= قديما قالوا:إذا سألت عن العالم فوجدته عند السلطان فلا تسمع له شهادة.
= عندما تحول علماء الأزهر إلى موظفين كان طبيعيا أن يكونوا من الطبقة المستفيدة وحرص النظام على توفير فرص الغواية لها مما يريحه.
مقدمة الحلقة:
فى هذا التحقيق الموسع والذى يبحث فى القوى المؤثرة فى اختيار حاكم مصر القادم وبعد أن عرضنا فى الحلقات السابقة للعديد منها كالإخوان ولوبى رجال الأعمال وقوى الخارج، فالمؤكد فإن البعض من هذه القوى يملك تأثيرا مباشرا فى ملف اختيار القادم إلى قصر العروبة مثل المؤسسة العسكرية وعلى الضفة الأخرى سنرى قوى أخرى لاتملك هذا التأثير المباشر لكن لها دور حتى وان بدا هامشيا إلا أنه يظل موجودا، ومن بين هذه القوى تبرز المؤسسة الرسمية الدينية والتى نعنى بها الأزهر شيخا ومشيخة ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف والتى تملك غالبية منابر الخطابة فى مساجد مصر.
ولا يمكن أن نغفل دور الدين ومكانته فى التأثير على ملف الحاكم القادم وأن مقولة لا دين فى السياسة قد تراجعت إلى حد كبير، والحاصل الآن هو ممارسة الحكم لمقولة (السياسة فى الدين) ورغم أن البعض يرى بأن دور المؤسسة الدينية فى مسألة اختيار الرئيس القادم هو دور أقرب الى الديكور أو تجميل الصورة لا أكثر أو أقل بعد أن تحول الأزهر بقيمته الكبيرة الى أحد أجهزة الدولة الذى يدور فى فلكها ويأتمر بأمرها، الا أن ماسبق لايغنى عن أن ملف الحاكم القادم يشغل حيزا فى ذهن الأزهر (شيخا ومشيخة) خاصة بعد أن قرأنا تعليق شيخ الأزهر الدكتور سيد طنطاوى على مايتردد بشأن التوريث عندما قال بأنه لامانع من توريث الحكم إذا جاء عن طريق انتخابات نزيهة.
وقد سجلت لنا كتب التاريخ مواقف كثيرة كان فيها لعلماء الدين دورا بارزا فى قضية اختيار الخليفة أو السلطان أو الحاكم..حيث كان للدين مكانته وكان لعلمائه الهيبة والتوقير، ولم يكن الدين بعلمائه غائبا فى لحظات اختيار الحاكم حتى عصور قريبة، ونذكر هنا دور علماء الدين الإسلامى فى مسألة اختيار محمد على باشا حاكما لمصر وكان قرارهم هو النافذ وتصدروا مشهد الاختيار.
ومنذ أن تولى محمد على الحكم سعت السلطة بكل ما تملك فى كافة عصور الحكم التى تلت فترة حكمه إلى احتواء المؤسسة الدينية بكافة رموزها وقياداتها ورجالها، كانت تنجح أحيانا وتفشل فى أحيان أخرى، لكن المؤكد أن هذا الحضور القوى للدين برجاله فى مشهد اختيار الحاكم قد تراجع إلى حد كبير ونجحت السلطة فى احتواء المؤسسة الدينية بل جعلتها لاحقة بالحكم ولم تنجح هذه المؤسسة فى الاحتفاظ بمسافة بينها وبين السلطة تتيح لها هامشا للحركة أو المناورة –اذا جاز التعبير- وقد توقفت حدود الحركة على شخصية شيخ الأزهر حيث يسجل لنا التاريخ قصصا تحكى مواقف مستنيرة لمن تولوا كرسى المشيخة.
وفى حلقة اليوم من حلقات الطريق الى قصر العروبة نعرض للمؤسسة الدينية الرسمية بمعناها الواسع من خلال هذا الحوار لأحد المتابعين والمهتمين بالأزهر شيخا ومشيخة.
مقدمة الحوار:
فى حوارى معه رفض الكاتب الكبير فهمى هويدى الاعتراف أو التسليم بأى دور للمؤسسة الدينية الرسمية فى مسألة اختيار رئيس مصر القادم ولم يضعها ضمن القوى التى لها التأثير حتى ولو كان محدودا، بل رأى المفكر الإسلامى فهمى هويدى أن أى مرشح للرئاسة اذا اهتم بالمؤسسة الدينية ووضعها على جدول اهتمامه فانه هنا يضيع وقته ووقت المشرفين على حملته الانتخابية.
وقد برر هويدى تراجع دور وتأثير ومكانة المؤسسة الدينية إلى سياسة الإخصاء التى اتبعتها السلطة فى مصر منذ ثورة يوليو وحتى الآن مع كافة القوى المؤثرة والفاعلة فى المجتمع الى أن أصبح الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة تدور فى ركابها وتأتمر بأوامرها وضاع الخط الفاصل بين الأزهر والسلطة والذى كان يحفظ للأولى قدرا من الاستقلالية فى الرأي.
وقد سجل هويدى فى حواره معنا التراجع الحاد فى مكانة الأزهر فى العصر الحالى والذى لم يحدث للأزهر عبر تاريخه الطويل وعزا هذا التراجع إلى ماجرى لكافة مؤسسات المجتمع، ورأى أن الأزهر لم يكن بعيدا عما حدث لباقى مؤسسات الدولة وأنه كلما كان المجتمع قويا صعب احتواء المؤسسة الدينية وشيوخها، لكن عندما دب الضعف فى المجتمع كان طبيعيا أن تضعف معه المؤسسة الدينية.
وعندما سألته عن قوة ومكانة المؤسسة الدينية القبطية وتأثيرها مقارنة بالمؤسسة الدينية الرسمية أوجز إجابته فى كلمات قليلة لكنها كانت معبرة وكاشفة ...فماذا قال؟.
= كان سؤالى الأول للمفكر فهمى هويدى عن مدى تأثير المؤسسة الدينية فى مسألة اختيار الرئيس القادم؟
- فأجاب قائلا: أعتقد أنه ومنذ أن فقدت المؤسسة الدينية فى مصر استقلالها التى تمتعت به لفترات طويلة سابقة عبر تاريخها وبعد أن تحول رؤوس المؤسسة الدينية الرسمية إلى موظفين كبار فى الدولة، عندئذ لم يعودوا مركزا لقوة سياسية تؤثر فى الحياة العامة وكذلك فى الناس، مما أدى إلى أن تراجعت الثقة إلى حد كبير فى قيادات المؤسسة الدينية خاصة أن مواقفهم أصبحت ملحقة بالسياسة..تابعة ومتأثرة بها.
= كيف؟
- عندما كانت المؤسسة الدينية قوية وشامخة كان الحديث متواترا عن تداخل الدين فى السياسة وليس تداخل السياسة فى الدين مثلما يجرى الآن، بعد أن أصبحت المؤسسة الدينية تلعب دورا فى السياسة أكثر من الدين.
= وكيف انعكس ما رصدته على مكانة وقدرة المؤسسة الدينية؟
- نتج عن ذلك أن فقدت المؤسسة الدينية الحيوية والقدرة على التأثير فى المجال السياسى ليس ذلك فحسب بل فقدت كذلك دورها وتأثيرها فى المجال الدينى أيضا، وقد ساعد على تراجع الدور الدينى للمؤسسة الرسمية أن تعددت المنابر التى ينطلق منها الخطاب الدينى مثل القنوات الفضائية أو ما يمكن تسميته بالإعلام الخاص.
= هل كان تراجع دور وتأثير المؤسسة الدينية مقصودا أو بفعل فاعل؟
- لا يمكننا أن نعزى ذلك إلى عامل واحد فقط أو إلى شخص أو مجموعة بعينها.
= إذن كيف تم هذا التراجع؟
- فى تقديرى أن تراجع المؤسسة الدينية حدث بتراكم السنين وتحديدا منذ أن صودرت حركة المجتمع المصرى وبعد أن تم إلغاء الأحزاب وذلك فى بداية الثورة، مما أدى الى حدوث تراجع تدريجى فى قوى المجتمع.
= ما تقوله جرى فى الستينيات والسنوات الأولى للثورة؟
- لكن السياسات ظلت مستمرة وحدث إضعاف للأحزاب فيما بعد وتم العبث بالدستور وامتدت يد العبث كذلك الى المؤسسات التعليمية القوية بل إلى السلطات التشريعية والمحليات، وأصبحت كل مؤسسات الدولة ملحقة بالسياسة العامة للحكم وتابعة له.
= أتفهم ما تقوله عن تبعية كافة هذه المؤسسات للحكم، لكن لا أفهم تبعية المؤسسة الدينية؟
- لاتندهش...فما حدث كان اتساقا طبيعيا وهو عدم خروج المؤسسة الدينية عن السياق العام لباقى مؤسسات الدولة، وعندها تم تأميم المجتمع كله بكامل مؤسساته وإلحاقه بالسياسة ومن ثم أصبحت مختلف مؤسساته قومية، فأصبحت الصحافة قومية والإعلام قوميا وكان طبيعيا ألا تستثنى المؤسسة الدينية من ذلك بل وأن تتحول إلى مؤسسة قومية.
= لكن للمؤسسة الدينية ميراث تاريخى إيجابى لصالح الدين والعلم والأمة...فما الذى حدث؟
- منذ أن تولى محمد على باشا الحكم فى القرن الثامن عشر بواسطة علماء الدين وشيوخه ورموزه، فى نفس اللحظة كان قرار السلطة الحاكمة ومجهودها هو البحث عن كيفية احتواء المؤسسة الدينية واستمرت هذه السياسة فيما بعد فوجدنا كيف كانت محاولة الخديويين احتواء العلماء رغم الصعوبة التى كانوا يلاقونها لوجود أحزابا قوية ومجتمع قوى أيضا.
= وما هى العلاقة بين الاثنين؟
- كلما كان المجتمع قويا صعب احتواء المؤسسة الدينية وشيوخها، لكن عندما دب الضعف فى المجتمع كان طبيعيا أن تضعف معه المؤسسة الدينية.
= ما الوزن النسبى للمؤسسة الدينية مقارنة ببقية القوى المؤثرة فى اختيار الرئيس القادم؟
- فقدت المؤسسة الدينية وزنها عندما فقدت استقلالها ومن ثم خرجت من دائرة التأثير وأصبح وزنها يقاس بمقدار مباركتها لأى وضع قائم ومن ثم أصبحت المؤسسة الدينية بشيوخها مصدرا للبركة.
= البركة؟
- نعم بل تحولت إلى أداة تبرير لسياسات كل حاكم موجود.
= لماذا؟
- لأنهم أصبحوا جزءا من النظام وليسوا مستقلين عنه، بعد أن بات على الجميع أن يسجلوا أسماءهم فى سجل التشريفات فى قصور الحكم من وزراء ونواب ورؤساء جامعات وكذلك شيوخ ورموز المؤسسة الدينية.
= وماذا كانت عاقبة ذلك؟
- كانت النتيجة لكل ما سبق ألا يكون للمؤسسة الدينية وزنا بين كافة قوى المجتمع بعد أن أصبحت مؤسسة تابعة لا قائدة، وعندما تم إخصاء المجتمع فقدت كافة المؤسسات فعاليتها وحدث الانكسار تدريجيا فى المؤسسة الدينية حتى وصلنا إلى مرحلة الانبطاح، وبضمير مرتاح نرى أنها تكاد تكون قد خرجت من اللعبة السياسية وبالتالى من دائرة النفوذ السياسي.
= إذا افترضنا أن للمؤسسة الدينية تأثير ما.. فما هى مقوماته؟
- فى البداية يجب أن يتوافر للمؤسسة الدينية المقدرة على الاستقلال فى الرأى عن المؤسسة الحاكمة ثم ثقة الجماهير أو ما نقصد به الشعبية وثالثا والأهم الحرص على أن تظل مرجعية علمية حقيقية بعد ان أصبح الوزن العلمى الدينى للمؤسسة الدينية يثير الأسي.
= هل كان للمؤسسة الدينية تأثير فى اختيار الرؤساء السابقين؟
- علينا هنا أن نفرق بين الشيخ والمشيخة، فقد مرت بالمؤسسة الدينية عهودا كان شيخ الأزهر فيها ضعيفا لكن المشيخة كانت قوية.
= متى حدث ذلك؟
- حدث هذا فى عهد عبد الناصر وكانت فترة حكمه تتسم بما يمكن وصفه بالشعور الوطنى حيث كان المجتمع فى حالة دفاع وطنى ونجح عبد الناصر فى توظيف المشيخة وليس الشيخ لذا وجدناه يخطب فى الجامع الأزهر.
= وماذا عن عهد الرئيس الراحل أنور السادات؟
- نجح السادات فى استدراج المؤسسة الدينية فى تأييد قراره الخاص بالسلام مع اسرائيل وكذلك مشروع مجمع الأديان، لكن ماحدث فى عهد الرئيسين عبد الناصر والسادات يمكن وصفه على كونه (سياسات فرز أول) أما ما حدث فيما بعد مع المؤسسة الدينية فانه يثير الأسى والحزن.
= لماذا الأسي؟
- لقد وصلت المؤسسة حاليا الى أدنى درجات ضعفها وكان هذا طبيعيا لأن ذلك هو حال المجتمع الأن، وفى عصر الرئيس مبارك تعيش المؤسسة الدينية أقصى مراحل ضعفها الشديد لأن قوى المجتمع فى أضعف حالاته.
= يعنى مفيش أمل؟
- لا أستبعد حدوث الانفراجة فمع ارتفاع معدل درجات التمرد فى المجتمع وانكسار حاجز الخوف مما سيلقى ذلك بظلاله على المؤسسة الدينية لكن يتوقف ذلك على اعتبارين:
الأول:مدى تواجد وحضور رموز المؤسسة الدينية على الساحة وعبر وسائل الاعلام وكيف يتفاعلوا مع الرأى العام بينما التليفزيون أو الإعلام الرسمى مغلق فى وجوهم واذا لجأوا الى المنابر فى المساجد فلن يستطيعوا أن يقولوا ما يريدون لأن خطبة الجمعة أصبحت تحت السيطرة الأمنية بل كل من يصعد إلى المنبر يجب عليه أن يحصل على الموافقة الأمنية.
= وماذا عن الاعتبار الثانى؟
- الاعتبار الثاني:هو القمع الأمنى الشديد فى الجامعات والتى يسيطر عليها أمن الدولة والذين لن يسمحوا بشيء من هذا القبيل ومثلما تمرد المجتمع فمن المتوقع أن يتحرك صدى هذا التمرد الى المؤسسة الدينية يوما ما، وهذا لن يكون مستبعدا بعد أن أصبح المجهول أكثر من المعلوم فى مصر، كما لم يعد لدينا مرآة تعكس خريطة المجتمع لذا يمكن أن نفاجئ بحدوث ماهو غير متوقع.
= هل يحتاج مرشح الرئاسة القادم الى دعم المؤسسة الامنية؟
- لا ليس بحاجة الى دعم هذه الجهة.
= لماذا؟
- لأنه فى الحقيقة يحتاج الى تأييد مراكز القوى الحقيقية فى المجتمع بينما المؤسسة الدينية لم تعد مركزا للقوة.
= أفهم من كلامكم خروج المؤسسة الدينية من التأثير فى ملف الرئاسة القادمة؟
- لا بأس بعد الانتهاء من اختيار الرئيس من خروج رسالة من المؤسسة الدينية تدعو فيها المواطنين الى طاعة ولى الأمر.
= وهل هذا أقصى ماستفعله المؤسسة الدينية؟
- أنت ليه محمل الموضوع أكبر من حجمه، القصة ياسيدى أن حضور المؤسسة الدينية فى ملف الرئيس القادم لاحق على اختياره وليس سابق عليه، لذا فانه بعد حسم مسألة اختيار الرئيس سيينحصر دورها فى العملية التجميلية ليس أكثر
= وماهى آليات المؤسسة الدينية للقيام بدورها؟
- كل أدوات المؤسسة الرسمية الدينية تحت السيطرة من منابر ومساجد وكافة قنوات التوصيل، واوعى تفكيرك يروح بعيد ويتصور أن منابر المؤسسة الدينية ممكن يكون لها رأيا مخالفا لخط الحكومة وتحديدا الأمن خاصة أن هذه المنابر تعمل اليوم بتعليمات محددة من جهات محددة مثل توجيه الخطباء للحديث عن موضوع معين وفى توقيت معين.
= بالسهولة دي؟
- المشكلة أن هذه المؤسسة لديها قابلية شديدة للاستخدام.
= هل تعتقد بوجود اتصالات ولقاءات بين المؤسسة الدينية ومرشحون محتملون للرئاسة؟
- أشك فى ذلك لسبب منطقى جدا
= ماهو؟
- لابد أن يهتم المرشح المحتمل للرئاسة بكسب مراكز القوى الحقيقية الى جانبه وبالتالى لايمكن أن يلجا الى مراكز الضعف والا سيتهمه أنصاره باضاعة الوقت
= لكن فى الانتخابات الرئاسية السابقة كانت المؤسسة الدينية حاضرة برموزها وبتصريحاتها وأدلت بدلوها؟
- نعم حدث ذلك، لكن كلها كانت مواقف ملحقة فى الانتخابات الرئاسية السابقة، كما أن المؤسسة الدينية لم تؤيد طرفا مقابل آخر لكنها فى كل مافعلت كانت مع الحكومة أيا كان المرشح وفى هذا فان المؤسسة الدينية هنا تؤدى دورها كجهاز حكومى ملحق بنظام الدوله كأى جهاز حكومى آخر.
= لكن لشيخ الأزهر تصريحا أيد فيه مسألة التوريث؟
- دور الشيخ هنا ملحق وهو مع اتجاه الريح فاذا كانت مع التوريث فقد ذهب معها والعكس صحيح.
= ما أهمية رضاء المؤسسة الدينية عن المرشح القادم للرئاسة؟
- سياسيا غير مطلوبة، لكن دورها وقت الانتخابات الرئاسية يمكننا تشبيهه بمن يبنى مبنى ما ويقوم بتشييده وتأسيسه وهذا هو الأهم أما الثانوى فهو تلوين هذا المبنى وتجميله، والمؤسسة الدينية وقت اختيار الرئيس ستكون مطلوبة للتجميل.
= ليس أكثر من ذلك أمام المؤسسة الدينية؟
- لن يخرج دور شيخ الأزهر عن تأييد الرئيس الجديد أيا كان وبالتالى سينحصر دور المؤسسة الدينية فى مسألة الوجاهة وتجميل الموقف ومباركته فى أى اتجاه تفرضه مراكز القوي.
= مامدى مساحة المناورة المتاحة أمام شيوخ الأزهر فى تعاملها مع السلطة؟
- أود هنا الحديث عن أحد مشايخ الأزهر والذى جاء للمشيخة وهى ملحقة بالحكومة وأقصد هنا الشيخ الراحل جاد الحق، فنذكر للرجل أنه لم يكن ليبتذل دور الأزهر بل كان يحرص على استقلالية المشيخة وأن يجعل لها قواما متماسكا، بل حرص على الاحتفاظ بمسافة بين المشيخة والشيخ من ناحية وبين الحكم من جهة أخري، لذا لم يلتحق الأزهر تماما بسياسة الدولة.
= متى تحدث استقلالية الشيخ والمشيخة التى تحدثت عنها؟
- منصب شيخ الأزهر مهم جدا للحكم خصوصا إذا كانت تختاره أجهزة الأمن والتى تعلى مبدأ الولاء فوق الاستقلال أو الكفاءة العلمية
= هل تعد المؤسسة الدينية عنصرا حاسما لايمكن تجاهله فى اختيار الرئيس القادم؟
- هناك حرص من الدولة على مجاملة الدين والتدين
= يعنى ايه مجاملة الدين؟
- تجامل الدولة الدين طالما أنه لا يتعارض مع مصالحها والبيروقراطية المصرية حريصة على كسب ود هذه المؤسسات والتى تأتى بالعناصر اللينة التى تتوافق ولا تتصادم.
= مامدى تأثر مصالح المؤسسة الدينية اذا حدث تغييرا فى تركيبة الحكم؟
- لا أظن أن مصالحها ستتأثر طالما أنها ملحقة بالنظام بل سيظل دورها مطلوبا ويصبح أحد نجوم المرحلة الجديدة لأن الحكم سيسعى لاسترضائها.
= هل استفادت المؤسسة الرسمية من الوضع القائم للحكم؟
- استفادت فى الشكل وليس الوظيفة.
= اشرح؟
- مثل المبانى الجديدة للمشيخة ودار الإفتاء وما حدث يمكن حسابه فى خانة الخصم وليس الإضافة، فما تم ليس استفادة لكنه إغواء للمؤسسة الدينية، وتحضرنى هنا حكمة أحد العرب عندما قال (إذا سألت عن العالم فوجدته عند السلطان فلاتسمع له شهادة).
= هل من مصلحة المؤسسة الدينية حدوث تغيير فى هيكل الحكم القائم حاليا؟
- لا أظن أن مصلحتهم فى تغيير القائم الموجود لأنهم مستفيدون ولهم مصلحة فيما هو موجود حاليا وبالتالى هم أكثر الناس حرصا على استمرار الحكم القائم شأن الآخرين الذين استفادوا من الحكم الحالي.
= وهل سعت السلطة إلى تعظيم هذه المكاسب؟
- تسعى السلطة- أى سلطة- دائما إلى اتباع القاعدة الخالدة والقائمة على توسيع قاعدة المستفيدين وإذا تحول علماء الأزهر إلى موظفين كان طبيعيا أن يستفيدوا وهم بلا شك جزء من الطبقة التى استفادت والتى حرص النظام دائما على توفير فرص الغواية لها مما يريحه ويكرس الولاء له.
= هل تعتقد أن المؤسسة الدينية ورجالها معنيون بالتفكير فى مسألة رئيس مصر القادم؟
- هذا الموضوع لم يخطر على بالهم مطلقا إلا إذا اعتبروا أن الوضع الذى سيستجد قد يؤثر على مصالحهم أما من باب القلق على مصالح الأمة وهمومها فهو أمر غير وارد.
= ما مدى حرص أى حاكم قادم على التواصل مع المؤسسة الدينية؟
- شكليا سيكون حريصا فالحاكم يتجمل بالأزهر لكن ماعدا ذلك فان المؤسسة الدينية غير مؤثرة
= ما أهمية اللعب على وتر الدين بالنسبة لحكامنا؟
- يسعى أى حاكم دائما الى كسب هذه المساحة - أعنى بها المساحة الدينية- الى صالحه خاصة اذا كان الدين يشكل أهمية كبيرة لدى المجتمع، واى حاكم جديد يصل للحكم يستخدم كافة الأوراق لتعضيد حكمه وهذه احداها لكنها ليست الورقة الرابحة
= ماوجه الخطر فى هذه العلاقة بين الحاكم والمؤسسة الدينية؟
- تظهر المشكلة عندما تدخل السياسة فى الدين وتزداد الأمور تعقيدا خاصة فى الوقت الحالى بعد أن أصبحت مؤسسات الدين ضعيفة
= ما أهمية الدين فى قضية دنيوية كالانتخابات؟
- الدين جزء من الادراك العام وتزداد الأهمية بعد أن زادت الأمور تعقيدا.
= كيف ازدادت تعقيدا؟
- تتم مهاجمة الدين وشيوخه ومؤسساته ورموزه عندما يتحول الى موقع المعارضة ويتم الترحيب به اذا كان مؤيدا والسبب فى ذلك يعود الى حالة الفراغ السياسى التى نعيشها
= مامدى حاجة الحكم الى ترتيب الأوضاع الداخلية للمؤسسة الدينية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة؟
- مش محتاج ترتيب ولاغيره، وأى مرشح للرئاسة لن يخطر على باله الكلام مع المؤسسة الدينية أو أن يضعها ضمن حسابه للقوى المؤثرة فى ملف اختيار الرئيس
= بنسة كام فى المائة يضمن الحكم ولاء المؤسسة الدينية له؟
- فى وضعها الراهن مائة بالمائة ولايوجد أى شك فى تغيير هذه النسبة طالما أن أداء رموز المؤسسة منضبط كما هو حاليا
= لماذا الوزن النسبى للمؤسسة القبطية أعلى من المؤسسة الدينية فى ملف اختيار الرئيس القادم؟
- لسبب بسيط وواضح وهو أن بابا الكنيسة منتخب من آباء الكنيسة وبالتالى الانتخابات هى الأساس فى الاختيار، بينما فى المؤسسة الدينية يكون تعيين شيخ الأزهر هو أساس الاختيار وبالتالى يصبح ولاء الشيخ للجهة التى جاءت به الى مقعده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.