من الأمور التي تتم في صمت وأتابعها بقدر الإمكان هجرة الأقباط المتزايدة خاصة في العام الأخير بعد الثورة، ومن المفارقات في تاريخ الثورات أن ثورة 9191 أدت إلي ايجاد أروع صيغة للوحدة الوطنية، ظهر شعار »الدين لله والوطن للجميع« يمكن القول أننا عشنا بهذه الروح حتي بداية السبعينيات حتي تولي الرئيس المؤمن الذي حرص علي اظهار الزبيبة والإعلان في إحدي خطبه أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة، وبذلك وضع علي المستوي الرسمي أول معول في الشرخ العميق الذي مازال يتسع منذ ذلك الوقت، عاش المصريون بروح 9191 أكثر من نصف قرن وأوشكوا علي استعادتها في ميدان التحرير إلا أن ذلك لم يدم إلا أيام الاعتصام وسرعان ما تبدد الاحتمال خاصة بعد ظهور السلفيين المكثف في جمعة قندهار، ثم توالي الفتن الطائفية وصعود التيار الديني المتشدد بجناحيه الإخواني والوهابي (السلفي) وهذا تيار لا يعمل وفقا للقوانين التي تحكم الواقع السياسي إلا في حدود مصلحته ولكن الأساس مشروعهم طويل المدي والذي يؤسس للدولة الدينية. والآن بعد استيلائهم علي البرلمان ومجلس الشوري بعد انتخابات أحاطت بها ظروف عديدة ومناخ ديني وليس سياسيا، ها هم يتأهبون للدستور الذي سيحدد شكل الدولة وهويتها. من هنا خطورة تخصيص نسبة الخمسين في المائة للإخوان وللوهابيين، هنا يحق السؤال. ما هو وضع الأقباط في ظل الدولة الدينية التي بدأت تتضح ملامحها؟ انني أضع نفسي في موقف الطرف المقابل، كيف ينظرون إلي أوضاعهم المحتملة؟ هل سيصبحون مواطنين من الدرجة الثانية؟ هل سيدفعون الجزية؟ لقد قامت مصر علي التعايش بين عناصر مختلفة، وكان هذا التعايش أساس استمرارها وقوتها، لقد خرج اليهود المصريون في ظروف تاريخية خاصة، وبالتأكيد كان خروجهم خطأ كبيرا، ان ارتفاع نسبة الهجرة خلال العام التالي لثورة يناير مثير للقلق، انني أحذر من خطورة تزايد هجرة الأقباط، ونتمني ألا يضطر المثقفون والمبدعون أيضا إلي الهجرة في المرحلة المقبلة. إن مصر تتغير إلي الأخطر!