ذكرت في مقالي السابق انه كان يجب اتخاذ إجراء احترازي لحجز المتهمين في قضية التمويل الأجنبي لبعض المنظمات المسماة بمنظمات المجتمع المدني لحين انتهاء التحقيق معهم والانتهاء من محاكمتهم . ورغم اننا ترددت علي آذاننا كلمة مشهورة في الأفلام العربية القديمة عند التحقيق مع متهم أو الإفراج عنه بكفالة علي ألا يغادر البلاد لحين استكمال التحقيقات إلا اننا علمنا انها جملة تعد من التدابير وليس من الضروري الالتزام بها والآن بعد الحكم الذي صدر بضبط وإحضار المتهمين للتحقيق والمحاكمة ماذا نفعل؟ وهل لدينا من الاتفاقيات وأنواع الضغط الدبلوماسي والأعراف الدولية ما يمكننا من استعادة المتهمين! لقد أجابت هيلاري كلينتون عن هذا السؤال مسبقا وكأنها تقرأ المجهول بأن مسألة عودة المتهمين للمثول أمام المحكمة قرار يعود لهم وهنا نذكر المثل الشائع الذي يتفق مع هذا الحادث »قالوا للحرامي احلف.. قال جالك الفرج« أي اننا ساعدناهم علي الهرب فكيف سيعودون! ما علينا إلا ان نشرب فنجانا من القهوة السادة حزنا علي حالنا وعلي سيادة بلدنا التي تم انتهاكها بخروج هؤلاء المتهمين.. وأعلم أن هناك أصواتا وافقت علي هذا الأمر ولكن كانت تريد ان تعرف ان كان هناك صفقة من جراء هذا الحدث ومنافع ستعود علي مصر. وقد ربط البعض اجتهادا بين الأنباء التي ترددت عن بدء وصول بعض القروض والمعونات إلي مصر من أمريكا والدول العربية والمؤسسات المالية الدولية وماحدث. أعود إلي كلمة السيادة، حسب علمي هي ان يكون قرارنا بأيدينا ولا نخضع لضغوط أيا كانت ونبغي تحقيق العدالة مع أنفسنا قبل غيرنا ولا نخشي أحدا ولنا في الآية الكريمة موعظة حسنة لتحقيق هذه السيادة.. الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) (آل عمران). السيادة لا تعني إظهار الكراهية للغير لمجرد أنه يختلف معنا أو يعادينا بل تعني التعامل من مركز قوتنا وإيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا ووفق الواقع الذي نعيشه، ولقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة عند الهجرة فقد استعان بأحد الكفار ليكون دليلا له في هجرته مقابل ناقة واحدة في حين أنه كان أمامه مائة ناقة لو سلم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وصحبه أبابكر الصديق إلي الكفار.. من هذه الواقعة نتعلم ان نختار من نتعامل معهم بأن يكونوا أصحاب صدق ووفاء بالوعد وليسوا من العملاء للقوي المسماة بالعظمي والعظمة لله وحده. السيادة تعني إما أن نمتلك العلم والقدرة علي انتاج ما نحتاجه سواء من سلاح أو مواد غذائية وصناعية أو ان نملك موارد مالية نشتري بها ما نحتاجه من سلاح وغذاء. ولقد كان رسول الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يشتري السيوف ممن هم ليسوا علي دينه بل ويستدين منهم، ولقد كان لنا في قرض سيدنا محمد من اليهودي عبرة ولكن بشرط الوفاء والالتزام بميعاد السداد حتي لا تكون له علينا سطوة. السيادة تعني أن نتعاون مع أخواننا وأصدقائنا أصحاب كلمة الحق والشرف في حالة العجز المالي لمساندتنا للخروج من عثرتنا ولا نتعاون مع من يملي شروطه علينا لتحقيق مصالحه والإضرار بنا تحت مسمي خطة إنقاذ عاجلة لدول الربيع العربي فأمريكا عندما أرادت ان تخلي ساحة العالم من الأعداء القدامي بريطانيا وفرنسا وتحل مكانهم سارعت إلي خطة انقاذ أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية ضد النازية تحت مسمي إطفاء النيران للحلفاء ثم كشرت عن انيابها وطردت الاستعمار القديم لتكون هي وحدها مالكة أمر الكرة الأرضية. السيادة.. كلمة لا يعيبها أن تكون في بلد فقير محتاج للغذاء والسلاح ولكن يعيب شعبها ان يقفوا محلك سر ينتظرون ان يمن الآخر عليهم ولا يتقدمون علميا واقتصاديا واجتماعيا فهل نحن أهل للسيادة أم سنتجرع فنجان قهوة سادة علي روح السيادة!