النائب البلكيمي.. ليس أول ولا آخر.. نائب يجري عملية تجميل.. ولا أول ولا آخر مواطن يكذب.. ولكن الجديد في الموضوع ان الكذب.. جاء هذه المرة علي لسان واحد ممن اختزلوا التدين في رفع الأذان أثناء جلسات البرلمان.. والتركيز علي أماكن الإثارة في جسد المرأة.. وتحريم لعبة كرة القدم.. باعتبارها لعبة غير شرعية.. وحصر التدين في اللحية والجلباب والنقاب.. وتكفير المبدعين. هذا هو الجديد في الموضوع.. لأننا شهدنا طوال سنوات النظام الإجرامي البائد المئات من عمليات التجميل وصباغة الشعر وشد الجلد.. تمت كلها علي أيدي كبار المعلمين.. أرباب التخصص في التفنن في أبواب الطب والجراحة. ولم يكذب أحد.. أو يدعي تعرضه لهجوم البلطجية.. لأن عمليات التجميل.. لا تكذب.. فأنت تري الأكذوبة.. ولا تسمعها! كانت عمليات التجميل تجري في ظل ثقافة.. لا يتحدث فيها المسئول عن أن إسلامه يفوق إسلام الآخرين.. أو يدعو لتكفير من يخالفهم الرأي.. ولم تكن عمليات التجميل تشغل بال العامة.. والبسطاء من أمثالنا.. كان الفساد في ظل النظام الإجرامي البائد.. يدور في فلك جماعة من كبار الفاسدين الذين يديرون المعاصي والموبقات.. وحضور حفلات العري »الاستربتيز« في قلب لندن.. والعودة في نفس الليلة.. وقبل أن تستيقظ السلطات البريطانية من سباتها.. وتتبين ما يجري خلف ظهرها.. ناهيكم عن مئات الشقق الخاصة التي يمتلكها رجال النظام الإجرامي البائد في العواصم الأوروبية.. وفي لندن وباريس وفيينا بصفة خاصة.. حيث تجري اللقاءات ما بين رنين الكاس.. »وادي الحبايب ع الجانبين إيه اللي فاضل ع الجنة« علي رأي أسمهان. كل ذلك كان يجري باحتراف لأكثر من 03 سنة.. ناهيكم عن سر الأسرار، وهو صحة حسني مبارك.. والدهانات والأصباغ وشتي ألوان الطيب التي كان يستخدمها.. كانت هذه الممارسات.. التي تجري وفق ايديولوجية.. متع شبابك.. في العواصم الأوروبية.. وما بين رنين الكاس وصحبة الأحباب.. تتم علي أيدي مجموعة مصطفاة من رجال الطبقة السياسية يملكون السلطات والطائرات الخاصة والعامة.. وقاعات السفر والوصول.. والأموال »طبعاً« باعتبار أن »درهم الكيف ميسر«.. وبالتالي فلم يكن من المتصور أن يجري نائب.. حديث العهد بالبرلمان عملية لتصغير أنفه.. أو تكبير صدره أو شفط مؤخرته.. علي النحو الذي أقدم عليه النائب السلفي أنور البلكيمي.. صاحب الأنف الذي يفوق في حجمه أنف بينوكيو في قصص الأطفال. لقد قال النائب السلفي: أجريت جراحة بالأنف وغادرت المستشفي بعد ساعتين ثم تعرضت للسطو.. علي أيدي جماعة من البلطجية بالطريق الصحراوي.. أسفر عن إصابات بالغة وسرقة مائة ألف جنيه كانت بحوزتي! ولا أملك إلا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل! أما أطباء مستشفي الشيخ زايد فقالوا.. إنهم أجروا عملية تجميل لأنف النائب.. بحيث يبدو أصغر حجماً مما خلقه الله سبحانه وتعالي عليه. وأدلي أطباء وفريق التمريض بالمستشفي بأقوالهم.. وأكدوا أنه قام أثناء إتمام إجراءات الخروج بالتنبيه علي إدارة المستشفي بعدم تسريب خبر عملية التجميل لوسائل الإعلام.. وذلك لانتمائه لحزب النور السلفي الذي يحرم إجراء مثل تلك العمليات!! الطريف في الموضوع أن النائب الذي ينتمي لحزب النور أجري عملية التجميل في أهم ملامح وجهه.. بما يعني أن أي عابر سبيل أو زملاءه في الحزب سوف يكتشفون تغير ملامح وجهه علي الفور.. ويعرفون أن النائب الموقر قد أجري عملية تجميل للأنف. علي أساس ان الجمال هو سنة من السنن الكونية التي جعلها الله تعالي تجسيداً للنظام المعجز الذي جعل هذا الكون عليه.. سواء كان جمال الوجه وفي مقدمته الأنف أو منظراً طبيعياً.. أو جمالاً معمارياً.. ولذلك أوصي النبي صلي الله عليه وسلم بأن يكون رسول القوم أو سفيرهم متسماً بالجمال. النائب البلكيمي.. لم يدافع عن الجمال.. ولم يطلب من قيادات حزبه السلفي »الصبر الجميل« و»الصفح الجميل« أو حجره في الاجتماعات حجراً جميلاً.. وأن الله جميل يحب الجمال! لم يفعل الرجل ذلك.. لأنه كان كما يبدو تحت تأثير المخدر وجرت علي وجه السرعة إجراءات فصله من الحزب.. واضطر تحت الفضيحة المدوية أن يقدم استقالته من عضوية مجلس الشعب وفي يوم الأحد القادم سوف تتم عرض الاستقالة علي الدكتور الكتاتني رئيس المجلس.. تمهيداً لانتخابات بديل للنائب المستقيل خلال 06 يوماً. وهكذا.. سوف تجري الأمور بما لا يشتهي البلكيمي.. ولن يفقد الرجل أنفه.. رغم أنفه.. فحسب.. وإنما سوف يفقد موقعه تحت القبة المنورة.. وأضواء التليفزيون والبرامج الحوارية.. وإمامة الصلاة في مسجد المجلس الموقر.. ولن يتمكن من فرض الحجاب علي لميس الحديدي ومني الشاذلي وإيمان الأشرف! سيتطلع الرجل لأنفه في المرآة.. ويتذكر التصريحات التي أدلي بها »روميوهات« حزبه السلفي.. حول فرض النقاب علي النساء، وتحريم المايوهات البكيني.. ثم يهيم بالبكاء! تبقي بعد ذلك القضية الأهم.. وهي أن جميع أعضاء مجلس الشعب بلا استثناء.. تناولوا قضية البلكيمي.. بثقافة الدولة الديمقراطية العلمانية.. وعلي نحو ما يجري في الدول المدنية الراقية.. وعلي نمط ما نطالعه في الصحف حول تقديم الساسة للمحاكمات بناء علي القوانين المدنية لارتكابهم مخالفات لا تتمشي مع القواعد المعمول بها في هذه الدول. وتلك ملاحظة يتعين علينا الإشادة بها.. لسبب بسيط هو أن هذه المحاكمات لا تعني فقط محاكمة المخطئ.. ولا تعني ردع من تسول له نفسه ارتكاب المخالفات.. فحسب.. وإنما هي رسالة لعامة الشعب بكل مكوناته.. بما هو الصواب.. وما هو الخطأ.. وأين الانحراف.. وما هو العقاب؟ محاكمات الساسة.. علي الملأ.. هي رسالة للشعوب.. حول الأخلاق التي يتعين علي كل مواطن الالتزام بها. لأن النهضة الأخلاقية.. هي بداية التقدم.. علي حد تعبير محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين.. وقوله »إن مكارم الأخلاق ضرورة لا غني عنها.. لأي مجتمع يصبو إلي الرقي ويرنو إلي المعالي«. إن رفع الحصانة عن البلكيمي وتقديمه للمحاكمة.. هي أول إعلان حقيقي عن نجاح الحالة الثورية التي بدأت في 52 يناير 1102.. وهي أول إعلان عن سقوط الثقافة التي اختزلت الإسلام في أماكن الإثارة في جسد النساء وحفلات الرقص الشرقي والمايوهات وتكفير نجيب محفوظ والإطاحة بكل كلمة جاءت في كتاب ألف ليلة وليلة. ويشاء الله سبحانه وتعالي أن تجري المحاكمة لأول رموز التيار السلفي علي نمط الدولة المدنية.. التي تحترم الآداب العامة والأخلاق وتجرم الكذب.. وليس علي نمط المجالس العرفية وسلوكيات سكان الصحراء في العصور القديمة. محاكمة البلكيمي.. هي الدليل علي أن قوانين الدول المدنية.. هي القوانين التي تحمي الآداب العامة من غلاة التطرف الذين يكذبون.. علي مدار الساعة فتمنو (مناخيرهم)، علي النحو الذي جاء في قصة الأطفال الشهيرة »بينوكيو« التي ألفها الروائي الإيطالي كارلو كولودي سنة 0881.. وترجمت لجميع لغات العالم. الدولة المدنية.. هي التي تحمي الأمم من الكذابين والمنافقين.. الذين لا يرون في الدنيا سوي المايوهات!