رجاء النمر عاش المصريون أياما جميلة.. كان إحساسا رائعا أن تشعر بأنك تملك نفسك.. لا أحد يشتري حريتك، ولا يستطيع.. لن تصبح سلعة تباع وتشتري، سواء بالجنيه أو بالدولار.. لن تركع، ولن تستسلم لضغط أو تحت تأثير الحاجة. قال المصريون: نجوع ولا يشتري بطوننا أحد.. ندفع لو جنيه في سبيل حريتنا. قالوا: مات من أولادنا وبناتنا وأزواجنا الكثير، وراح منا شباب زي الورد في سبيل إحساسنا بالحرية.. دفعنا الدم لنتخلص من الذل، فلماذا نخضع بعد كل هذا للدولار حتي لو مليار؟ رفع المصريون رءوسهم امام العالم يصرخون »لا« وطظ في المعونة الامريكية.. القضاء سيقول كلمته في قضية التمويل الأجنبي، حتي لو كانت التهمة مجرد جنحة.. والعقوبة لا تتجاوز الغرامة. انطلقت حملات المصريين للاستغناء عن المعونة الأمريكية.. كلهم رفضوا ربط المعونة بقضية التمويل الأجنبي.. في أيام معدودة التف المصريون حول قضية قومية.. كنا نحتاح إلي مثل هذه القضية لنعود لطابعنا المصري الأصيل، أن نتوحد في الشدة، وقد كان. وما أشبه اليوم بالبارحة، حين رفض البنك الدولي إقراض مصر لبناء السد العالي.. ووقف عبدالناصر ليعلن تأميم قناة السويس.. كانت أيام مجيدة عاشها الشعب المصري، حين شعر بالفخار والاستغناء.. ما أحلي هذا الشعور.. إنه يرفعك حيث تريد. فجأة هوي كل شيء وسقط.. معنويات المصريين أصبحت تحت الصفر.. أصحاب حملات الاستغناء عن المعونة الأمريكية أسقط في يدهم.. نام المصريون واسيقظوا علي خبر أسود.. القاضي تنحي عن نظر قضية التمويل الأجنبي لاستشعاره الحرج.. والسبب تصريحات أمريكية بأن قضية التمويل في طريقها للحل!، وكأن مصر ليست دولة.. لا يحكمها دستور ولا قانون ولا قضاء له قدسيته. أما الخبر الأسود من الأول، أن الأمريكان في المطار، والطائرة تنتظرهم، ثم الأمريكان طاروا.. كل متهم دفع كفالة 2 مليون جنيه »يا بلاش«.. والثمن العودة لانتظار المعونة أو الموت من الجوع.. لقد دافعت امريكا بكل قوتها، حتي لا يدخل امريكاني واحد قفص الاتهام، ويحكم عليه ولو »بالغرامة«.. من الآخر يا بخت الأمريكان برئيسهم.. ويا فرحة ما تمت للمصريين.