عصام حشىش لو كنت مكان اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية لما قررت إيقاف الضباط الذين أطلقوا لحاهم عن العمل عقابا لهم علي رغبتهم في اتباع واحدة من السنن النبوية المؤكدة. ولتركت الناس تشعر بأن وزارة الداخلية التي كانت ترعب الناس من الدين وتراقب كل متدين أو تعتقله بمظنة انه إرهابي أو عميل قد تغيرت وأصبحت تحترم وتقدر رغبة ضباطها الملتزمين دينيا في التأسي ببعض السنن النبوية المؤكدة حيث ان الرسول صلي الله عليه وسلم وهو الأسوة الحسنة لكل المسلمين لم يكن حليق اللحية أو الشارب! ولكن ما حدث كان غير ذلك، فالوزير أصدر قراره بسرعة بإيقاف الضباط الملتحين عن العمل وكأنهم بادئا ذي بدء قد ارتكبوا جريمة! ولمن لا يعلم فالإيقاف عقوبة جسيمة إدارية ومالية في نفس الوقت لأن معظم دخل الضابط يأتي من الحوافز التي ستتوقف بالطبع فضلا عن منحه نصف راتبه الأساسي بسبب قرار الإيقاف. وبذلك يجوع الضابط وعياله ويرضخ رغما عنه لرؤية الوزير! ليس هذا فقط وإنما هرع سيادته إلي شيوخ دار الافتاء يسألهم عن فرضية اللحية فأفتوه بأن الأمر مختلف عليه. فبعض العلماء ألزم بها.. وبعضهم تركها لرغبة الإنسان دون افتراض عليه، والبعض الثالث قال إنها من سنن العادات أي أنه لا يعاقب تاركها، كما انه لا يُثاب من يأخذ بها. وتوقف السيد الوزير عند الرأي الثالث وأخذ به. وفي تصريحاته الصحفية لم يأت بذكر الرأيين الأول والثاني.. وأوضح الثالث فقط وكأنه هو الحقيقة الوحيدة. وهكذا ألبس معاليه رأيه الشخصي عباءة الدين وقدمه للناس وكأن أمره لا يقبل المناقشة أو الإبرام! وضاعت واحدة من الفرص التي كانت كفيلة بتغيير الصورة التقليدية لملاحقة وزارة الداخلية للمتدينين رغم انه كان أجدر بهؤلاء الضباط ان يتقلدوا أرفع المراكز الحساسة وأكثرها اقتراباً من حياة الناس وشئونهم بسبب اجتهادهم في إرضاء ربهم وليس إيقافهم وإبعادهم عن العمل! وأخشي أن يطرح وزير الداخلية رؤيته هذه أمام السادة أعضاء مجلس الشعب وأغلبهم أعضاء في أحزاب دينية تميزهم لحاهم الطويلة ولهم في الدفاع عنها وفي وجوبها ما يمكن تدوينه في كتب. وقتها لن يترك هؤلاء الأعضاء الوزير في حاله وربما يردون له الصاع صاعين علي لحيته وشاربه اللذين يحلقهما كل صباح! وبصراحة فإن أكثر ما أسفت له في تصريحات الوزير ان لوائح الداخلية تشدد علي حسن المظهر واللباس وكأن اللحية المهذبة تسيء إلي هذا المظهر، رغم انها عندي علامة علي حسن الهيئة وكمالها ولو لم تكن كذلك ما تحلي بها وأكد عليها أشرف الخلق أجمعين صلي الله عليه وسلم والصحابة الكرام وجملة التابعين.. فمن أين يأتي التعارض بين حسن المظهر وإطلاق اللحية.. لست أدري! ورغم ذلك كله فالأفضل في هذه الظروف ألا نعتبر مسألة اللحية إطلاقها من عدمه مشكلة أو أزمة، فالدولة تمر بظروف صعبة والأجدر بنا أن ننظر إلي الأمور الكبيرة لأنها الأولي بالرعاية الآن. وإذا كانت العسكرية أو البوليس المصري يري ان وحدة المظهر والتزام الجميع بحلق لحاهم أمر واجب فلنأخذ الأمر علي محمل الجد. آخر الكلام: عندما أعلن لاعب الكرة الفرنسي الموهوب تيري هنري إسلامه، وأطلق لحيته، وسجد لله في الملعب بعد أن أحرز أحد أهدافه زاد احترام العالم له، ومضي لاعبون كثيرون خلفه حبا فيه وتقديرا لما فعله، فالإسلام زينة وفخر وسعادة.