جلال دويدار لا يقتصر الاعجاب بمهاتير محمد مُفجر المعجزة التنموية الماليزية علي انجازاته الاقتصادية وانما يمتد إلي صراحته وشفافيته ومخاصمته للنفاق والرياء في ابداء آرائه سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. لا جدال أن هذه المبادئ التي شكلت شخصيته كانت وراء النجاح الذي حققه وجعلت منه علما بارزاً في اعلاء ارادة الشعوب لبناء أوطانهم. لعل ما يميز هذا الرجل هو العقلانية ونبذ التطرف والإيمان بأن الالتزام بالقيم الروحية التي يمثلها الإسلام.. يعني البناء والنهضة. تواصلا مع هذا الاعجاب كان طبيعيا ان يثير اهتمامي هذا الحوار الصحفي الذي نشر في »أخبار اليوم« للزميلة اللامعة مها عبدالفتاح وفي صحيفة »الأهرام« للزميل محمد صابرين وتناول فيهما كل الاوضاع الاقتصادية العالمية وازمة اليورو وعلاقتها بالدولار. اشار التقريران الصحفيان الي بعض جوانب التجربة الماليزية الاقتصادية. اتسم حديثه بالصراحة في توصيفه لما تمر به مصر وفي تحديداته للطريق الذي يجب ان تسلكه للخلاص من مشاكلها والتقدم علي طريق الازدهار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لخص ركائز »روشتة« العلاج في مطلب أساسي يتمحور في النظام السياسي الذي يحكمها. في اطار تمسكه بالاسلام ومبادئه أكد أنه دين يتسم بالاعتدال وان كان البعض يفسرونه علي غير حق بشكل متشدد. قال ان الاسلام اسلوب حياة وبالتالي فإنه يتطلب السيطرة علي علوم الحياة علي ارض الواقع. قال أن دفاع المسلمين عن انفسهم يحتاج إلي المعرفة التي تم تجاهلها. اضاف أن عدم تقدم الأمة الاسلامية إنما يعود اساسا الي عدم التمسك بتعاليم الاسلام التي تدعو إلي الوحدة ونبذ الفرقة وهو الامر الذي يدفع بنا إلي حد التقاتل وهو ما يتناقض وهذه التعاليم. وقال مهاتير أن أول ما دعا إليه القرآن الكريم هو: اقرأ وهذا لا يعني أن نقرأ القرآن وحده ولكن هي دعوة للمعرفة التي لا يمكن ان تجعلنا نتجاهل اهمية التعليم والذي يتطلب الا نعمل بمفردنا وننأي عن معرفة كل شيء. هذا يتضح عندما نفكر في ارسال شخص الي القمر دون ان تتوافر لنا المعرفة التي لابد ان نحصل عليها من غيرنا. في هذا الاطار وعلي ضوء تجربة ماليزيا فإن علي الجميع ان يؤمنوا بأن التعليم هو الطريق الي الرقي والتطور ويأتي بعدها العناية والرعاية الصحية التي يجب علي الدول أن تخصص لها الأموال الكافية. قال ان نجاح ماليزيا وتقدمها كان اساسه العلم الذي حصل عليه أبناؤها من البعثات الموجهة إلي كل انحاء العالم. ومن ناحية التأثير السياسي. وكمثال علي ذلك قال إن الغرب يريد من ماليزيا أن تعادي الصين التي عاشت معها 0002 عام دون أن تحاول احتلالها بعكس الدول الغربية التي جاءت اليها وقامت باحتلالها. أشار إلي التوسع التجاري بين ماليزيا والصين والمدعوم بحركة سياحة هائلة. وعن نصائحه لدولة الثورة المصرية حدد مهاتير محمد هذه المحاور باعتبارها محاور أساسية لتحقيق نهضة ورفعة مصر: الالتزام بدولة القانون مع الإدراك السليم لحدود الحرية. التعليم والصحة اساس التقدم. الإيمان بأن الحكم والبناء صعب وأن الهدم عملية سهلة. ضرورة مراعاة صالح المواطنين والصالح الوطني عند التعامل مع صندوق النقد. الالتزام بالعمل والصمود والاستثمار الصحيح لما هو متوافر من ثروات. لابد أن تعود الأموال العربية الي التدفق من جديد للاستثمار في مصر بحكم علاقة التاريخ والمصالح دون خوف من اي ضغوط خاصة من جانب أمريكا. التمسك بالديمقراطية الصحيحة القائمة علي حرية الرأي وتداول السلطة. توجيه كل الامكانات لمكافحة الفقر مشيراً إلي أن نسبة الفقر في ماليزيا كانت 07٪ ابان الاستعمار الانجليزي انخفضت الان وبعد النهضة الماليزية الي 5٪ فقط ولا توجد بطالة. من المؤكد أن ما قاله مهاتير محمد وعلي ضوء التجربة الماليزية الناجحة هو درس ايجابي متاح للاستفادة.