من يتأمل الفوارق الهائلة بين »الصور« التي تتصل بشخص ما، أو موقف ما يجد نفسه أمام دروس وعبر تمثل أحيانا إنذارا صارما لمن تضعه الظروف في مواقع ومناصب كبري يكون قد سعي إليها، وتلهف عليها، لذلك فإنني أدعو من يرشحون أنفسهم لرئاسة الجمهورية أو أية مواقع أخري، أو من وجدوا أنفسهم داخل مواقع مماثلة الي أن يتأملوا معي بعض »الصور« التي استوقفتني والمؤكد أنها استوقفت غيري. الصورة الأولي: صورة الرئيس مبارك وهو يدخل مزهوا مختالا الي قاعة اجتماعات الحزب الوطني وعندما يقدمه أمين عام الحزب صفوت الشريف للحاضرين يدوي التصفيق الجنوني، فترتسم ابتسامة السعادة والثقة علي وجه مبارك، ويظل رافعا يديه وكأنه يدعو المصفقين الي مزيد من التصفيق والهتاف باسمه الكريم، ثم يتولي الموظف المختص تهيئة الكرسي الذي سيجلس عليه الرئيس المنتشي الذي ما إن يتحدث حتي تقفز علامات الاعجاب بحكمته علي وجوه الحاضرين، وعندما يسأله مثلا أحدهم عن رأيه في النواب الذين تم إسقاطهم في الانتخابات وشكلوا ما أطلقوا عليه اسم »البرلمان الشعبي« يقول ساخرا. مستهزئا: »خلليهم يتسلوا« وهنا تدوي الضحكات إعجابا بخفة ظله!! الصورة الثانية: صورة نفس الشخص أقصد الرئيس السابق أو المخلوع وهو داخل قفص الاتهام اثناء محاكمة القرن عقب نجاح الثورة في تنحيته أو خلعه، ولكي يستدر عطف المشاهدين وربما القضاة، ينفذ نصيحة محاميه فيرقد علي سرير اثناء محاكمته، ثم تبلغ الصورة ذروة مغزاها وعبرتها عندما يوجه رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت سؤاله التقليدي الذي يقصد به تأكيد وجود المتهم في القفص، فيرد الرئيس السابق بصوت ضعيف متحشرج وهو مستلق علي سريره داخل القفص: »أفندم.. أنا موجود!«. ويبدو أنها صارت هوايتي ان أتامل العديد من الصور خاصة تلك التي أطلقها ربيع الثورات العربية، وبالتالي أعد بأن أتوقف معك عزيزي القارئ امام صور »الوريث« و»وزير الداخلية«، ثم صور »العقيد القذافي«، وصور وريثه »سيف الإسلام«، وصور رئيس تونس السابق، ورئيس اليمن السابق (قبل وبعد). »الأستاذ« يتألق كانت ضربة معلم من رئيس تحرير الاخبار الصديق »ياسر رزق« عندما نجح في إجراء حوار مطول علي مدي ثلاث حلقات مع الكاتب الكبير الاستاذ محمد حسنين هيكل وكان »ياسر« قد نجح قبل ذلك في اقتناص أحد فصول أحدث كتب الاستاذ »مبارك وزمانه.. من المنصة الي الميدان« وتم نشر هذا الفصل بالتنسيق مع صحيفة الشروق. وهكذا تمتعنا بالغوص، من خلال الرؤية التحليلية بالغة العمق للاستاذ داخل الأحداث والأشخاص وتكشفت أمامنا صورة ما كنا عليه، وما صرنا إليه وما ينتظرنا، وبالمناسبة أذكر أنه عندما كنت مستشارا إعلاميا في انجلترا رأيت ما يجسد المكانة الكبري للاستاذ حيث كان يستقبله لدي وصوله الي مطار »هيثرو« وزراء وكتاب كبار، وكم كنت أشعر بالفخر عندما يحدثني عنه مذيعون وصحفيون بريطانيون فيضعونه في الصفوف الأولي لأكبر الكتاب العالميين!!