خلط السياسة بالفن ظاهرة عالمية عبرت عنها بوضوح الجوائز التي حصلت عليها في مهرجان كان أفلام تدور احداثها في تايلاند وإيرانوالجزائر وتشاد رغم أن معظم الأفلام الفائزة ليست لها علاقة مباشرة بالسياسة. دلائل سياسية عديدة كشفت عنها جوائز مهرجان كان السينمائي أهم وأشهر المهرجانات العالمية لعل أهم هذه الدلائل حصول الفيلم التايلاندي »العم بونمي« للمخرج أبيشا بتونج براسيتاكول علي جائزة السعفة الذهبية في مفاجأة من العيار الثقيل حيث لم يتوقع أحد علي الاطلاق فوزه بهذه الجائزة ولكن يبدو أن رئيس لجنة التحكيم تيم بيرنون وأعضاء اللجنة قد تأثروا بالأحداث السياسية التي تمر بها تايلاند في الفترة الأخيرة رغم أن موضوع الفيلم ليس له علاقة مباشرة بالسياسة بل يتناول حكاية رجل عجوز مصاب بأمراض الكلي المزمنة ويفاجأ وهو علي سرير المرض بزيارة والده ووالدته له رغم وفاتهما منذ سنوات طويلة كما بدأ يعاني من ظهور أشباح في صورة حيوانات خرافية وذلك من خلال مجموعة لقطات رائعة مليئة بالخيال والشاعرية. كما فاز فيلم »رجل يقرح« للمخرج التشادي محمد صالح هارون علي جائزة لجنة التحكيم وهي أول مشاركة لفيلم من تشاد في المسابقة الرسمية وبالرغم من أن الفيلم يتناول موضوع الحرب إلا أن التركيز جاء علي ضحايا الحرب من خلال علاقة أب بابنه خاصة عندما قرر الأب ارساله إلي الحرب أي الموت. كما حصلت الممثلة جوليت بينوش علي جائزة أفضل ممثلة في فيلم »نسخة طبق الأصل« للمخرج الإيراني عباس كيارو ستامي. وكان هذا متوقعا وعندما صعدت لتسلم الجائزة حملت لافته كتبت عليها اسم المخرج الإيراني جعفر مناهي المعتقل في إيران مع عائلته لانه مؤيد لرئيس الوزراء السابق مير حسين موساوي. كما أعلن دعمه المعارضة خلال مهرجان شماني في مدينة مونتريال الصيف الماضي. أما الجائزة الكبري للمهرجان فقد حصل عليها فيلم »رجال وآلهه« للمخرج الفرنسي ايجزا فيه بوفوا ويصور الفيلم دير رهبان في الجزائر حيث يعيش ثمانية رهبان فرنسيين وسط اخوانهم من المسلمين. ثم تغيرت الأوضاع في التسعينيات وزحف التطرف إلي جبال الجزائر. وزعم أن الرهبان ادركوا خطورة الموقف إلا أنهم قرروا البقاء مما أدي إلي مصرعهم بشكل جماعي. الفيلم دعوة للحب أمام العنف. فيلم »خارج عن القانون« للمخرج الجزائري الفرنسي رشيد بوشارب دخل المسابقة ولكنه لم يحصل علي جوائز بل أثار زوبعة سياسية حتي قبل عرضه بعد أن أطلع نواب فرنسيون علي السيناريو. مما دعا للمطالبة بعرض الفيلم علي أنه فيلم جزائري بالرغم من أنه حصل علي تمويل فرنسي وبلجيكي وجزائري، الاعتراض جاء علي الفيلم لأن المخرج شبه عناصر الجيش الفرنسي بالجنود النازيين ورأي النقاد أنه فيلم غير صادق يشوه التاريخ ويمجد جبهة التحرير الوطنية الجزائرية وأدي ذلك إلي مظاهرة أمام قصر المهرجان في مدينة كان شارك فيها نواب الحزب الحاكم وجمعيات الحركيين والأقدام السوداء.