كشفنا في الاسبوع الماضي الجهود الخفية التي تبذل للتضييق علي الاسرة المصرية، وكأنها ناقصة مشاكل، بهدف حرمان ابنائها من الحق في التعليم وتيسير الحصول عليه، واختيار نوع التعليم الذي يريده الابناء، مؤكدين ان التعليم الجامعي قدرة ذهنية وليس قدرة مالية. قرأنا تصريحات لمسئولين وفي مقدمتهم وزير التعليم العالي د. هاني هلال مؤداها ان الكليات المسماة كليات القمة، الطب والصيدلة والهندسة.. الخ ستقبل اعدادا محدودة من دفعة الناجحين في امتحان الثانوية العامة هذا العام، للحفاظ علي المستوي العلمي لهذه الكليات من طلاب دفعة سنة الفراغ أو دفعة الراسبين، او الباقين للاعادة الذين شاء حظهم العاثر ان يكونوا ضحية قرارات تعليمية خاطئة. لاناس لايقدرون المسئولية الوطنية والمجتمعية. الغوا الصف السادس الابتدائي من الحلقة الابتدائية، وبعد اكثر من عشر سنوات أعادوه بعد ان تبين انها كارثة قومية.. وانها تشكل خطرا علي مستقبل الشعب.. ولم يُحاكم الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء .. بل تركوا طلقاء، يعيثون في الارض فسادا. . ان وصم طلاب هذه الدفعة بانهم ناقصو ذكاء، ومستواهم العلمي متدن، اتهام يغير دليل.. ان الهدف اللئيم تفريغ الجامعات الحكومية لصالح الجامعات الاجنبية والخاصة. . وبكل تأكيد لايوجد ما يسمي كليات قمة او كليات قاع.. إن هذه المسميات المريضة من اختراع مسئول مغرض او تربوي فاسد.. ولماذا كل هذه الاوصاف الرديئة التي نلصقها بطلاب هذه الدفعة وهم في بداية حياتهم.. ولماذا كل هذه المعوقات التي تلقي امام 60 ألف طالب يمثلون 60 الف اسرة، يستعدون لامتحان الثانوية العامة. ان ارتفاع المجاميع في الثانوية العامة، ولعشرات السنين الماضية، ليس دليلا علي التفوق والذكاء، انما في الاغلب الاعم حصيلة الحفظ والصم والغش والدروس الخصوصية. ان وصم هذه الدفعة مقدما بالغباء والتخلف ولم يؤدوا بعد امتحان الثانوية العامة، اليس في هذه الاوصاف الكئيبة دليل ادانة لنظام التعليم في مصر ، وان المدرسة المصرية لم تعد تعلم وتربي وانه من الاجدي اغلاقها بالضبة والمفتاح. اعتقد ان من واجبنا الاخلاقي ان نحمي ابناء هذه الدفعة مما يحاك ضدها من جرائم، ومن عبث العابثين لصالح الجامعات الاجنبية والخاصة . ولعل من المفيد ان نهدي لوزير التعليم د. هاني هلال ماسطره عميد الادب العربي د.طه حسين في شأن التعليم.. وما سوف يحدث للمصريين من كوارث ومحن في مستقبل الايام.. رغم ان هذه الكلمات قد مضي عليها اكثر من نصف قرن. . ولكن كانت للعميد رأي ورؤية .. يقول الاستاذ العميد: (يخيل إلي أن الذين يجادلون في نشر التعليم يغالطون الشعب مغالطة خطرة فلابد ان نفسد عليهم هذه المغالطة، ولابد ان نقطع عليهم طريقها، وأول ما نسجله في هذا هو ان في مصر مع الاسف الشديد قوما يكرهون تطور الشعب ويضيقون بتبدل احواله ليبقوا دائما في رغد العيش، ويضمن لهم المال والسلطة.. فما من شك في ان انتشار التعليم يشعر الشعب بنفسه ويشعره بحقه ويزين في قلبه حب الحرية والايمان باستقلال الفرد، وكل ذلك ينقص سلطان الغني علي الفقير ويهدر تحكم القوي في الضعيف ويمكن الذين كانوا يقولون نعم دائما من ان يقولوا لا احيانا.. ويعود بعض الرؤوس التي كانت تنخفض دائما ان ترتفع وتظل مرفوعة في كثير من الاحيان وانتشار التعليم يفتح امام المتعلم ابوابا كانت مغلقة ويوسع امامه افاقا كانت ضيقة ويحيي في نفسه امالا كانت ميتة فأي غرابة في ان يضيق بانتشار التعليم قوم كانوا يظنون ان الخير سيكون وقفا عليهم وان تدبير الامر سيكون خالصا لهم لايشاركهم فيه غيرهم من الناس.. وليس صحيحا ان الشعب الجاهل آسلس قيادة من الشعب المتعلم .. انما هو خطر داهم وقنابل موقوته تنفجر في اي وقت تأتي علي الاخضر واليابس .. او كطوفان نوح يجرف كل ما امامه بلا وعي ولا شفقة أو رحمة . ان كثيرا من المصريين يجهرون بحب الديمقراطية لانهم لايجدون من ذلك بدا. ويضيقون بالديمقراطية اشد الضيق لانها تحكم الفقراء والبائسين وضعاف الناس والذين كانوا يسمون الرعاع في نظر الاغنياء واصحاب المكانة والسلطات. واذا كان المصريون متساون سواء في الحقوق، والواجبات فيجب ان نمكن المصريين جميعا من تعليم ابنائهم مقدارا من العلم يمكنهم من ان يعيشوا احرارا ومن ان تكون حياتهم قابلة للرقي والتطور الي خير مما هو الآن.. ويجب ان يتاح للمصريين جميعا ان يتعلموا أي لون من الوان التعليم يريدونه لايردهم عن ذلك فقر ولا اعدام) . انتهت كلمات الاستاذ العميد.. فهل يعي المسئولون هذاالدرس في حكم الشعوب .. ؟! المحرر