جلال عارف عندما يقول مسئول أمريكي (مهما كان موقعه) إنه لا معونة ولا تعاون مع مصر طالما بقيت الوزيرة فايزة أبو النجا في موقعها، فإننا نقول له بكل أدب: ملعون أبو سيادتك، فلست أنت من تحكم مصر أو تقرر مصير المسئولين فيها!! محاولات خلط الاوراق أو لي الذراع لن تجدي، فالذين يتولون المسئولية في مصر الآن لم يكونوا يوما من أعداء أمريكا، ولكن الذي تطرحه واشنطون الآن هو: إما ان تتركونا نفعل ما نشاء في مصر، ونمارس كل أنواع الاختراق للمجتمع، ونضع بأنفسنا ملامح النظام الجديد والحدود التي يتعرف فيها والخطوط الحمر التي لا ينبغي ألا يتعداها.. وإما الحصار الاقتصادي والضغوط السياسية والتآمر الداخلي، واستخدام كل الادوات التي نملكها بدءا من قطع المعونة، وحتي تسخين الموقف علي الحدود وفي سيناء!! الموقف المصري حاسم في رفض العدوان علي سيادة مصر واستقلال قرارها، والرهان الامريكي علي الصراعات الداخلية التي تشهدها مصر الآن رهان خاطيء. ورغم قسوة الظروف الاقتصادية، فإن كرامة مصر أكبر بكثير من المعونة الامريكية التي تستفيد منها الولاياتالمتحدة أضعاف أضعاف ما تستفيده مصر. إن اعلانا مصريا بالاستغناء عن المعونة الامريكية اصبح ضروريا. وليس مطلوبا أن يكون هذا الاعلان بداية لحالة من العداء بين الدولتين، بل هو تصحيح لعلاقة وانتقال بها من حالة التبعية الي حالة الاستقلال بكل ما تعنيه الكلمة، وبكل ما تلقيه علي أكتافنا من مسئولية، وبكل ما تتضمنه من قطع الحبل السري الذي يربط بين بعض اصحاب المصالح المشبوهة في مصر وبين من يرعونهم في واشنطن أو غيرها بعيدا عن مصالح الوطن. وتبقي في المف إجراءات عاجلة لابد منها، فلا يصح ان تبقي اتهامات خطيرة موجهة لمنظمات مصرية لشهور طويلة دون دليل ودون حسم. المطلوب الآن كشف كل الحقائق عن التمويل الاجنبي للجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، سواء جاء هذا التمويل من أمريكا أو أوربا أو من الدول العربية، وسواء جاء تحت غطاء حقوق الانسان او النشاط الديني. والمطلوب أيضا الكشف عن كل المخالفات والمحاسبة عليها. وبيان حجم الاموال التي تسربت عن هذا الطريق لتمويل الاحزاب أو للتأثير في الانتخابات.. فعندما يقال إن 571 مليون دولار قد تم ضخها في ستة شهور بعد الثورة.. فلا يمكن أن يكون هذا للتوعية بفضائل الديمقراطية، أو لإقامة موائد الرحمن (!!). أليس غريبا ان الذين يدفعون المليارات للتأثير في الانتخابات، وللعبث بملفات تمس أمن الوطن، بدءا من ملف النوبة، الي ملف سيناء، الي ملف الاخوة الاقباط، هم انفسهم الذين يرفضون مساعدة الدولة في عبور الظروف الاقتصادية الطارئة؟!.. إنه الصراع علي مستقبل مصر واستقلال إرادتها.. وليتهم يقرأون التاريخ ليعرفوا ان مصر تصبح الاقوي حين يداهمها الخطر!!