ترددت كثيرا في الكتابة عن التراشق الممتد والاتهامات المتبادلة بين د.جابر عصفور الناقد والاستاذ الاكاديمي ومدير المركز القومي للترجمة وبين د.علاء الاسواني الروائي صاحب الشهرة الواسعة والروايات التي تحولت إلي ظاهرة لافتة بارقام توزيعها الاعلي »عربيا وأجنبيا«! لم أشأ التعليق علي ما حدث، ليس لان كليهما صديق، ولكن لان الأمر بأكمله ليس معركة ثقافية.. لا قضية فكرية ولا أدبية.. لا حوار ولا لغة.. فقط محض تراشق وتنابذ واتهامات »وخناقة« تجاوزت مداها وبالغ أصحابها!!.. ليست »معركة أدبية«.. لكن مكانة أصحابها وحضورهم المؤثر في الحياة الثقافية.. أيضا حجم الاهتمام والانشغال ومتابعة ما يحدث بين الكاتبين، وموقف المثقفين السلبي »المتفرج«.. وربما طموح تطوير »التراشق« إلي »حوار«.. و»العراك« إلي »معركة« هو ما فرض الكثير من الاسئلة... بداية كانت »الجوائز« هي موضوع العراك وهي أيضا موضع المساءلة... كتب د.علاء الأسواني ينتقد »جوائز وزارة الثقافة« بما استفز د.جابر عصفور الذي دافع عن مصداقية هذه الجوائز.. وكانت جائزة سابقة »بيروت 93« موضع خلاف اخر في العام الماضي حين انسحب الاسواني من تحكيمها »اعتراضا علي غياب الموضوعية« ووافق د.جابر عصفور علي رئاسة لجنة التحكيم!!.. واخيرا »جائزة القذافي« التي حصل عليها د.جابر عصفور قبل أيام، ووجدها الاسواني فرصة للطعن في جابر عصفور خاصة بعد ان رفضها الكاتب الاسباني خوان جوتيسيلو »لأسباب سياسية«! اشتعل العراك بما يتردد ورائج في الحياة الثقافية، وراح كل من الكاتبين يبحث عن كعب اخيل الاخر.. صوب جابر عصفور طلقاته المباشرة صوب ادب الاسواني، واصفا قصصه »بالرداءة« وانتشارها »بالاستعلاء بالغرب« والهوس بالجنس والشذوذ والنميمة السياسية بما يحقق رواجا زائفا لا أدبا حقيقيا!! علاء الاسواني صوب طلقاته الي كعب جابر عصفور السياسي مشيرا إلي تحولاته من »ناقد إلي حامل اختام وزير الثقافة«. ولايزال التراشق والاتهامات.. لايزال الغبار يتطاير دون ان تكون ثم معركة حقيقية! اصرار جابر عصفور علي وصف قصص الاسواني »بالرداءة« وتكرار ذلك يوما بعد اخر يثير الدهشة لانه لا يقدم قراءة نقدية أو دراسية تتناول هذه الاعمال.. يدافع بقوة عن رواية »اسمه الغرام« لعلوية صبح ويكتب عن رواية »فضيلة الفاروق« ورواية »طالب الرفاعي«. الجوائز دائما.. سؤال جدير بالتوقف والتأمل والمناقشة من حيث تأثيرها الخطير علي الحياة الادبية.. من رواج شكل »الرواية« واهتمام الناشرين بنشرها.. تحويل الادب من »ابداع« إلي »صنعة« والكتابة وفقا لشروط »الجوائز« وشروط »الترجمة«.. التطاحن والصراع والمنافسة الشرسة بين الادباء حيث الجوائز وفقا لقيم السوق السائدة ليست معيارا وقيمة ولكنها أرقام مالية وبيع وشراء وحسابات ومصالح! الانشغال بالتراشق يفرض الخروج من مقعد المتفرجين، مناقشة ما يحدث وتفكيك وقائعه والتساؤل حول العديد من الجوانب »الجوائز«، »دور المثقف«، »علاقة المثقف بالسلطة«، »العلاقة بالاخر«، »الترجمة«، »العلاقة بين الثقافي والسياسي«.. وجوه كثيرة ينطوي عليها العراك لكن لم تطرح بعد الاسئلة ولم يتحول الامر إلي معركة أدبية!.