لا يمكن لأي عاقل في هذا الوطن أن يدور بفكره إمكانية عودة النظام البائد إلي الحياة مرة أخري بعد أن نجحت ثورة 52 يناير في اسقاطه. في هذا الإطار لابد للثوار والشعب الذي أيدهم أن يؤمنوا بقدرتهم علي حماية الوطن والدولة المصرية . عليهم العمل وإتاحة الفرصة لتحقيق النهضة والتقدم في ظل سيادة القانون وإقامة حياة حرة ديمقراطية ركيزتها المواطنة واحترام الحقوق والواجبات. ان التوحد والتوافق والوفاق هي بمثابة حائط الصد أمام المتربصين والمتآمرين. ان الفرقة والإقصاء واطماع السلطة هي الفجوة التي يمكن ان ينفذ من خلالها الأعداء لممارسة كل ما يمكن ان يساهم في تدمير مصر وزيادة معاناة شعبها.. من المؤكد ان الاستجابة للصدام المدمر وإشاعة الفوضي والقلاقل ليس أبدا في صالح الوطن وإنما هما وسيلة لمنع أي إصلاح أو تقدم.. لابد ان تدرك جميع القوي ان ما يحدث يستهدف هزيمتهم ليصبح المنتصر الوحيد هم الذين يسعدهم دمار مصر . حان الوقت لنستعيد جميعا عقولنا ونتوحد من أجل حماية الثورة التي سقط في سبيل إنجاحها الشهداء الأطهار. حقا لقد كان لهذا النجاح ثمنا فادحا تم دفعه من دماء الشباب الذين أشعلوا هذه الثورة. في هذا المجال فإن من حق الشعب المطالبة بالقصاص العادل من الذين كانوا وراء هذه الجريمة وهذا لا يمكن ان يتحقق إلا بسيادة القانون وليس بالفوضوية والهوجائية . ان عمليات التدمير والتخريب ورفع شعارات الصدام الدموي لن يعيد لهؤلاء الشهداء حياتهم التي لا تقدر بمال . أن الذي يعظم ويخلد تضحياتهم هو إعادة بناء مصر. أما السعي لهدمها فهو يعني التلاقي مع الأهداف التي يعمل من أجلها اعداء الوطن والثورة . لقد أصبح واضحا ان من لا يحبون .. مصر بكل ما يحمله هذا الاسم من عظمة وتاريخ وتراث ومكانة لا يريدون ان يسود الامن والاستقرار وإنما يتمنون استمرار حالة الفوضي والتسيب حتي لا تقف علي اقدامها . إن مخططهم يستهدف انشغال الشعب عن إعلاء شأن مكاسبه الثورية بالانغماس في هوة الخلافات والمشاحنات والصدامات التي تشوه من صورتنا وتجعل الكثيرين يترحمون علي أيام النظام البائد رغم الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. لا يخفي علي أحد ان الطريق لاثارة الفتنة يستند الي زرع الأحقاد وإثارة النفوس باستخدام كافة الوسائل والتحريض علي إسقاط هيبة الدولة ومؤسساتها. في هذه الحالة فإن الضحية لن تقتصر علي الشهداء الذين كانت دماؤهم وقود للثورة وأنما سوف تشمل كل الشعب وبلااستثناء من هنا اقول أنه لا يجب ان تكون مصر رهينة لهذه العناصر التي تري في التهييج والإثارة وممارسة العنف وإشاعة الفوضي بشكل مباشر أو غير مباشر ان هذا يتم من خلال التواجد بلا سبب أو مبرر في الميادين او مهاجمة الممتلكات العامة .. أو من خلال الظهور في الفضائيات والصحف وإطلاق التصريحات غير المسئولة التي تحمل توجيهات غير مباشرة لدعاة الفوضي للقيام بأنشطتهم. ان علي شرفاء هذا الوطن الذين يهمهم أمنه واستقراره وتقدمه ونهضته أن يتجمعوا ويعملوا علي استرداد مصر الرهينة ويصعونها وبما تستحق وبكل الحب والتقدير علي الطريق السليم الذي يعيد الطمأنينة والسكينة إلي نفوس الغالبية من الشعب. كل الأحداث والتطورات تقول ان مصر ومنذ نجاح الثورة لم تشهد يوما واحدا هادئا يعطي مساحة للتفكير فيما يؤمن طريق الإصلاح والتغيير المأمولين. ليس من تفسير لما يحدث سوي أنه كان هناك من البداية خطأ في ترتيب مراحل المسيرة التي تقود إلي بر الأمان . هذا الخطأ أعطي الحجج والمبررات لكل الممارسات التي ولدّت الفوضي وحالة الضياع التي نعيشها. لقد تم استغلال الجنوح إلي التواطؤ والإقصاء دون أي استفادة من تجارب الماضي وبما يسمح للمتربصين باستقطاب ضعاف النفوس للعمل ضد الصالح الوطني لماذا بالله هذا التشنج المغلف بالاصرار علي عدم الاستماع إلي النصائح؟ ولماذا بالله التغاضي عمدا عن القبول بالحوار لحل المشاكل علي أسس سليمة وعقلانية تضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار؟ نعم.. من حق أي مواطن مصري أن يغضب وأن تتاح له امكانية ابداء الرأي بحرية ولكن بشرط السلمية وعدم التخريب بالتعرض للممتلكات العامة أو ممارسة السلوكيات التي تعطل سير الحياة، في هذا الإطار فإنني أتساءل عن الهدف من وراء محاولات الاقتحام المستمرة لمبني وزارة الداخلية التي من المفروض ان المنتميين إليها يتحملون مسئولية استتباب الأمن ومكافحة البلطجة لصالح كل الشعب. نعم قد يكون قد حدث تقصير أمني في استاد بورسعيد يستغله أعداء مصر والشعب في ممارسة قتل الأبرياء. هل معني هذا ان كل رجال الشرطة والذين هم أبناء هذا الشعب آباء وأبناء وأخوة هم الذين ارتكبوا هذه الجريمة؟ بالطبع لا.. وألف.. لا. ان ما يحدث يؤكد ان الهدف هو اسقاط الدولة ومؤسساتها السيادية.. وليس معاقبة الذين كانوا وراء هذا التقصير.. وسبحان الله الذي بيده وحده ان يلهمنا إلي طريق الصواب وينجينا من سوء القصد والمصير.